الأربعاء 29 يناير 2025

أخبار

رئيس مركز المعلومات بمجلس الوزراء: قيمة الذكاء الصناعي بحلول 2030 سيبلغ 16 تريليون دولار

  • 27-1-2025 | 14:38

الدكتور أسامة الجوهري

طباعة
  • دار الهلال

أكد مساعد رئيس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الدكتور أسامة الجوهري على أهمية الذكاء الصناعي في الحياة وأن قيمة الذكاء الصناعي بحلول عام 2030 سيبلغ 16 تريليون دولار من إجمالي الناتج العالمي، مشيرا إلى أن قيمة صناعة الذكاء الاصطناعي عالميًا بلغ بأكثر من 70 مليار دولار، وفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، في ظل نظام بيئي ديناميكي يضم أكثر من 4300 شركة حول العالم مشيرا الى أن توقعات بنك أوف أمريكا إلى أن هذه الصناعة ستُسهم بنحو 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، مع زيادة ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 26.1% في الصين و14.5% في أمريكا الشمالية خلال الفترة نفسها.

جاء ذلك خلال الندوة التى نظمها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، ومركز تريندز للبحوث والاستشارات بدولة الإمارات العربية المتحدة، ندوة بعنوان "تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية والازدهار: رؤى وتصورات للمستقبل"، برعاية إعلامية من قبل وكالة أنباء الشرق الأوسط وجريدة الاتحاد الإماراتية، وذلك بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين والأكاديميين، اليوم الاثنين ، بمقر مركز المعلومات بالعاصمة الإدارية الجديدة .

ورحب الجوهرى بالحضور خلاا الندوة والتي تجمع بين نخبة من القامات والشخصيات البارزة وبين موضوع حيوي يأتي في توقيت بالغ الأهمية، وأعرب عن تقديره العميق للمَحفَل الذي يجمعنا اليوم، والذي يحمل إرثًا ممتدًا لأكثر من 40 عامًا من النقاشات والرؤى الملهمة التي قدمها كبار المفكرين.

وأشاد بالتعاون المثمر الذي جمع بين مختلف المؤسسات المنظمة لهذه الندوة، بما في ذلك مركز تريندز ومكتبة الإسكندرية، الذين أسهموا بجهودهم المميزة في إنجاح هذا الحدث.

وقال: "نؤمن دائمًا بأهمية الانفتاح على مؤسسات الفكر الرائدة على المستويين الإقليمي والدولي، من منطلق الالتزام بتعزيز قيم المشاركة وتبادل المعرفة والخبرات في مواجهة القضايا ذات الأهمية الكبرى وخاصة تلك التي تتطلب حوارًا جادًا وتنسيقًا وثيقًا بين مختلف الشركاء، كما هو الحال في موضوع الندوة اليوم".

وأكد مساعد رئيس مجلس الوزراء ان التطورات التكنولوجية المتسارعة تُعد من أبرز السمات التي تميز عصرنا الحالي، ويأتي في طليعة هذه التطورات الذكاء الاصطناعي، الذي تجاوز كونه مجرد تقنية ليصبح قوة محورية تُشكّل ملامح مستقبلنا ،مشيرا الى أن الذكاء الاصطناعي بات حركًا رئيسيًا للتغيير عبر مختلف القطاعات، بدءًا من الاقتصاد والصحة، وصولًا إلى الزراعة والدفاع.

ولفت إلى أن الإحصاءات تشير أن صناعة الذكاء الاصطناعي ليست فقط واحدة من أسرع الصناعات نموًا، بل إنها أيضًا تُحدث تغييرات جوهرية تُعيد تشكيل العالم من حولنا.

ونوه بأنه إذا كانت قوى البخار والفحم قد شكلت نقطة الانطلاق للثورة الصناعية الأولى، واكتشافات النفط والغاز قد دشنت الثورة الصناعية الثانية، والحاسب الآلي والإنترنت قد أصبحا عماد الثورة الصناعية الثالثة، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي تمثل جوهر الثورة الصناعية الرابعة التي نشهدها اليوم.

وبين أن تأثير الذكاء الاصطناعي يبرز جليًا في تحقيق إنجازات علمية نالت أعلى درجات التقدير العالمي؛ ومُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2024 لكل من العالم الأمريكي جون هوبفيلد والعالم البريطاني الكندي جيفري هينتون، وهما من الرواد المؤسسين لتقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، تقديرًا لإسهاماتهما الرائدة في مجال التعلم الآلي.

وأظهر أنه كان للنجاح التاريخي الذي حققه تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي "شات جي بي تي" أثر واضح في لفت أنظار العالم، حيث استخدمه 57 مليون مستخدم خلال الشهر الأول من إطلاقه، ووصل عدد زواره الشهريين إلى ما يقدر بـ 100 مليون ،لا فتا إلى ان هذا النجاح دفع كبرى شركات التكنولوجيا للدخول في سباق محموم للاستثمار في تطوير منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يؤكد قوة هذه التقنية وإمكاناتها غير المحدودة.

وأشار إلى أن توقعات الإنفاق المتزايد لشركات التكنولوجيا الكبرى، الذي يُقدَّر أن يصل إلى 250 مليار دولار أمريكي على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2025. وتعد شركة مايكروسوفت نموذجًا بارزًا لهذا التوجه، حيث تخطط لاستثمار 80 مليار دولار خلال عام 2025 لتطوير مراكز بيانات مخصصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وتوسيع نطاق خدمات الحوسبة السحابية، ونشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ولفت إلى أنه من المتوقع في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، أن يبلغ إجمالي الإنفاق على الذكاء الاصطناعي نحو 4.5 مليار دولار في عام 2024، ليصل إلى 14.6 مليار دولار بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 34%. هذه المؤشرات تعكس الإمكانات الهائلة التي يحملها الذكاء الاصطناعي لتعزيز النمو الاقتصادي ودفع عجلة التحول الرقمي في المنطقة، منوها بأن هذه الأرقام المذهلة ليست مجرد إحصاءات، بل هي مؤشر على التحولات الكبرى التي يشهدها العالم.

ونوه أنه في ظل ما يقدمه الذكاء الاصطناعي من إمكانات حالية ووعود مستقبلية، يبرز سؤال جوهري: كيف يمكن تسخير هذه التقنية لمواجهة التحديات التنموية الكبرى؟ فالابتكار، في عالم محدود الموارد، لم يعد رفاهية بل ضرورة، والذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية بقدرته على تسريع الاكتشافات وفتح آفاق جديدة لحل المشكلات العالمية.

وأشار إلى أنه رغم التقدم المحرز في بعض أهداف التنمية المستدامة، يشير تقرير الأمم المتحدة لعام 2023 إلى أن أكثر من 80% منها انحرفت عن مسارها أو توقفت أو تراجعت، مما يستدعي حلولًا مبتكرة تسد هذه الفجوة، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، الذي أثبتت الدراسات قدرته على المساهمة في تحقيق 79% من هذه الأهداف، خاصة في مجالات الصحة، التعليم، الطاقة، والبيئة.

وبين أنه وفقًا لاستطلاع ماكينزي لعام 2024، يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات ثورية لتحقيق تقدم ملموس في أهداف رئيسية، من أهداف التنمية المستدامة مثل ،الصحة الجيدة و التعليم الجيد ، العمل المناخي ، الطاقة النظيفة ، والمدن المستدامة.

ودعا الجوهرى فى كلمته إلى التأمل ببعض الأمثلة عن كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون شريكًا فاعلًا في تحقيق هذه الأهداف ،مشيرا إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم بشكل كبير في القضاء على الفقر والجوع لتحقيق الهدف (الأول والثاني) من أهداف التنمية المستدامة، عبر توفير رؤى دقيقة حول الاحتياجات المحلية. كما يمكن تحليل صور الأقمار الصناعية للتنبؤ بالمحاصيل، وتحديد المناطق الأكثر عرضة للجفاف أو الفيضانات؛ مما يسمح باتخاذ إجراءات استباقية لحماية الأمن الغذائي.

أما فيما يخص الهدف الثالث والمتعلق بالصحة فيمكن للذكاء الاصطناعي تسريع اكتشاف الأدوية، وتحسين التشخيص، وتقديم رعاية صحية شخصية.

وقال "دعونا نتخيل أنظمة تشخيص الأمراض المبكرة بناءً على تحليل الصور الطبية، أو روبوتات مساعدة تقدم الرعاية لكبار السن في منازلهم، ولقد أثبتت جائحة كوفيد-19 بوضوح قدرة الذكاء الاصطناعي على تسريع وتيرة الاكتشافات العلمية وتطوير الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات الصحية العالمية. فمن خلال تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية، تمكّن العلماء من تطوير لقاحات فعالة في وقت قياسي، وتتبع انتشار الفيروس، وتطوير علاجات جديدة".

وعن تحقيق الهدف الرابع والخاص بالتعليم الجيد؛ اوضح الجوهرى فلا تزال هناك تحديات كبيرة في تحقيق هذا الهدف، فنحو 59 مليون طفل لا يلتحقون بالمدارس الابتدائية. ومن بين الأطفال الملتحقين بالمدارس، فإن 70% من الأطفال في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل لا يمتلكون مهارات قراءة وفهم كافية. إذا استمر هذا الاتجاه، فمن المتوقع أنه بحلول عام 2030 ستحقق دولة واحدة فقط من كل ست دول هدف إتمام التعليم الثانوي بشكل شامل، وسيُعاني نحو 300 مليون طالب من نقص في المهارات الأساسية في القراءة والحساب الضرورية للنجاح. وفي عام 2020، كان أكثر من 14% من المعلّمين حول العالم يفتقرون إلى المؤهلات الدنيا، مع وجود نقص واضح في أعداد المعلمين بما يفاقم الوصول إلى التعليم الجيد.

ونوه أن مجال التعليم يشهد طفرة في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للتعلم الشخصي، فيمكن لهذه الأنظمة الذكية أن تعمل كمعلّمين افتراضيين؛ ما يساعد المعلمين والطلاب على حد سواء من خلال تخصيص تجارب التعلم وفقًا لاحتياجات كل طالب. هذا النهج يمكن أن يصبح ذا أهمية خاصة في المناطق ذات الموارد المحدودة في البلدان منخفضة الدخل. دعونا نتخيل معًا منصات تعليمية تفاعلية تتكيف مع احتياجات كل طالب على حدة.

وأشار إلى أن اليونسكو اكدت في تقريرها الأخير أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون محركًا للتغيير في مجال التعليم، مع الحفاظ على المعايير الأخلاقية. وتظهر الدراسات أن تطبيقات مثل: Read Along وQuill، قد حقّقت نتائج واعدة في تحسين مهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب. وهو ما يؤكد إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لتخصيص التعليم، وتعزيز المشاركة، وتحسين النتائج التعليمية بشكل عام.

وبين أن إحدى المساهمات الأساسية للذكاء الاصطناعي تكمن في مكافحة تغير المناخ، والذي يأتي في الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة في قدرته على تعزيز النمذجة المناخية والتنبؤ بها؛ إذ تقوم خوارزميات التعلم الآلي المتقدمة بتحليل مجموعات بيانات واسعة، تتضمن متغيرات مثل: درجة الحرارة، وهطول الأمطار، وتكوين الغلاف الجوي. وهذا يتيح تنبؤات مناخية أكثر دقةً، بما يساعد العلماء وصانعي السياسات على توقع التغيرات في أنماط الطقس والأحداث المتطرفة والاستعداد له.

ونوه رئيس مركز المعلومات أنه في الوقت الذي يشهد فيه الذكاء الاصطناعي تقدمًا مذهلًا وتتسع تطبيقاته في مختلف المجالات، ويبرز العديد من الإنجازات والطموحات التي تتعلق بدوره في تحقيق التنمية المستدامة، تبرز مخاوف جدية حول آثاره السلبية المحتملة في مجالات القيم والأخلاق والتعليم والإبداع وفقدان بعض الوظائف، بل والتنافس السلبي والاستقطاب بين القوى الدولية، وهو ما يعني الحاجة إلى المزيد من الاهتمام العربي والعمل المشترك للاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي والتغلب على ما يفرضه من تحديات.

وتابع: "إذا أردنا أن نبني مجتمعات عربية مستدامة ومزدهرة فعلينا العمل بجد للإسهام في الثورة الصناعية الرابعة والاستثمار في الذكاء الإنساني والاصطناعي معًا؛ حتى لا نتخلف عن ركب التقدم؛ فقد أصبحت الدول الكبرى تستثمر بكثافة في تطوير الذكاء الاصطناعي، وتتبنى استراتيجيات طموحة لدمجه في مختلف القطاعات. فالهند، على سبيل المثال، أطلقت مبادرة طموحة لدمج الذكاء الاصطناعي في نسيجها الاجتماعي والاقتصادي، والصين وضعت لوائح تنظيمية لضمان الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، والولايات المتحدة تستثمر بكثافة في تطوير البنية التحتية اللازمة للذكاء الاصطناعي.

وأكد أنه من إدراك مركز المعلومات لأهمية مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، كان المركز رائدًا في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في مختلف الأنشطة المتعلقة بالإنتاج المعرفي ،و اعتمد المركز على تقنيات الذكاء الاصطناعي لبناء نماذج دقيقة للتنبؤ بأسعار السلع الاستراتيجية، كما استخدمنا تقنيات الذكاء الاصطناعي في اللوحات المعلوماتية الذكية؛ لإدارة أكثر من 263 ألف عنصر بيان -وهي الأولى من نوعها في مصر- باستخدام سيناريوهات التنبؤ المستقبلي الافتراضي (ماذا لو) للتنبؤ بالمتغيرات الاقتصادية (الناتج المحلي الإجمالي، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتحولات العاملين بالخارج).

وبين أنه تم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في بوابة التشريعات المصرية، وهي أول قاعدة تشريعات حكومية يُوطّن بها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتحتوي على أكثر من 300 ألف تشريع، و120 ألف حكم؛ مما يجعلها مصدرًا شاملًا ودقيقًا للمعلومات القانونية وتعتبر احد أدوات القوى الناعمة التى تم استخدام الذكاء الصناعي بها، فضلا عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في "نظام إدارة المعرفة"، وهو تطبيق متكامل لإدارة المحتوى المعلوماتي والمعرفي عبر تكامل قواعد البيانات الكمية والكيفية التي تحتوي على ١٢٨٥ عنصر بيان بسلاسل زمنية وأبعاد تصل إلى ١٥ ألف عنصر بيان فرعي و٢٠ لوحة معلوماتية.

وأضاف أنه تم استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل نحو 723 دراسة وتقريرًا صادرًا عن جهات بحثية محلية وعالمية مرموقة، فقد تم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على تحليل كم هائل من البيانات، وقد مكَّن هذا النهج من استخلاص رؤى قيّمة حول الاتجاهات المستقبلية للقطاعات الاقتصادية المختلفة، وتحديد الفرص الاستثمارية التي يمكن للدولة المصرية اغتنامها لتحقيق التنمية المستدامة.

كما يسعى المركز جاهدًا لنشر الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في تشكيل المستقبل، وذلك من خلال مجموعة من المبادرات المتنوعة، بما في ذلك إصدار نشرة "المستقبل بعيون الذكاء الاصطناعي" التي تقدم تحليلات وبيانات حول أحدث التطورات في هذا المجال. ولا يقتصر دور المركز على نشر المعلومات النظرية، بل يتعداه إلى توفير فرص تفاعلية للتعلم والاستكشاف من خلال مختبرات المستقبل وورش العمل التفاعلية، حتى يتمكن المشاركون من التعرف على أحدث تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتجربتها بشكل عملي.

وأضاف أن المركز أصدر ورقة سياسات بعنوان "شركات الأمن السيبراني الناشئة: جهود مصرية وفرص عالمية"، وأخرى بعنوان " تمكين الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مصر"، إلى جانب "تجارب دولية بارزة لدعم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي".

وأشار إلى استخدام المرصد الإعلامي لتطويع الرد على أى معلومة عن مصر ،كما تم إصدار بعد النشرات باستخدام الذكاء الصناعي.

وأعرب الجوهرى فى ختام كلمته عن تمنياته أن تكون هذه الندوة منصة ملهمة للحوار البنّاء، وفرصة لإثراء الأفكار والتعاون المشترك من أجل تحقيق الأهداف التي نسعى إليها جميعًا. 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة