في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.
ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان، في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.
و لقاءنا اليوم في تاسع أيام رمضان 1446 هجريًا..9 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية الجليلة أم المؤمنين.. السيدة زينب بنت خزيمة.. أيقونة العطاء في بيت النبوة
زوجات النبي.. أمهات المؤمنين
تعد السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها خامس زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإحدى أمهات المؤمنين، حيث يُطلق على زوجات الرسول كذلك تكريمًا لشأنهنَّ وإعلاءً لقدرهنَّ.
وعرفت السيدة زينب بنت خزيمة بأنها ذات نسب أصيل ومنزلة عظيمة فهي بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، العامرية، وأمها هي هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة الحميرية ،التي قيل عنها: «لا تُعْلَم امرأة من العرب كانت أشرف أصهارًا من هند بنت عوف، أُمِّ زينب وميمونة وأخواتهما« فأصهارها الرسول، والعباس وحمزة ابنا عبد المطلب، وجعفر وعلي ابنا أبي طالب، وأبو بكر وشداد بن أسامة بن الهاد ، وأخوات زينب بنت خزيمة» لأبيها وأمها : أم الفضل – أم بني العباس بن عبد المطلب- ، ولبابة - أم خالد بن الوليد -، وأختها لأمّها أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث إحدى زوجات الرسول رضي الله عنها.
ويذكر أن النبي تزوج السيدة «زينب» في العام الثالث للهجرة، وذلك بعد استشهاد زوجها بعدما أصيب بجرح شديد يوم معركة بدر، وتركها بلا راع ولا أحد يقوم على أمرها، فكان زواجه منها صلى الله عليه وسلم رحمة بها واحتضانًا لهذه المسلمة المؤمنة التي جادت بما تملك، ومن أجل دينها الإسلام.
أم المساكين
وعُرفت وسميت « زينب بنت خزيمة» بـ «أم المساكين»، لرحمتها بالمساكين وعطفها عليهم، فكانت تطعمهم وتكسوهم وتساعدهم؛ و لُقبت بهذا اللقب في الجاهلية قبل الإسلام واستمر معها في الإسلام فقد استمر عطاؤها على الفقراء والأيتام طيلة حياتها القصيرة حيث توفيت في سن الثلاثين، وعاشت حياتها يشغلها فعل الخير والعطاء والعطف على الفقراء والمحتاجين، وكانت تشغل نفسها بالعبادة والتصدق والعطاء والتخفيف عن المحزونين ، ولم تألُ أبدًا جهداً في رعاية الأيتام والأرامل وتعهّدهم ، وتفقّد شؤونهم والإحسان إليهم وذكر عنها أنها كانت تشعر بسعادة كبيرة بكل ماتفعل.
دورًا بارزًا
ويذكرأن السيدة زينب بنت خزيمة أدت دورا بارزًا ومهمًا مع نساء المسلمين في موقعة بدر، في خدمة الجرحى وتضميدهم، وتقديم الطعام والماء لهم.
ثاني زوجات الرسول رحيلًا
تُوفيت السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها في عمر الثلاثين أو جاوزتها بقليل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قول أنها توفيت تحديدًا في شهر ربيع الآخر سنة أربع هجرية، وبذلك تكون السيدة زينب» لحقت بأم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنهما والتي دُفنت في الجحون بمكة لتكون «أم المساكين» زينب بنت خزيمة ، ثاني زوجات الرسول رحيلا في حياته، حيث لم تمت أي من أمهات المؤمنين غيرهما في حياته صلى الله عليه وسلم، فقام النبي على جنازة السيدة «زينب» وصلى عليها ودفنها في البقيع، في المدينة المنورة.