الأحد 30 يونيو 2024

ترشيد الاستهلاك .. سلوك مستدام وثقافة مجتمعية

ترشيد الاستهلاك

تحقيقات27-6-2024 | 15:40

الترشيد لايرتبط بالأزمات ، فهو سلوك وثقافة يجب إتباعها  في حياتنا اليومية ،  لأن نفعها سيعود على الفرد قبل المجتمع ، والعديد من المبادرات أطلقتها منظمات المجتمع المدني والمؤسسات والجامعات لبدء ترشيد الاستهلاك وتحديدا في قطاع الطاقة، والترشيد هو سلوك يومي من خلال بعض العادات البسيطة التي يمكن للأشخاص القيام بها وتؤدي لنتائج مهمة، وهو سلوك حثت عليه الديانات السماوية، بجانب كونه ثقافة مجتمعية يمكن تربية الأبناء عليها.

ومن بين المبادرات المجتمعية الداعية لترشيد الاستهلاك، كان إطلاق مؤسسة حياة كريمة لحملتها الوطنية الشاملة لترشيد استهلاك الطاقة ودعم البيئة تحت شعار «استهلاك أقل.. تأثير كبير»، وأكد مراقبون أن سلوك الترشيد أمر مطلوب لأنه يحقق الاستغلال الأفضل للموارد كما يمكن الأسرة من بناء عادات يومية مستدامة.

 الاستهلاك المستدام

ومن جانبها، قالت الدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع، إن الترشيد يجب أن يكون صفة أساسية في سلوكيات المواطنين في كل العادات والسلوكيات اليومية، وهو ما يجب غرسه في الأطفال منذ نعومة أظافرهم، موضحة أن المدرسة لها دور في هذا الأمر من خلال تعليم الطلاب كيفية ترشيد التعامل مع كل شيء والحفاظ على المكان وشراء الاحتياجات برشادة.

وأوضحت في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن المدرسة وتحديدا في المرحلتين الابتدائية والإعدادية تلعب دورا هامة في جعل الترشيد جزءا من أهم العادات في أسلوب الحياة وتشجيع الطلاب على الخروج بأفكار إبداعية، وإيجاد مكافأة لأفضل فكرة أو بحث أو مشروع في إطار الترشيد، حتى ينتقل الأمر من أفكار إلى تنفيذ فعلي.

وأضافت أنه بالنسبة لطلاب الثانوي والجامعات، فإنه يجب تعليمهم سلوك الترشيد المرتبط بالاستهلاك المستدام والإنتاج المستدام وأهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الجمعية العام للأمم المتحدة في سبتمبر 2015، ورؤية مصر 2030 التي أطلقها الرئيس السيسي في فبراير 2016، والتي تطورت لتصبح استراتيجية مصر 2030 وأحد أهم أجزائها الاستهلاك المستدام، لذلك يجب على الشباب التفكير بشكل عملي، والخروج من المنظومة القيمية التي تقوم على الاستهلاك إلى مشروعات إبداعية وابتكارية توجه الفرد والأسرة والمجتمع إلى المزيد من الترشيد حفاظا على الموارد الطبيعية والاستثمار فيها وزيادة كفاءتها بما يتفق مع معايير الاستدامة العالمية.

وأشارت إلى أنه على ربة المنزل أيضا أن تركز على الترشيد، وخاصة أن المرأة المصرية رشيدة بالفعل في كل شيء، لكن يجب التركيز على سلوك الترشيد ونقله للأبناء في استهلاك الكهرباء والمياه والمواد الغذائية والملابس المستعملة وغير المستعملة وغير ذلك، حتى يكون ذلك أسلوب حياة، مؤكدة الدور المحوري للمؤسسات الدينية حتى تقوم بوظيفة الترشيد.

ولفتت إلى أن القرآن الكريم قال "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا"، كما أن هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تدعو للترشيد والتوكل على الله، مشيرة إلى أنه يجب ألا تكون مصروفات الأسرة أكثر من دخلها، فيجب إعادة النظر وبصورة تشاركية داخل الاسرة في المصروفات وما يمكن الترشيد فيه وما يجب الاستثمار فيه بشكل أكبر.

وأكدت، أن هناك العديد من السلوكيات التي يتبعها الأشخاص بها عدم ترشيد ويحتاجون إلى تغييرها، مثل ترك كل أضواء المنزل مضاءة في حالة عدم استخدام الحجرة أو المكان، أو ترك صنابير المياه دون غلقها بشكل محكم، أو إن تعطلت تترك بدون تصليح، مشددة على ضرورة تعلم المهن البسيطة التي تساعد الأسرة على إصلاح بعض الأعطال الخفيفة مثل تغيير صنبور المياه أو غير ذلك بالنسبة للمياه والكهرباء في المنزل.

ولفتت إلى أنه فيما يخص المصروفات اليومية، يمكن ترشيد استهلاك المصروفات على الوجبات الغذائية السريعة وطلبها من الخارج طوال الوقت، لأنها بجانب تكلفتها العالية ضارة للغاية على الصحة بسبب ارتفاع نسب الدهون والمواد الحافظة بها، مشيرة إلى أن الشباب والأبناء يجب عليهم تعلم مهارات الادخار وأن ينظروا للمستقبل بنظرة تدبر وتفكير وخلق مصادر دخل تحقق لهم النفع.

الترشيد ثقافة حث عليها الإسلام

ومن جانبه، قال الدكتور عبد الغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الإسلام وضع ثقافة الترشيد وحث المسلمون عليها منذ اللحظة الأولى ليس في الاستهلاك ولكن في كل شيء وحتى العبادات، مستشهدا بما ورد في السنة النبوية، أن رجلا ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنه لا يتزوج النساء وأنه يصوم ولا يفطر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لكني أنا أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.

واستشهد في تصريح لبوابة دار الهلال، بما ورد عن حنظلة بن الربيع أحد كتاب رسول الله ﷺ قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله ما تقول؟! قلت: نكون عند رسول الله ﷺ يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله ﷺ عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لما ذهبوا إليه والذي نفسي بيده، لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، لكن يا حنظلة ساعة وساعة.

وأضاف أن الإسلام دعا الى الاقتصاد، فقال الله سبحانه وتعالى "لا يكلف الله نفسا الا وسعها"، فالاقتصاد في كل شيء، وأمر بذلك ليس فقط في أوقات الأزمات، ولكن قدم معالجة حضارية فيما يتعلق بالسلوك والعبادات، فقد حث النبي على عدم الإسراف في المياه حتى إن كان الشخص على نهر جار، كما قال الله سبحانه وتعالى "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين".

ولفت إلى أن الإسلام قدم ذلك في العبادات والمعاملات اليومية وكافة المعالجات العميقة للقضايا، والتي منها مسؤولية الحاكم والمحكوم، مضيفا أنه يجب أخذ المعالجة الإسلامية بشكل كامل متكامل لأنها راعت كل الأبعاد سواء النفسية أو الشكلية أو التعليمية أو الموضوعية.

الاكثر قراءة