الأربعاء 15 مايو 2024

حديث الثقافة والهوية...من هنا نبدأ


أحمد رفعت

مقالات1-5-2024 | 16:03

أحمد رفعت

عندما تكون الثقافة في بلد ما.. أي بلد في العالم مجموعة المعارف المكتسبة بمرور الوقت .. أو هي - كما في تعريف آخر - "ذلك النظام المتكامل من المعرفة واللغة والتقاليد والعادات التي يمكن لأي شخص اكتسابها." .. نقول إذا كانت الثقافة بهذه التعريفات وأنها تعاني أزمة بما يؤثر بالضرورة علي " الهوية " .. فأول خطوة لفهم أبعاد ذلك فهم موقف الشعب المقصود من الكتاب.. من الصحيفة..من القراءة بشكل عام..  مع بحث نسب ومعدلات ودراسة " القراءة " في بلادنا وقرب أو ابتعاد المواطن منها .. فمثلا..

تقرير سابق لليونسكو أشار إلى أن ما يقرأه الفرد في أرجاء العالم العربي سنويًا ربع صفحة فقط بينما مؤسسة الفكر العربي أصدرت تقريرا يفيد بأن متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنوياً بينما لا يتعدى متوسط قراءة المواطن العربي 6 دقائق سنويا.. يقرأ الطفل العربي 7 دقائق سنوياً بينما الطفل الأمريكي يقرأ 6 دقائق يوميا ووفق تقرير صادر عن منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة.. ضمن “تقرير التنمية البشرية” الذي نشرته “اليونيسكو” عام 2003 فإن المواطن العربي يقرأ في السنة أقل من كتاب..  فكل 80 شخصاً عربياً يقرأون كتاباً واحداً في السنة.

على تلك الإحصائيات وغيرها بمؤشر القراءة العربي في  2016 وهي دراسة رصينة محكّمة شارك فيها أكثر من 145 ألف مواطن من كافة الوطن العربي، وخلاصة الدراسة أن متوسط قراءة المواطن العربي هو 16 كتابًا في السنة وغيرها من الإحصائيات الأخرى التي تفنّد أكثر الادعاءات بهذا الصدد.

بينما في مجتمعات قريبة من مجتمعاتنا العربية وتتشابه ظروف التعليم والتنشئة والمعيشة عموما كما في القارة الآسيوية حيث تتربع فيها الهند على عرش القراءة بامتياز بنسبة 10 ساعات و42 دقيقة أسبوعياً للفرد تليها تايلاند بنسبة 9 ساعات و30 دقيقة أسبوعياً فالصين فالفلبين .. في أوروبا الجمهورية التشيكية فروسيا ثم تأتي السويد في المرتبة الثامنة لتتصدّر قائمة الدول الأوروبية القارئة تليها مباشرة فرنساً في المرتبة العاشرة ثم المجر بنسبة متساوية 6 ساعات و48 دقيقة أسبوعياً وفي المرتبة 21 الولايات المتحدة وألمانيا بنفس النسبة 5 ساعات و42 دقيقة.. والمثير للغرابة أن لا دول عربية في أفق الإحصائيات على سلم يضم ثلاثين دولة سوى مصر والسعودية..”

في مصر.. تقدمت النائبة هناء أنيس رزق الله عضو مجلس النواب بطلب إحاطة عن تراجع معدلات القراءة بين شباب مصر..

النائبة قالت في طلبها إن عزوف الجيل الحاضر من الشباب عن الاطلاع والقراءة وفقًا للكثير من الأرقام والإحصائيات الصادرة من عدد من المؤسسات المعنية مثل مؤسسة "الفكر العربي ظاهرة تستحق التوقف والدراسة " ورغم أن المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي أعد دراسة قومية أعلنها وزير التعليم أكتوبر الماضي  وكانت نتائجها أن ٣٠٪ من الأطفال في مصر دون المستوى في القراءة والكتابة !

 لكن المفاجأة أن مصر احتلت المرتبة الخامس بين دول العالم الأكثر قراءة بمعدل 7:30 ساعات أسبوعيا وذلك وفقا لأحدث بيانات "NOP World Culture Score Index" حول المؤشر العالمي للإنـجاز الثقافي والصادر مطلع العام الماضي عن شركة Statista الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين بالاشتراك مع صحيفة "إندبندنت" البريطانية..

واعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء نتائج الدراسة أبريل 23 أضاف إليها الجهاز أرقاما مهمة نشرت في حينه جاء بعضها كالتالي:

بلغ عدد دور الكتب والمكتبات العامة والمتخصصة ومكتبات الجامعات والمعاهد 1403 مكتبة (350 عامة 375 متخصصة و678 جـامعية ومعاهد) عام 2021 مقابل 1353 مكتبة (319عامة 394متخصصة  640 جامعية ومعاهد) عام 2020 بنسبة زيادة 3.7٪.

بلغ عدد المترددين (مطالعين/ مستعيرين) 3897 ألف متردد عام 2021 مقابل 3420 ألف متردد (مطالعين / مستعيرين) عام 2020 بنسبة زيادة 13.9٪.

 احتلت المكتبات الجامعية والمعاهد النصيب الأكبر في عدد المطالعين - المستعيرين 2.9 مليون مطالع - مستعير يليها المكتبات العامة 545 ألف مطالع / مستعير لعام 2021.

 بلغ عدد الكتب والكتيبات المؤلفة والمترجمة المودعة إيـداعاً قانونياً بدار الكتب والوثائق القومية 13.9 ألف كتاب وكتيب عام 2021 مقابل 12.8 الف كتاب لعام 2020 بنسبة زيادة 8.6٪ بينما بلغ عدد النسخ المطبوعة 70 ألف نسخة عام 2021 مقابل 64 ألف نسخة عام 2020 بنسبة زيادة 9.4٪.!

الأرقام مبشرة.. لكننا رغم ذلك نحتاج إلى قفزة في معدلات القراءة والاطلاع تسبقها قفزة في إعداد المكتبات وعودة مشروع المكتبات المتنقلة والمكتبات الإلكترونية وغيرها من مشروعات تدفع في اتجاه القراءة..بعدها يمكن بجدية الحديث عن الثقافة في مصر.. ومناقشة كافة تفاصيلها وبالتالي الجديث بوضوح عن الهوية والمخاطر حولها.