يوافق اليوم الاثنين 20 يناير ذكرى ميلاد الزعيم الراحل محمد فريد، الذي ولد في العام 1868 وعاش حياته ينفق ثروته في سبيل القضية المصرية، فناضل الزعيم الراحل محمد فريد من أجل الدستور والجلاء إبان الاحتلال الإنجليزي، نضال شهد له التاريخ وجدران السجون والمنفى في عهد حكومة الاحتلال، ولعب دورًا اجتماعيًا بارزًا في التنوير، فأنشأ مدارس ليلية في الأحياء الشعبية، والأقاليم لنشر العلم بين الفئات الأكثر فقرًا وكبار السن الأميين بالمجان، وعلى نفقته الخاصة، وذلك بهدف تعليم الشعب ليكون أكثر بصيرة بحقوقه، وتكتيله في تشكيلات ليكون أكثر قوة وارتباطًا، ودرّس في هذه المدارس رجال الحزب الوطني وأنصاره من المحامين والأطباء الناجحين، وضمت أحياء القاهرة ومن بعدها الأقاليم.
وكان فريد رفيقًا للزعيم المصري مصطفى كامل في السلك القضائي، واستقالا سويا ليتشاركا مسيرة الكفاح، فلما مات مصطفى كامل خلفه فريد في رئاسة "الحزب الوطني"، ليدشن مرحلة جديدة من كفاح الحركة الوطنية المصرية، بدأها بحملة صحفية تدعو المصريين إلى التوقيع على عريضة تطالب حاكم مصر الخديوي عباس بإعلان دستور للبلاد.
وبتطور الحراك، شنت صحف "الحزب الوطني" حملة قوية ضد الاحتلال، مطالبة بالجلاء، وتنامت حركة جمع التوقيعات بين الطلاب وفي الريف، ونظم الحزب عددًا من المظاهرات تطالب بالجلاء والدستور.
وذكر المؤرخ عبد الرحمن الرافعي إن هذه الحركة غرست في نفوس المصريين التعلق بالنظام الدستوري، وكراهية الاستبداد، وأيقظت الشعور الوطني، وحشدت الأمة للمطالبة بحقوقها المشروعة، وأنها هي "مصدر السلطات".
وامتدت إنجازات الحقوقي محمد فريد لتأسيس حركة النقابات، فأنشأ أول نقابة للعمال في 1909، وأنشأ معها أول اتحاد تجاري، كما دعا لوضع مجموعة من القواعد القانونية لحقوق العمال، وكانت "نقابة عمال الصنائع اليدوية" النواة التي استهل بها التاريخ النقابي في مصر ومقرها بولاق، وبلغ عدد أعضائها 800 عضو.
وعلى الصعيد السياسي وضع محمد فريد صيغة موحدة للمطالبة بالدستور، طبع منها عشرات الآلاف من النسخ، ودعا الشعب إلى توقيعها وإرسالها إليه ليقدمها إلى الخديوي، ونجحت الحملة ليذهب فريد إلى القصر ويسلم أول دفعة من التوقيعات والتي حملت 45 ألف توقيع تلتها بعد ذلك دفعات أخرى.
حُكم على محمد فريد بالسجن ستة أشهر، قضاها جميعاً، في سبيل دعوته إلى الجلاء والدستور، لكنه استمر في دعوته، حتى ضاقت الحكومة المصرية الموالية للاحتلال به وبيتت النية بسجنه للمرة الثانية، فغادر البلاد إلى أوروبا سراً، وفي 15 نوفمبر 1919 وافته المنية وحيدًا فقيرًا في برلين بألمانيا وحيدًا فقيرًا حتى أن أهله بمصر لم يجدوا مالاً كافياً لنقل جثمانه إلى أرض الوطن، إلى أن تولّى أحد تجار القماش المصريين نقله بنفسه على نفقته الخاصة، وسافر لإحضار جثمانهِ من الخارج وقد مُنح نيشان الوطنية من الحكومة المصرية تقديراً لجهودهِ في هذا الشأن.