تسعى الدبلوماسية الأمريكية بمساعدة المبعوث الخاص آموس هوكستين إلى إعادة التهدئة إلى الداخل اللبناني مرة أخرى، إذ يزداد القصف الإسرائيلي في الأونة الأخيرة على الثلاثة قطاعات بداخل الأراضي اللبنانية خاصة في الضاحية الجنوبية.
زيارة المبعوث الأمريكي إلى لبنان
وصل المبعوث الأمريكي الخاص آموس هوكستين إلى بيروت أمس الثلاثاء، حاملاً معه خطة تهدف إلى تهدئة الأوضاع بين إسرائيل وحزب الله، وقد التقى هوكستين بعدد من المسؤولين اللبنانيين، أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، لمناقشة التفاصيل المتعلقة بالتصعيد العسكري، ولم تكن بيروت سوى المحطة الأولى لهوكستين، حيث يتوجه بعدها إلى تل أبيب لإجراء مباحثات مماثلة مع الحكومة الإسرائيلية.
وفي السياق ذاته، أعلن المبعوث الأمريكي، اليوم الأربعاء، أنه سيسافر إلى إسرائيل خلال ساعات بهدف استكمال العمل على التوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحزب الله، وصرح هوسكتين أنه حدث في المفاوضات الجارية تقدما كبيرا وأنه سوف يسافر إلى إسرائيل في محاولة لوقف إطلاق النار.
وقد أشار محمد فوزي، الباحث في المركز المصري للدراسات، في وقت سابق إلى أنه هناك اجماع في داخل الإدارة الأمريكية بضرورة التوصل اتفاق ينهي حالة الحرب على الحدود بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وارجاع خطة التهدئة في الصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي حين تولي ترامب الأمور بشكل رسمي في مطلع العام المقبل.
وأكمل: أنه تسلم رئيس النواب اللبناني وثيقة التهدئة، ازدادت الهجمات الإسرائيلية أكثر على الضاحية الجنوبية والعاصمة بيروت، وبذلك أرسل الجانب الإسرائيلي رسالة للجانب الأمريكي واللبناني بعدم النية في التهدئة في الوقت الحالي، وذلك تماشيا مع مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وعلى الجانب الأخر، أشار الباحث السياسي الدكتور توفيق شومان، في مقابلة مع قناة القاهرة الإخبارية، إلى أن زيارة هوكستين قد تكون محاولة أخيرة لإنقاذ الوضع، لكن هناك شكوك كبيرة حول قدرتها على تحقيق اختراق حقيقي.
وأضاف شومان: المسألة ليست مجرد خلاف على التفاصيل، بل هي صراع طويل الأمد على النفوذ والسيادة، وكل طرف لديه أولويات مختلفة تمامًا عن الأخر.
النقاط الأساسية في المفاوضات
تتمحور المفاوضات بين الأطراف حول قضايا معقدة أبرزها: آلية وقف إطلاق النار، إذ يطالب الجانب اللبناني بوقف كامل للعمليات العسكرية الإسرائيلية، في حين ترفض إسرائيل التخلي عن حقها في القيام بعمليات استباقية، وفي نفس الوقت، تدعو لبنان إلى تعزيز دور القوات الدولية كضامن للأمن، بينما تضغط إسرائيل لتحويلها إلى قوة قتالية ضد حزب الله، وعلى الجانب الأخر، تطالب إسرائيل بنزع سلاح حزب الله في المناطق الحدودية، وهو مطلب يرفضه الحزب تماما.
وفي سياق آخر، قدم المبعوث الأمريكي خطة تتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال 7 أيام من توقيع الاتفاق، نشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية بدعم من قوات الطوارئ الدولية، فضلا عن نزع سلاح الجماعات المسلحة جنوب نهر الليطاني خلال 60 يومًا، والتزام الطرفين بتنفيذ القرار 1701 الذي صدر عقب حرب 2006.
ورغم ما تبدو عليه الخطة من توازن، إلا أنها تواجه معارضة من الطرفين، يرفض حزب الله أي خطوات قد تُفسر كتنازل عن سلاحه أو سيادته، بينما تطالب إسرائيل بضمانات أمنية أكبر.
الرؤية اللبنانية_ الإسرائيلية للمفاوضات
أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يقود المفاوضات من الجانب اللبناني، أن بيروت لن تقبل بأي تسوية تمس سيادتها أو تؤثر على دور الجيش اللبناني، وأضاف بري أن المعادلة واضحة، لا يمكن الحديث عن أي اتفاق ما لم يضمن حقوق لبنان ويحفظ استقراره.
وعلى الجانب الآخر، تتمسك إسرائيل بموقفها المتشدد، بحث صرح مسؤول إسرائيلي بارز: لن نقبل بوجود أي تهديد على حدودنا الشمالية، ووقف إطلاق النار يجب أن يكون مشروطًا بإنهاء نشاطات حزب الله العسكرية، ويتردد أن إسرائيل تسعى للحصول على دعم أمريكي لتوسيع عملياتها العسكرية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
رؤية حزب الله
وبالنسبة لحزب الله، تبدو المعركة أكبر من مجرد نزاع حدودي. في بيان أصدره الحزب، شدد على أن أي اتفاق يجب أن يركز على وقف العدوان الإسرائيلي وضمان عدم تكرار الاعتداءات، وأن المقاومة مستعدة للدفاع عن لبنان مهما كانت التحديات.
ووسط التصعيد العسكري، يدفع المدنيون في لبنان وإسرائيل الثمن الأكبر، بينما تشير تقارير المنظمات الإنسانية إلى كارثة إنسانية تتكشف في جنوب لبنان، حيث يعيش آلاف النازحين في ظروف مأساوية.
ويرى مراقبون أن أي تسوية لن تكون ممكنة ما لم تُقدّم ضمانات أمنية وسياسية للطرفين، مع تعزيز دور المجتمع الدولي، ولكن مع تعنت الأطراف وتصاعد الخسائر، يبدو أن المنطقة قد تكون على وشك مواجهة جديدة، قد تكون أكثر دمارًا من سابقاتها.