ضمن برامج احتفاء وزارة الثقافة برموز الفكر والإبداع، نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، لقاء ثقافيا احتفاء بمئوية الكاتب المسرحي والسيناريست الراحل سعد الدين وهبة، وذلك في قصر الإبداع الفني بالسادس من أكتوبر، تحت عنوان "وهبة وإحياء الثقافة الجماهيرية".
نفذ اللقاء بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وشارك فيه الناقد السينمائي الأمير أباظة، والناقد المسرحي أحمد عبد الرازق أبو العلا، والشاعر أشرف أبو جليل، وأداره القاص محمد رفاعي، بحضور نورا كرامة، مدير قصر الإبداع الفني، وشهيرة حسن، المنسق الثقافي، إلى جانب نخبة من الأدباء والفنانين ورواد القصر.
انطلقت الفعاليات بعرض فيلم تسجيلي عن مسيرة سعد الدين وهبة وأبرز أعماله المسرحية والدرامية، من إعداد عبير مصطفى.
واستهل محمد رفاعي اللقاء مؤكدا أن سعد الدين وهبة ذو تأثير فعال في الشأن الثقافي والإبداعي، حيث تولى العديد من المناصب بوزارة الثقافة مساهما في دعم وتطوير الحركة الثقافية، وإثراء المشهد الإبداعي من خلال رؤيته التنويرية التي جمعت بين الفكر والممارسة، وكان حاضرا بأعماله التي عكست قضايا المجتمع، ما جعله أحد أهم رموز الثقافة المصرية.
وتناول أحمد عبد الرازق أبو العلا، المسيرة الإبداعية لوهبة، الذي لم يقتصر دوره على الكتابة، بل كان له تأثير فكري وسياسي واضح انعكس على أعماله المسرحية. وأوضح أبو العلا أن وهبة تميز بدمج القضايا الاجتماعية والسياسية في كتاباته المسرحية، مع تقديم رؤى فلسفية عميقة، كما شغل مناصب ثقافية بارزة وساهم في تعيين كوادر ثقافية أثرت في مسيرة الثقافة الجماهيرية.
وتحدث أبو العلا عن أبرز أعمال وهبة المسرحية، ومنها "المحروسة"، التي تعد علامة بارزة في المسرح المصري، إضافة إلى "السبنسة" و"كوبري الناموس". وأضاف أن وهبة تقلد العديد من المناصب الثقافية المهمة، منها رئاسة الاتحاد العام للفنانين العرب، واتحاد كتاب مصر، ورئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1985.
من جهته، تحدث الأمير أباظة عن إسهامات وهبة في السينما المصرية، حيث كتب السيناريو والحوار لعدد من الأفلام التي أصبحت من كلاسيكيات السينما، مثل "أريد حلا"، "مراتي مدير عام"، "الزوجة الثانية"، "آه يا بلد"، "أبي فوق الشجرة"، "زقاق المدق"، "أرض النفاق"، و"قصور الرمال".
كما أشار إلى كتاباته النقدية عنه، ومنها "سعد الدين وهبة والسينما"، و"أيام من حياتي"، و"النهر الخالد"، الذي يتضمن حواراته مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.
وأكد أشرف أبو جليل أن وهبة لم يكن مجرد كاتب، بل كان مظلة ثقافية أثرت في أجيال من الأدباء والفنانين. وتحدث عن دوره في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ورفضه التام للتطبيع الثقافي، وحرصه على مواجهة الفكر الخارجي للحفاظ على الهوية الثقافية المصرية.
وشهد اللقاء عددا من المداخلات حيث أشار الشاعر صلاح شعير، لأسلوب وهبة في كتابة الحوار، مستشهدا بأفلام مثل "مراتي مدير عام" و"الحرام"، حيث برع في تحويل السيناريو إلى مشاهد تصويرية حية، تعكس الواقع السياسي والاجتماعي بصدق.
وأوضح الشاعر علي إدريس إلى أن فيلم "مراتي مدير عام" لا يزال مواكبا لكل الأجيال، نظرا لطرحه قضية اجتماعية مهمة بأسلوب درامي محكم.
بينما تحدثت القاصة منى ناصف عن شخصية وهبة الرائدة، مؤكدة أنه نجح في نقل الشخصيات من الواقع إلى الشاشة بواقعية شديدة، كما يظهر في فيلم "الزوجة الثانية".
واختتمت الاحتفالية بفقرة فنية تضمنت عزفا على العود وأداء غنائيا تراثيا، في أجواء احتفالية تعكس روح الإبداع والفكر.
ويعد الكاتب المسرحي والسيناريست سعد الدين وهبة (4 فبراير 1925 - 11 نوفمبر 1997) أحد أبرز الأسماء في تاريخ الأدب والدراما المصرية، حيث ترك بصمة مميزة في المسرح والسينما بأعماله التي مزجت بين القضايا الاجتماعية والطرح الفكري العميق.
قدم وهبة مجموعة من المسرحيات التي أصبحت علامات في المسرح المصري، منها سكة السلامة، السبنسة، كفر البطيخ، كوبري الناموس، الحيطة بتتكلم، ورأس العش، والتي تميزت بأسلوبها الواقعي العميق وتناولها لموضوعات تمس هموم الناس.
أما في السينما، فقد كتب السيناريو والحوار لعدد من الأفلام التي تعد من كلاسيكيات الشاشة المصرية، منها زقاق المدق، أدهم الشرقاوي، الحرام، مراتي مدير عام، الزوجة الثانية، أرض النفاق، أبي فوق الشجرة، أريد حلا، وآه يا بلد آه.
وعرف وهبة بأسلوبه الحواري القوي وقدرته على بناء شخصيات نابضة بالحياة، مما جعله أحد أعمدة الكتابة الدرامية في مصر، سواء على خشبة المسرح أو على الشاشة الفضية.
أقيمت الفعالية ضمن برنامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، ونفذت من خلال الإدارة العامة للقصور المتخصصة برئاسة د. منى شعير، وقصر الإبداع الفني 6 أكتوبر. وتأتي ضمن جهود هيئة قصور الثقافة لإحياء ذكرى المبدعين الذين تركوا بصمة في المشهد الفني والثقافي المصري.