يبدو أن لبنان يتجهز لخوض جولة أخرى من الصراع مع إسرائيل، التي لم تبد من جانبها أي التزام باتفاق وقف إطلاق النار المبرم بدعم أمريكي، حيث تستمر في شن هجماتها الدامية على الأراضي اللبنانية.
وفي المقابل، وقف "حزب الله" اللبناني، الذي يقول إنه حقق نصرًا مؤزرًا في الاشتباكات التي خاضها مع إسرائيل لأكثر من عام مكتوف الأيدي حيال الهجمات الإسرائيلية المتكررة رغم اتفاق وقف إطلاق النار، غير أنه لم يحتفظ بذلك الوضع طويلًا.
الاتفاق تحت النيران الإسرائيلية
وقصف "حزب الله"، أمس الاثنين، معسكرا إسرائيليا في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، كـ"رد دفاعي أولي تحذيري" بعد خروقات تل أبيب لاتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين.
وذكر "حزب الله"، في بيان، أنه نفذ ردًا دفاعيًا أوليًا تحذيريًا، مستهدفًا موقع "رويسات" العلم التابع لجيش العدو الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة.
وبرر "الحزب" ذلك الاستهداف بأنه يأتي على إثر الخروقات المتكررة التي يبادر إليها "العدو" الإسرائيلي لاتفاق وقف الأعمال العدائية، والتي تتخذ أشكالاً متعددة، منها إطلاق النيران على المدنيين والغارات الجوية في أنحاء مختلفة من لبنان، ما أدى إلى استشهاد مواطنين وإصابة آخرين بجراح.
ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ، الأربعاء الماضي، درجت الأخيرة على خرقه مرات عدة عبر تنفيذ غارات دامية ضد الأراضي اللبنانية.
وعقب التطورات الأخيرة، شنت طائرات حربية إسرائيلية غارات في أنحاء متفرقة من لبنان، استهدفت مقاتلين وعشرات المنصات الصاروخية والبنى التحتية العسكرية لـ"حزب الله"، على حد زعمه.
وبعيدًا عن الرواية العبرية، أسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد 9 أشخاص، فضلًا عن إصابة 3 آخرين في حصيلة أولية صادرة عن السلطات الصحية في لبنان.
ومتجاهلًا خروقات بلاده المتكررة، توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالرد بقوة على إطلاق حزب الله صواريخ على موقع عسكري في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، معتبرًا ذلك "انتهاكًا خطيرًا لوقف إطلاق النار".
وفي الإطار نفسه، أفادت هيئة البث الإسرائيلية، بأن وزير الدفاع يسرائيل كاتس صادق على خطط لشن هجمات واسعة النطاق على حزب الله، موضحة أن إسرائيل أبلغت واشنطن بنيتها تنفيذ سلسلة هجمات على لبنان ردًا على إطلاق حزب الله صواريخ، كاشفة أن المستوى السياسي وافق على تكثيف الهجمات على الحدود السورية اللبنانية.
تحذير أمريكي
وتتزايد المخاوف في هذه الأثناء من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، إذ حذرت الولايات المتحدة إسرائيل من عواقب انتهاكاتها لاتفاق وقف إطلاق النار بلبنان، وأبلغتها بوجود خروقات.
في غضون ذلك، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن المبعوث الأمريكي إلى لبنان آموس هوكشتاين نقل رسالة لتل أبيب بأن هناك خروقًا إسرائيلية للاتفاق.
كما اتهم لبنان إسرائيل بـ"خرق فاضح" لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه الأسبوع الماضي، داعيًا لجنة مراقبة الاتفاق إلى مباشرة مهامها بشكل عاجل وإلزام تل أبيب بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الأراضي اللبنانية التي تحتلها.
وعقب حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 ضد قطاع غزة، بدأت فصائل في لبنان، ومنها "حزب الله" في فتح جبهة إسناد، بقصف المدن والبلدات الإسرائيلية، ولا سيما تلك الواقعة في الشمال، وهو ما قابلته إسرائيل بالمثل، مما تسبب في نزوح عشرات الآلاف على جانبي الخط الأزرق "الفاصل بين البلدين".
وقرن "حزب الله" وقف هجماته بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وعلى إثر ذلك، وسعت "تل أبيب"، في سبتمبر الماضي، نطاق هجماتها ضد الأراضي اللبنانية لتشمل معظم مناطق لبنان، حتى العاصمة بيروت، قبل أن تبدأ لاحقًا غزوًا بريًا في جنوبه.
وفي الـ27 من نوفمبر 2024، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين حيز التنفيذ، منهيًا بذلك الاشتباكات الدامية التي شنتها إسرائيل على لبنان، لأكثر من 13 شهرًا، تحت ذريعة تدمير البنية التحتية لـ"حزب الله"، بيد أن إسرائيل خرقت الاتفاق عشرات المرات وشنت هجمات في الأراضي اللبنانية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.