قالت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز إن الحرب التجارية العالمية التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جعلت من الضروري تحسّين المملكة المتحدة علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي بعد البريكست، وذلك قبيل قمة حاسمة مقررة الشهر المقبل.
وحثت ريفز - خلال لقاء أجرته مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية نُشر في عدد اليوم /الأربعاء/ - بريطانيا على اتباع أجندة اقتصادية طموحة في محادثات "إعادة ضبط" العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة المرتقبة، رغم أن لندن لا تزال تستبعد أي خطوة للانضمام مجددًا إلى الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي.
وأضافت أن بريطانيا تسعى لاستغلال الفوضى التي أحدثها الرئيس الأمريكي من خلال تقديم نفسها على أنها "مكان مستقر" للاستثمار.
وجاءت تعليقاتها - حسب قول الصحيفة - في اليوم الذي أكدت فيه الحكومة البريطانية دعمها لمنتزه ترفيهي جديد كبير في بيدفورد، على بُعد 60 ميلًا شمال لندن، والذي وصفته بأنه "دليل على الاستقرار والأمن اللذين توفرهما المملكة المتحدة".
وتابعت ريفز أن المملكة المتحدة ترغب في تحسين التجارة مع "شركائها في أوروبا"، وأكدت : " أنه منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي- أو ما يسمى بعملية "بريكست"- أصبح من الصعب على الشركات البريطانية، خاصةً الشركات الصغيرة، التصدير إلى جميع أنحاء أوروبا .. حيث يشعر الكثيرون منهم بأنهم محرومون من الأسواق الأوروبية".
وأضافت أن القمة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي المرتقبة في 19 مايو المقبل ستكون فرصة "لإنعاش علاقاتنا وتسهيل التجارة على الشركات".. وقالت نصًا:" أشعر أنه في ظل البيئة الحالية، هناك استعداد أكبر من دول العالم للنظر في الحواجز الجمركية وغير الجمركية التي تعيق التجارة".
واعتبرت المسئولة البريطانية أن التحديات العالمية الراهنة، من بين ذلك الأزمة بين روسيا وأوكرانيا أو التحديات التي تواجه التجارة العالمية في الوقت الحالي، تعني أن هناك ضرورة ملحة "لتحسين علاقاتنا التجارية مع أوروبا".. حسب قولها.
وأوضحت "فاينانشيال تايمز" - في سياق تعليقها على تصريحات ريفز - أن وزيرة المالية تضغط مؤخرًا على رئيس الوزراء كير ستارمر لاتباع نهج طموح لإزالة الحواجز التجارية أمام دول الاتحاد الأوروبي، واقترحت أن تُوائِم بريطانيا لوائحها التي تُغطي الصناعات القائمة، مثل المواد الكيميائية، مع قواعد بروكسل لتعزيز الوصول إلى الأسواق الأوروبية.
مع ذلك، حذِّر مسئولو الاتحاد الأوروبي من "انتقاء" بريطانيا أجزاءً من السوق الموحدة، وقالوا إن الأهداف الرسمية للمملكة المتحدة لم تتغير.. وتشمل هذه الأهداف توثيق التعاون الدفاعي وإزالة الحواجز أمام تجارة الأغذية والاعتراف المتبادل بالمؤهلات.
وتابعت ريفز " لا أحد يريد أن يرى حربًا تجارية.. ليست في مصلحة أحد.. إن ردود الفعل المتسرعة لن تكون مفيدة للشركات أو الوظائف في المملكة المتحدة، ولذلك نتعامل مع هذا الأمر بمسئولية وهدوء".. وأضافت أنها ستسعى للتفاوض على اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة عندما تتوجه إلى واشنطن في وقت لاحق من هذا الشهر لحضور اجتماع وزراء مالية صندوق النقد الدولي.
وقالت إنه "لا شك على الإطلاق في أن التجارة ستكون على جدول الأعمال عندما نجتمع في صندوق النقد الدولي في وقت لاحق من هذا الشهر".. وأعلنت أن "لا شيء غير مستبعد" عند سعيها للرد على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على المملكة المتحدة، والتي أثارت زيادات متبادلة في دول مثل الصين، لكن حكومة المملكة المتحدة "تتعامل مع الرسوم الجمركية بعقلانية".. حسب تعبيرها.
واعتبرت ريفز أن قرار شركة كومكاست، عملاق الإعلام الأمريكي، بالاستثمار في مدينة ملاهي بمليارات الجنيهات الإسترلينية في بيدفورد يمثل "إظهارًا حقيقيًا للثقة في اقتصاد المملكة المتحدة"، وأكدت أن الحكومة البريطانية تستثمر المليارات في البنية التحتية للنقل المحلي لتسهيل المشروع.
وقالت إنه كان بإمكان كومكاست اختيار العديد من البلدان المختلفة، لكن "اختيارهم لبريطانيا يُظهر نقاط قوة اقتصادنا ونقاط القوة الدائمة، وأيضًا مزايانا الهائلة في الصناعات الإبداعية".. وأخيرًا، قالت ريفز إن الاضطرابات الاقتصادية العالمية التي أشعلتها حرب ترامب الجمركية جعلت المملكة المتحدة وجهة أكثر جاذبية للاستثمار الدولي، و أن "النمو هو المهمة الأولى لهذه الحكومة، وتأمين هذا الاستثمار، هذا المشروع التاريخي، دليل على الاستقرار والأمن اللذين توفرهما المملكة المتحدة كمكان للاستثمار".