لا تزال قضية الطلاق الغيابي تمثل أزمة قانونية واجتماعية، خاصة حين تتفاجأ بعض النساء بإنهاء حياتهن الزوجية دون علم أو إرادة منهن، ولذلك نستعرض في السطور التالية مع محام أهم ما يتعلق بالطلاق الغيابي، وكيف تكتشفه المرأة، والقوانين التي تنظمه.
ومن جهته، قال الأستاذ أحمد مختار، المحامي بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، تتعدد دوافع الطلاق الغيابي، وغالبًا ما ترتبط بعوامل مجتمعية بحتة، حيث قد يقرر الرجل إنهاء الزواج من طرف واحد لأسباب تتعلق برغبته في الارتباط من أخرى، أو شعوره بعدم التفاهم، دون أن يلزم نفسه بتبرير أو مشاركة شريكته في القرار، وفي هذه الحالة، لا يكون للمرأة دور في إجراءات الطلاق، ويكفي أن يوثق هو الطلاق عند المأذون المختص حتى يصبح نافذا قانونيًا.
وأضاف، أنه في حال لم يبلغ الرجل زوجته بالطلاق، أو لم يقم المأذون بدوره في إعلانها، يمكن للمرأة أن تتحقق من حالتها الاجتماعية عن طريق استخراج بيان زواج وطلاق أو بيان حالة اجتماعية من مصلحة الأحوال المدنية، وهذا البيان يظهر بشكل رسمي ما إذا كانت الزوجة لا تزال على ذمة الزوج، أو إذا تم توثيق طلاقها رسميًا، وتعد هذه الخطوة ضرورية لكل سيدة تشك في وضعها القانوني، خصوصًا إذا شعرت بتغير في سلوك شريكها أو انقطاع التواصل.
وأكد أن الطلاق الغيابي في مصر، يحكم طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1985، والذي جاء لتعديل قانون الأحوال الشخصية القديم الصادر عام 1929، وينص في مادته 5 مكرر، على ضرورة توثيق الطلاق لدى المأذون المختص خلال ثلاثين يومًا من تاريخ وقوع الطلاق الشفوي، كما يلزم القانون الزوج بإحضار الزوجة عند التوثيق، وإن تعذر ذلك، يجب أن يبلغها المأذون رسميًا بشخصها عن طريق محضر، ويسلمها إشهاد الطلاق.
وأكمل، أنه في حال لم يقم الزوج أو المأذون بإبلاغ الزوجة بالطلاق، يعد ذلك مخالفة صريحة يعاقب عليها القانون، حيث تنص المادة 23 مكرر على أن كلاً من الزوج والمأذون قد يعاقبان بالحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، أو بغرامة مالية لا تزيد عن 200 جنيه، أو بإحدى العقوبتين، كما يجوز للقاضي توقيع عقوبات تأديبية على المأذون، كالعزل من وظيفته أو الوقف المؤقت عنها، إضافة لغرامة أخرى لا تتجاوز 50 جنيهًا أو الحبس لمدة شهر، وفي أغلب الحالات يتم الاكتفاء بتوقيع الغرامة المالية فقط، دون تفعيل العقوبات الأشد.
واستطرد قائلاً، أن الطلاق الغيابي لا يسقط حقوق المرأة، بل يمنحها الحق في المطالبة بنفقة العدة والمتعة إذا تم ذلك دون علمها أو رغبتها، ودون أن يكون السبب راجعًا إليها، ويقدر حد أدنى لنفقة المتعة بما يعادل نفقة سنتين من النفقة الزوجية التي كانت مقررة لها، فعلى سبيل المثال، إذا كانت الزوجة تحصل على نفقة شهرية قدرها 1000 جنيه، يحق لها الحصول على 24 ألف جنيه كحد أدنى لمتعة الطلاق، أما في حال كانت النفقة أعلى، مثل 5000 جنيه شهريًا، فقد يقرر القاضي منحها مبلغًا أعلى، وقد يصل الحكم إلى ما يعادل نصف مدة الزواج، خاصة إذا تجاوز عشرين عامًا، فتمنح نفقة عن عشر سنوات مثلًا، هذا بالإضافة إلى حقوقها في الميراث والمطالبات المالية الأخرى المترتبة على الطلاق، والتي تبدأ من تاريخ علمها الرسمي بالانفصال وليس من تاريخ وقوعه إذا لم تبلغ به.