الثلاثاء 18 يونيو 2024

"الحقوق المتعلقة بالمال" .. موضوع خطبة الجمعة

خطبة الجمعة اليوم

تحقيقات31-5-2024 | 09:29

محمود غانم

تنشر بوابة "دار الهلال" نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، التي جاء تحت عنوان "الحقوق المتعلقة بالمال" حيث تتناول الخطبة ذلك من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ثم تنتهي بالقول أن الإنفاق في وجوه الخيرات حق المجتمع في المال، مما يعمق روح التكافل والتراحم والتعاون، ومن أهم وأوسع وجوه الإنفاق سنة الأضحية للتوسعة على الأهل والفقراء والمحتاجين.

إلى نص الخطبة:

الحقوق المتعلقة بالمال

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، وأَشْهِدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدنا ونبينا مُحَمَّدًا عبده ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلَّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ، وبعد:

فإن المال قوام الحياة به تنتظم معايش الناس وتستقيم حياتهم، وهو ملك الله سبحانه وحده، استخلف فيه الإنسان وجعله أمانة بين يديه اختبارًا له وامتحانا لصدق إيمانه ويقينه حيث يقول الحق سبحانه:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةً، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).

والمؤمن الحق يدرك أن الله سبحانه جعل في المال حقوقًا ينبغي أن تؤدى، حيث يقول الحق سبحانه في صفات المتقين: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}، ويصف نبينا (صلى الله عليه وسلم) أهل المنازل العالية بقوله : (عَبْدُ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ اللهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَل المَنَازِلِ).

فمن هذه الحقوق زكاة المال وهي ركن عظيم من أركان الإسلام، حيث يقول الحق سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَن لَّهُمْ واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا معاذ بن جبل حين بعثه واليا على اليمن:( .... وأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُوْخَدُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتْرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ).

ولعظم شأن الزكاة فقد قُرنت بالصلاة، فلا تُقبل صلاة بغير زكاة، يقول سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما: "ثلاث آیات مقرونات بثلاث، ولا تقبل واحدة بغير قرينتها: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول} فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه، {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} فمن صلى ولم يزاً لم يقبل منه، {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يُقبل منه".

على أن حقوق الفقراء والمساكين وذوي الحاجات في المال لا يقتصر على الزكاة المفروضة، وإنما يدخل فيها سائر الصدقات، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِنَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَ تَمْرَةٍ)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (إنَّ الصَّدَقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ).

وقد وعد الله (عز وجل) المنفقين في وجوه الخيرات بالأجر الجزيل، حيث يقول الحق سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَايِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِنْ يَوْمِ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلی الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين.

لا شك أن الإنفاق في وجوه الخيرات حق المجتمع في المال، مما يعمق روح التكافل والتراحم والتعاون في المجتمع، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم):( قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ).

ومن أهم وأوسع وجوه الإنفاق سنة الأضحية للتوسعة على الأهل والفقراء والمحتاجين، والتي تتحقق بالأداء الفعلي في الأماكن المخصصة لذلك، كما تتحقق بالوكالة من خلال صكوك الأضاحي، حيث يُعد الصك نوعًا من الإنابة في الأضحية مع ما لذلك من فوائد جمة.

اللهم تقبل منا صالح أعمالنا واحفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين.