تعد جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.
ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.
نلتقى اليوم مع العالم والنقد الاجتماعي البريطاني «برتراند راسل»
إيرل راسل الثالث، فيلسوف وعالم منطق ورياضي ومؤرخ وناقد اجتماعي بريطاني. في مراحل مختلفة من حياته، كان راسل ليبرالياً واشتراكياً وداعية سلام، إلا أنه أقر أنه لم يكن أياً من هؤلاء بالمعنى العميق.
وُلد برتراند راسل في 18 مايو 1872 في بلدة رايفنسكروفت، تريليش، مونماوثشاير في ويلز ببيرطانيا لأسرة ليبرالية من أرستقراطية.
كان جده لأبيه، جون راسل وإيرل راسل الأول، الابن الثالث لجون راسل، دوق بيدفورد السادس، والذي شكل الحكومة مرتين بطلب من الملكة فيكتوريا، حيث شغل منصب رئيس الوزراء في أربعينيات وستينيات القرن التاسع عشر.
حاز«برتراند راسل» على منحة دراسية إلى كلية ترينتي في جامعة كامبريدج ، ودرس هناك عام 1890، تعرف حينذاك في الجامعة على جي.إي. مور، وتأثر ب « ألفريد نورث » وايتهيد الذي أوصى به إلى حواريِ كامبريدج، برز بسرعة في الرياضيات والفلسفة وتخرج عام 1893 وحاز الزمالة عام 1895.
من مؤسسي الفلسفة التحليلية
قاد«برتراند راسل» الثورة البريطانية «ضد المثالية» في أوائل القرن العشرين، وهو يعد أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية إلى جانب سلفه كوتلب فريج وتلميذه لودفيش فيتغنشتاين كما يعتبر من أهم علماء المنطق في القرن العشرين.
ألف«راسل» بالشراكة مع « أي. إن. وايتهيد» مبادئ الرياضيات في محاولة لشرح الرياضيات بالمنطق. وتعد مقالته الفلسفية عن التدليل نموذجا فكريا في الفلسفة. ولا زال لعمله أثرا ظاهرا على المنطق والرياضيات ونظرية المجموعات واللغويات والفلسفة وتحديدًا فلسفة اللغة ونظرية المعرفة والميتافيزيقيا.
كان «راسل» ناشطا بارزا في مناهضة الحرب وأحد أنصار التجارة الحرة ومناهضة الإمبريالية، سجن بسبب نشاطه الداعي للسلام خلال الحرب العالمية الأولى، وخسر جراء ذلك منصبه كأستاذ في جامعة كامبردج.
موقف في الحرب العالمية الثانية
عارض «راسل» التسليح ضد ألمانيا النازية، إلا أن رأيه تغير عام 1940 ، فقد رأى أن تجنيب العالم حرب واسعة النطاق أهم من هزيمة هتلر، وخلص «راسل» إلى أن استيلاء أدولف هتلر على أوروبا سيشكل تهديدا دائماً للديمقراطية.
وتبنى «راسل» عام 1943 موقفاً تجاه الحرب الواسعة النطاق دعاه «السلمية السياسية النسبية»، كانت الحرب دائمًا شرًا عظيم، ولكن في بعض الحالات القصوى بشكل خاص، قد تكون الحرب أهون الشرين.
قام «راسل» بحملات ضد أدولف هتلر وانتقد الشمولية الستالينية وهاجم تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام، حيث عمل على تشكيل المحكمة دولية «رسل-سارترر، مع الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، لمحاكمة الولايات المتحدة على جرائمها في فيتنام، كما كان من أنصار نزع الأسلحة النووية، فوقع مع ألبرت أينشتاين بيانًا ضدها عرضه للسجن في عام 1961.
مؤلفات ومواقف
نشر «راسل» سيرته الذاتية في ثلاثة مجلدات في 1967 و1968 و1969، كتب في 23 نوفمبر 1968 إلى التايمز قائلاً أن التحضير من أجل المحاكم الصورية في تشيكوسلوفاكيا كان مقلقاً للغاية، في الشهر نفسه
وناشد«راسل» الأمين العام للأمم المتحدة لدعم لجنة جرائم حرب دولية للتحقيق في جرائم الولايات المتحدة المزعومة في جنوب فيتنام. في الشهر التالي، احتج للأكسي كوسجين على طرد ألكسندر سلوزنستن من اتحاد الكتاب في 31 يناير 1970.
وحاز « راسل» عام 1950على جائزة نوبل للأدب «تقديراً لكتاباته المتنوعة والمهمة والتي يدافع فيها عن المثل الإنسانية وحرية الفكر».
وتوفي «راسل» في 2 فبراير 1970 في منزله عن عمر ناهز ال 98 عامًا في ويلز، وأحرقت رفاته في كلوين باي في 5 فبراير 1970، وحسب وصيته، لم تقم احتفالية دينية ونثر رماده على الجبال الويلزية لاحقاً ذاك العام.
أثر وتكريم
وفي عام 1980، أقيم نصب تذكاري لـ «راسل» بتكليف من لجنة ضمت أي. جي. أير. ويتألف النصب من تمثال نصفي لراسل في ميدان ريد ليون في لندن نحته مارسل كوينت