لم يتبقَّ سوى ستة أيام من عمر المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة، ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى أي صورة حول المرحلة الثانية منه، نظرًا لأن محادثاتها لم تبدأ عمليًا بعد، جراء تنصل الجانب الإسرائيلي.
ولا يخفي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عزمه استئناف حرب الإبادة على قطاع غزة مرة أخرى، حيث إنه ألمح لذلك مؤخرًا في أكثر من مناسبة.
بينما حاولت حركة حماس من جانبها أن تغلق باب معاودة شن الحرب الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني عبر عرضها أن يتم تبادل الأسرى ضمن المرحلة الثانية دفعة واحدة.
وهو ما دعت إليه هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، حيث أكدت أن هناك 63 أسيرًا ما زالوا في قطاع غزة، يجب الإفراج عنهم خلال المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى، دفعة واحدة، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وشددت هيئة عائلات الأسرى، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يعرقل الصفقة لمصالح سياسية تخصه ووزراء الائتلاف في حكومته".
وعن ما أشارت إليه عائلات الأسرى، تقول وسائل إعلام عبرية، إن رئيس الوزراء وعد حزب "الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية ضمن حكومته بتسلئيل سموتريتش، بعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بغزة لإقناعه بالبقاء في الائتلاف الحكومي، حفاظًا عليه من الانهيار.
لا سبيل إلا عبر المفاوضات
وفي المقابل، أكدت حركة حماس، أنه لا سبيل أمام الجانب الإسرائيلي للوصول إلى أسراه أحياء إلا عبر شروط المقاومة، في محاولة منها للمضي قدمًا في محادثات المرحلة الثانية.
حماس أكدت في ذات الوقت جاهزيتها للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، واستعدادها لإتمام عملية تبادل شاملة، بما يحقق وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابًا كاملًا للاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة.
وحذرت "تل أبيب" من محاولات التنصل من الاتفاق، مؤكدة على أن الطريق الوحيد لعودة الأسرى إلى ذويهم هو عبر التفاوض والالتزام الصادق ببنود الاتفاق.
وعلى الجانب الآخر، تريد إسرائيل تصعيد العمليات العسكرية في غزة واستئناف الحرب فيها، عقب انتهاء المرحلة الأولى، بحسب ما كشف عنه مصدر للقناة الـ14 الإسرائيلية نهاية الأسبوع الماضي.
وكشف أن هناك توجهًا لدى الحكومة الإسرائيلية لتمديد المرحلة الأولى لمدة تصل إلى أسبوعين، بهدف إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الأسرى، خصوصًا الأحياء منهم، حتى لو كان الثمن هو الإفراج عن أسرى فلسطينيين إضافيين.
وقال إن إسرائيل تعتزم إنهاء الصفقة لتبدأ في شن هجوم واسع النطاق على قطاع غزة، وصفه بأنه سيكون "غير مسبوق" في المنطقة، موضحًا أن هذا القرار تم اتخاذه بدعم أمريكي.
الاتفاق في خطر
واعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن تأخير إسرائيل عملية إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من شأنه أن يعرض تنفيذ الاتفاق للخطر.
وقررت الحكومة الإسرائيلية، اليوم الأحد، تأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم ضمن المرحلة السابعة والأخيرة من صفقة التبادل في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة، وذلك لحين التزام حركة حماس بضمان إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين دون معاملة مهينة، حسب وصفها.
وفي غضون ذلك، أكدت الصحيفة العبرية أن هذه ليست المرة الأولى التي يتشدد فيها رئيس الوزراء في موقفه بعد التوصل إلى بعض الاستنتاجات في المناقشات، مقدرة أن ذلك قد يؤدي إلى انفجار الوضع، وبالتالي، عودة القتال.
بدوره، أكد حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، أن رئيس الوزراء انتهك اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بشكل علني، بما يفجر المرحلة الأولى، تماما كما حذرنا.
وأضاف الحزب العبري -على لسان زعيمه يائير جولان- أنه لا يوجد في الواقع أي مفاوضات بشأن المرحلة الثانية، فالأمر مجرد تضليل وتخلي عن حياة الأسرى.
وتابع:"أقول لك يا بيبي، إذا أحبطت الصفقة فإن أبواب الجحيم سوف تفتح".
أما حركة حماس، فاعتبرت القرار الإسرائيلي بشأن الأسرى يعكس محاولة متعمدة لتعطيل الاتفاق ويمثل خرقًا واضحًا لبنوده.
أماكم أسبوعين
وحددت الولايات المتحدة الأمريكية، لإسرائيل وحركة حماس أسبوعين للتوصل إلى اتفاق في مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، طبقًا لما أوردته هيئة البث العبرية الجمعة.
وأقرت الولايات المتحدة، أن المعضلة الأساسية في مسار مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق يكمن في رفض إسرائيل أي دور لحركة "حماس" في حكم غزة مستقبلًا، ومع ذلك، أعربت عن أملها في استمرار ما أسمته بـ"النوايا الحسنة" التي ظهرت في المرحلة الأولى من الاتفاق.
وبخصوص هذا الشرط الذي أشارت إليه الولايات المتحدة، قالت حركة حماس، إن اشتراط الاحتلال إبعاد حماس عن القطاع حرب نفسية سخيفة، مؤكدة في هذا السياق، أن خروج المقاومة أو نزع سلاحها من غزة أمر مرفوض.
وفي الـ19 من يناير 2025، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل حيز التنفيذ، موقفًا حرب الإبادة الإسرائيلية التي أوقعت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وتستمر المرحلة الأولى من الاتفاق الذي جاء بواسطة مصرية قطرية ودعم أمريكي 42 يومًا، يتم خلالها التفاوض لبدء المرحلة الثانية ثم الثالثة.
وتتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بعودة الهدوء المستدام التام، وتبادل أعداد أخرى من الأسرى والمحتجزين، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل إلى خارج غزة.
أما المرحلة الثالثة، فتركز على بدء خطة إعادة إعمار غزة على مدى ثلاث إلى خمس سنوات، وتبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين، وفتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.