الجمعة 21 يونيو 2024

إصدارات «دار الهلال» توثق تاريخ النكبة الفلسطينية وتفضح المخططات الصهيونية لسرقة الأرض

نكبة فلسطين

كنوزنا15-5-2024 | 17:04

بيمن خليل

فترة محفورة في الذاكرة، صفحات من تاريخ لا ينسى مصحوبة بمشاهد أليمة، مرت على الأرض والإنسان، ليست مجرد ذكرى تاريخية بل صرخة ظلت تناجي ضمائر الأجيال عبر عقود من الأزمنة.

في مثل هذا اليوم المؤلم من عام 1948، شهدت أرض فلسطين نكبتها الإنسانية التي لا تُنسى، حيث تشرد الآلاف عن بيوتهم وقُتل مثلهم، وتفرق الشعب مهاجرًا يبحث عن مأوى، في جريمة بشعة فاضحة ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، الآن وبعد مرور 76 عامًا، لا تزال جراح النكبة غائرة في نفوس الفلسطينيين.

وإذا عدنا بالزمن، نجد إصدارات "دار الهلال" خاصة  مجلتي"الهلال" و"المصور" تصدرتا المشهد بتغطيتهما الاستثنائية لأحداث النكبة، من خلال رفع الوعي العربي بمعاناة الشعب الفلسطيني وما تعرض له من تهجير قسري وعمليات إبادة وتدمير للقرى والمدن الفلسطينية، وتعد المجلتان أكبر توثيق حي على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وتمكن العالم من رؤية الحقيقة المرة للنكبة من نافذتيهما.

فلسطين عربية

شاركت مجلة الهلال في أعدادها في الدفاع عن القضية الفلسطينية قبيل الحرب، ونشرت في عددها الصادر في يوليو1948، مقالًا بعنوان «فلسطين العربية» أبرز ما جاء فيه :

فلسطين عربية.. ولم تكن قبل هذا التاريخ يهودية، وإن كان اليهود سكنوها مع العرب، ثم أخرجهم الرومان منها حين غزوا هذه البلاد، فتفرقوا في الأرض، واستقر كل فريق منهم في البلد الذي لجأ إليه.. ومن هذه البلاد بلاد عربية استوطنوها، كمصر والعراق وسوريا ولبنان وشمال إفريقيا فعوملوا معاملة أهلها في الحقوق والواجبات، بينما عاملهم الأوربيون في القرون الوسطى وفى العصور الحديثة معاملة مجحفة!.

وقد عاد بعض اليهود إلى فلسطين، وعاشوا زمنا مع أهلها العرب، فعاملوهم معاملة كريمة، ولكن الاغراض الاستعمارية، والدعوة الصهيونية التي شجعها فريق من اليهود أفسدت بينهم وبين العرب، وجعلت المسألة الفلسطينية مأساة عجيبة في تاريخ الشرق.

وثيقة سرية خطيرة

في 3 يناير 1947، نشرت مجلة «المصور» وثيقة سرية خطيرة للحركة الصهيونية تكشف النوايا الحقيقية والمروعة لإبادة الشعب الفلسطيني، كانت هذه الوثيقة بمثابة لغم موقوت يفضح المخططات الصهيونية الكارثية الذين دبروها لإحلال المستوطنين اليهود محل السكان الأصليين في فلسطين بأبشع الطرق، وثيقة تحمل في طياتها نهجًا ممنهجًا للتطهير العرقي والإبادة الجماعية للفلسطينيين.

كشفت الوثيقة مطامع الصهيونية، وأفادت بـ «تهويد» فلسطين وشرق الأردن وما جاورهما، وهي تتضمن القواعد الأساسية التي تتخذها الصهيونية دستورًا لها، ومناهجها لأعمالها، مفرغة في قلب جلي وواضح وفي شكل «دستور أساسي» كالدساتير التي تخضع لها أنظمة الحكم في مختلف الدول.

جاء ملخص نص الدستور كالآتي:

-1على الزعامة الصهيونية أن تسعى لجعل فلسطين كلها دولة يهودية، لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

-2تمتد حدود الدولة الصهيونية المزمع إنشاؤها من ميناء صيدا شمالا إلى العريش جنوبا على ساحل البحر الأبيض، على ميناء العقبة وخليجها على البحر الأحمر، وليس نهر الأردن حدا للدولة اليهودية بل هو عمودها الفقري، فهي تمتد إلى ما وراءه بحيث تضم المقاطعة المعروفة اليوم بشرق الأردن، حتى الجبال على باديتي الشام والحجاز.

-3 إن المناطق المتاخمة لهذه الحدود يجب أن تدخل في أي حال من الأحوال في دائرة نفوذ الدولة اليهودية بعد إنشائها وتثبيت دعائمها بحيث يبسط ذلك النفوذ اقتصاديا وسياسيا على بيداء الشام حتى نهر الفرات شمالا وشرقا، وحتى أطراف سيناء وجبل السويس جنوبا، فهذه المناطق هي المجال الحيوي الذي لابد منه للدولة اليهودية.

-4إن الدولة اليهودية التي تسعى الصهيونية لإنشائها، والمجال الحيوي اللازم لها، قد أورثهما الله اليهود من قديم الزمان، وما أورثه الله واصل لوراثيه إذا سلكوا إليه السبيل السوي وعملوا له بلا هوادة ولا إبطاء، ولما كانت هذه الأهداف لا تدرك كلها دفعة واحدة، فلا يجب أن تترك الفرصة السانحة لتحقيقها واحدا بعد واحد، على ألا يغيب عن الأذهان أن الهدف الأسمى هو إعادة حكم إسرائيل كاملا، على أرض إسرائيل كاملة.

-5على الصهيونية أن تسلك إلى أهدافها جميع الطرق، وتستخدم جميع الوسائل، وتنذرع بجميع الأساليب، والعنف والقوة آخر ما يجب أن تعمد إليه إذا ضاقت في وجهها السبل، وفشلت المساعي السلمية.

-6يجب التخلص من العرب أولًا، ثم من الإنجليز بعد استخدامهم في التخلص من العرب، والدولة اليهودية يجب أن تبقى لليهود وحدهم، لا سلطة فيها فوق سلطتهم، ولا ملك فيها مع ملكهم، ولا مصلحة فيها بجانب مصلحتهم.

-7الأرض التي يشتريها يهودي من يهودي ليست ربحا للدولة اليهودية، وإنما الأرض التي يشتريها يهودي من غير يهودي هي ربح للدولة اليهودية، على هذه القاعدة يجب أن يسير اليهود، ليس فقط في أرض إسرائيل بل في كل بلد ينزلون فيها خارجًا، فكل ربح يربحونه في أنحاء العالم يجب أن يكون ربحا لإسرائيل.

-8المال دعامة الدولة، والمال لا يستخدم فقط لشراء الأرض، فكل شيء غير الأرض يشترى أيضًا بالمال.

-9صديق الصهيونية وحليفها هو كل مَن يساعدها اليوم على تحقيق أهدافها، فإذا انتهت مساعدته غدًا، فإن صداقته تنتهي معها ومحالفته تزول بزوالها.

-10بين المسلمين والمسيحيين حزازات قديمة، فعلى الصهيونية أن تحييها.

أول جيش عربي في ميدان الحرب

وفي 30 إبرايل 1948، قامت مجلة المصور بالإعلان عن أول جيش عربي ينزل إلى ميدان الحرب، وهو «الجيش العربي الأردني» والذي لا يقل عدد رجاله عن 30 ألف مقاتل، وكان الجيش مزودًا بالعتاد الحربي الكامل ومختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة التي يمكن بواسطتها التغلب على الهاجانا المزودة بمثلها.

وكان يتولى قيادة الجيش الأردني  أمير اللواء عبد القادر باشا الجندي مساعد القائد العام جلوب باشا الإنجليزي، الذي تنحى عن  الاشتراك في الزحف مع بقية الضباط البريطانيين الذين يعاونوه.

الجيش المصري

وفي لافتة جميلة، باركت «المصور» دخول الجيش المصري أرض فلسطين، وكتبت في عدد مايو 1948، أن الشعب تلقى هذه الأنباء بحماسة فائقة، وبتهليل وتكبير من القلوب، والجوانح والحناجر، وأن كل ضابط مصري تلهف أن يحظى بشرف المساهمة في هذا الواجب.

وعن الجنود، أشارت إلى أنهم قد ثارت حميتهم، وتلقوا أوامر الرحيل، بفرح واغتباط، وكانوا يتسابقون في حمل ذخيرتهم وأمتعتهم، ويركضون ركضا إلى فرقهم، مستحثين الزحف السريع إلى الجهاد.

الاكثر قراءة