شهدت اليوم قاعة «الصالون الثقافي»؛ ندوة «لورنس داريل: رباعية الإسكندرية»؛ ضمن محور «تأثيرات مصرية»؛ بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، وأدار الندوة الكاتب والناقد شعبان يوسف.
في البداية، رحب يوسف؛ بالحضور وأعرب عن الشكر؛ للهيئة العامة للكتاب؛ لاختيارها هذا المحور المهم «تأثيرات مصرية»، الذي يتناول كينونة؛ وشخصية مصر؛ من وجهات نظر متعددة؛ عربية وأجنبية، وكيف أبدع الكتاب في تقديم صورة مصر في كتاباتهم؛ وتابع قائلًا: «شهدت مصر في أواخر القرن التاسع عشر هجرات متعددة من المثقفين العرب والأجانب، ما أدى إلى إنتاج إبداع لا ينتهي؛ فترجمة فخري لبيب؛ لرباعية الإسكندرية؛ لم تكن الأولى، لكنها كانت الأفضل»، مشيرًا إلى أن العديد من الكتاب تحدثوا عن الإسكندرية، لكن تظل "إسكندرية لورنس داريل"؛ هي الأشهر، خاصة أنها كتبت باللغة الإنجليزية.
وقالت الكاتبة والروائية عزة كامل: «في بداية مداخلتي، أحب أن أقدم بانوراما كاملة عن الإسكندرية قبل الدخول في تفاصيل الرواية؛ هذه المدينة الساحرة كانت منبعًا للثقافة؛ منذ إنشائها على يد البطالمة، وفي عصر محمد علي، أخذت منعطفًا جديدًا، حيث أنشأ ميناء بحريًّا؛ كما دعا الجاليات الأوروبية إليها، وخاصة مواطني البحر الأبيض المتوسط، فتكونت مجموعة متنوعة من الجاليات الأجنبية التي استقرت بها من عام 1836 حتى 1956؛ كما أن الجاليات أدت دورًا كبيرًا في التحديث، خاصة الجالية اليونانية، التي أسست المسارح ودور السينما والجمعيات والنوادي، ما جعلها مدينة الفنون».
أما عن لورنس داريل، فقالت كامل: «وصل كاتب الرباعية إلى مصر عام 1943 كملحق في القنصلية البريطانية بالإسكندرية، وعاش فيها واختلط بالجاليات المختلفة؛ والرواية هي رواية أصوات، حيث تتحدث الشخصيات عن بعضها البعض بصورة مختلفة، وتدور أحداثها في الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى؛ وحتى ستة أعوام بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية».
وأشادت كامل؛ بلغة الرواية، التي وصفتها بالراقية جدًا، ذات الطابع السينمائي، حيث تدور أحداثها على أرض الإسكندرية التي تشهد صراعات بين الشخصيات، فتتقابل وتتباعد؛ وأوضحت أنها تعتقد أن «داريل» نقل تجربته الذاتية وحياته في الإسكندرية، رغم أن الملاحظ أن أغلب الشخصيات فيها غير سوية؛ وأشارت إلى أن «لورنس داريل» يتناول الجنس كمادة أدبية، ولا يكتب الرواية من منظور أخلاقي أو بحكم أخلاقي عليها.
وقال الكاتب والروائي محمد إبراهيم طه: «بوسعنا أن نحسب أنفسنا أمام رواية تعد ملحمة القرن العشرين، وهي التي رفعت صاحبها إلى مصاف كبار الكتاب الإنجليز، وبفضلها رُشح مرتين لجائزة نوبل؛ وتعد تلك الرواية كبيرة نسبيًا، إذ تتكون من أربعة أجزاء، ويبلغ عدد صفحاتها 1350 صفحة؛ ولورنس داريل قضى جزءًا كبيرًا من حياته في الترحال، فقد وُلد في الهند وتنقل كثيرًا بعدها، ولهذا تعد الرواية رواية مكان»؛ وأوضح طه؛ أن داريل؛ كتب الرواية في وقت قصير جدًا، ما يدل على براعته ككاتب؛ وأنه عند انتقال لورنس داريل إلى الإسكندرية، وجدها مدينة متعددة الثقافات، ملهمة للفن، خاصة للأجانب الذين لا يقيمون فيها بصفة دائمة.
وأضاف طه: «تلك الشخصيات والنماذج التي نراها في الرواية ليست مشوهة كما تبدو، بل كتبها داريل في سياق تاريخي مناسب له آنذاك؛ فالرواية تهتم بالشخصيات المصرية والموروثات والطقوس الشعبية، حيث تناول الكاتب مولد دميانة في الصحراء والعديد من العادات المصرية».
وفي ختام كلمته، قال الكاتب محمد إبراهيم طه: «نحن أمام عمل متكامل، لا يوجد فيه سؤال لم يُجب عليه الكاتب، ولا شخصية لم تُعطَ حقها، حتى الطقوس الشعبية جعلها دقيقة وصحيحة».
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.
ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحه للكتب المخفضة.
ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».
وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.
ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السايقة الـ55 4,785,539 زائر.
انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر، ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.