تساوت الرؤوس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في خضم الحرب التجارية القائمة بين هذين البلدين، صاحبتا أكبر اقتصاديين على مستوى العالم، عبر تبادل فرض الرسوم الجمركية، وذلك بعد أن قررت الأخيرة رفع الرسوم على الأولى بنفس النسبة التي فرضت عليها، وهي 125 بالمائة.
منافسة مشتعلة
الأربعاء الماضي، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى نسبة 125 بالمائة بشكل فوري، في قرار أرجعه من يسكن البيت الأبيض لعدم احترامها للأسواق العالمية.
وفي المقابل، قررت الصين الرد بالمثل، حيث أعلنت عن رفع الرسوم الجمركية الإضافية على السلع الأمريكية إلى 125 بالمائة، والتي تدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 12 أبريل الحالي.
وفي ردها، أكدت الصين أنها سوف تتجاهل أي زيادات أخرى للرسوم الجمركية من الولايات المتحدة، لأن المنتجات الأمريكية لن تجد مكانًا لها في السوق الصينية بوجود الرسوم الجمركية الحالية، بالرغم من أنها أكدت، قبل ذلك بوقت قصير، أنها سترد حتى النهاية في حال استمرت الولايات المتحدة في شن حرب رسوم وحرب تجارية عليها.
وفيما يعتقد أن الصين هكذا ردت بالمثل، فإن مصادر في البيت الأبيض قالت إن إجمالي معدل التعريفة بلغ 145 بالمائة على الصين عند تضمين الرسوم المفروضة بسبب أزمة "مخدر الفنتانيل"، موضحة أن الرئيس دونالد ترامب عند حديثه عن نسبة 125 بالمائة، كان يشير فقط إلى الرسوم المتبادلة، على حد زعمها.
وبدأ هذا التصعيد بين البلدين عقب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، إلا أن الوضع انفجر بينهما مطلع الشهر الجاري، حين أعلنت الولايات المتحدة فرض رسومًا جمركية على الواردات الصينية بنسبة 34 بالمائة، تضاف إلى 20 بالمائة سابقة، وهو ما ردت عليه الصين بالمثل.
لتقرر الولايات المتحدة زيادة الرسوم الجمركية على الصين بنسبة 50 بالمائة، لترتفع النسبة إلى 104 بالمائة إجمالًا، لترد الأخيرة برفع نسبة الرسوم على البضائع الأمريكية من 34 إلى 84 بالمائة.
لترد الولايات المتحدة بالزيادة، والصين بالزيادة كذلك، لتصل النسبة بين البلدين كما أشرنا سلفًا إلى 125 بالمائة، مع الأخذ في الاعتبار حديث المصادر الأمريكية عن الرسوم المفروضة بسبب "مخدر الفنتانيل".
عدم الرد!
وفور فرض الرسوم الجمركية، مطلع الشهر الجاري، حذرت الولايات المتحدة الأمريكية، شركائها التجاريين، من الرد على التعريفات الجمركية التي قررتها، معتبرة ذلك سيكون تصرف "غير حكيم"، حيث سيؤدي ذلك إلى تصعيد الأمور.
وفي الثاني من الشهر الجاري، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرض رسومًا جمركية على 185 دولة، بحد أدنى يبلغ 10 بالمائة، فيما أسماه بـ"يوم التحرير"، الذي يستقل فيه الاقتصاد الأمريكي، حيث يعتقد أن ذلك سيجلب لبلاده المزيد من الإنتاج المحلي، غير أنه عاد ليُعلن تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا على واردات عشرات الدول نظرًا لرغبتها في التفاوض، لكن قراره لم يشمل الصين.
وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في هذا السياق، إن بلاده "كافأت" الدول التي لم تتخذ إجراءات انتقامية ضدها بتعليق التعريفات الجمركية المتبادلة المعلن عنها لـ90 يومًا، موضحًا أن استراتيجية الرئيس دونالد ترامب دفعت أكثر من 75 دولة للجلوس على طاولة المفاوضات.
وأكد وزير الخزانة الأمريكي، أن الدول التي امتنعت عن الرد بالمثل "قد تمت مكافأتها"، موضحًا أن التعريفات ستخفض إلى الحد الأدنى البالغ 10 بالمائة للدول الراغبة في التفاوض، بينما تواجه الصين رسومًا بنسبة 125 بالمائة بسبب تصعيدها للتوترات.
الصين تتجه إلى أوروبا
وفي خضم هذا الوضع المتوتر، طالبت الصين، الاتحاد الأوروبي بالعمل معها لمقاومة الخطوات أحادية الجانب التي اتخذتها الولايات المتحدة، حيث جاء ذلك خلال لقاء الرئيس الصيني شي جين بينج، الجمعة، مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي يزور بكين، وفق وكالة الأنباء الصينية "شينخوا".
وقال الرئيس الصيني، إنه لن يكون هناك فائز في حرب الرسوم الجمركية، مؤكدًا أن معارضة العالم ستؤدي في نهاية المطاف إلى عزلها الولايات المتحدة لنفسها، مشيرًا إلى أن بلاده والاتحاد الأوروبي من دعاة العولمة الاقتصادية والتجارة الحرة، مشددًا على ضرورة أن تقاوما معًا "التنمر الاقتصادي أحادي الجانب"، وفق قوله.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسباني، إن زيادة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستدفع الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد شركاء جدد وأسواق جديدة، لافتًا إلى أن الاتحاد الأوروبي والصين يسعيان إلى "مراجعة علاقاتهما".