لا تزال الأوضاع في الحرب الروسية الأوكرانية، تشهد تصاعدًا في ظل لجوء الجانبين للتصعيد العسكري، وفشل محاولات الوساطة الأمريكية للتهدئة ووقف إطلاق النار، الذي تعهد به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أن يبدأ في شن هجوم مؤخرًا على نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد لجوء موسكو لواحد من أعنف عمليات القصف على أنحاء كييف الأيام الماضية.
الحرب الروسية الأوكرانية
وتفيد تقارير بأن روسيا تستعد على ما يبدو لهجوم صيفي في أوكرانيا، حسبما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، حيث قالت روسيا تستعد لأن تشن هجوماً واسع النطاق هذا الصيف على إقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا، وهو الإقليم الذي تسعى موسكو للسيطرة عليه منذ بداية الحرب.
فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، عن استعادة السيطرة على بلدتين في سومي ودونيتسك، بالإضافة إلى القضاء على 1145 عسكريا أوكرانيا خلال الساعات الـ 24 الماضية، مشيرة إلى أن الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط 9 قنابل موجهة من طراز جادم، بالإضافة إلى إسقاط 339 طائرة مسيرة أوكرانية.
وأضافت الدفاع الروسية، في تقريرها اليومي عن سير العمليات العسكرية في أوكرانيا، أن قوات الشمال تمكنت من استعادة السيطرة على بلدة كونستانتينوفكا في سومي، كما استعادت قوات الشرق الروسية السيطرة على بلدة زيلنوي بول في دونيتسك.
زيلينسكي يحذر من حشد عسكري روسي في سومي
واليوم، التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالمستشار الألماني فريدريش ميرز في العاصمة الألمانية برلين، لمناقشة جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار، وذلك بعد أيام من إعلان ميرز رفع ألمانيا قيودها على استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى، فيما صرح ميرز بأنه يعتقد أن الحرب ستطول لأن روسيا ترفض التفاوض.
وحذر زيلينسكي من أن روسيا تحشد ما لا يقل عن 50 ألف جندي قرب منطقة سومي في شمال شرق أوكرانيا، وهي منطقة تقع على الجانب الآخر من الحدود مع منطقة كورسك الروسية، حيث سيطرت أوكرانيا سابقًا على جيب من الأرض لعدة أشهر، قبل أن تُطرد منه بالكامل تقريبًا الشهر الماضي، رغم قولها إنها لا تزال تسيطر على بعض المناطق هناك.
وصرح رئيس منطقة سومي، أوليه هريهوروف، بأن القوات الروسية سيطرت على أربع قرى، مشيرا إلى أن القتال مستمر بالقرب من قرى أخرى في المنطقة "بهدف إنشاء ما يسمى بـ"المنطقة العازلة".
في الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن خطة لإنشاء مناطق أمنية عازلة على طول الحدود، قائلا: "يتم قمع نقاط إطلاق النار للعدو بنشاط، والعمل جارٍ على قدم وساق".
وأكد بوتين أن المناطق العازلة ستُنشأ لتوفير دعم إضافي للمناطق الروسية، المتاخمة لمناطق خاركيف وسومي وتشيرنيهيف الأوكرانية.
شروط بوتين لإنهاء الحرب
ووفقا لما نقلته وكالة رويترز للأنباء عن 3 مصادر روسية، فإن شروط الرئيس فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا تشمل مطلبًا بأن يتعهد القادة الغربيون كتابيًا بوقف توسيع الناتو شرقًا ورفع جزء من العقوبات المفروضة على روسيا.
وأضافت المصادر الثلاثة أن روسيا تريد أيضًا أن تكون أوكرانيا محايدة، ورفع بعض العقوبات الغربية، وحل قضية الأصول السيادية الروسية المجمدة في الغرب، وحماية الناطقين بالروسية في أوكرانيا.
بعد حديثه مع ترامب لأكثر من ساعتين الأسبوع الماضي، قال بوتين إنه وافق على العمل مع أوكرانيا على مذكرة تفاهم تحدد معالم اتفاق سلام، بما في ذلك توقيت وقف إطلاق النار.
وتقول روسيا إنها تعمل حاليًا على صياغة نسختها الخاصة من المذكرة، ولا يمكنها تقدير المدة التي ستستغرقها، فلم تسلم موسكو تلك المذكرة إلى كييف، والتي تُحدد شروطها لوقف إطلاق النار، وتعكف على إعدادها بعد أول محادثات مباشرة بين موسكو وكييف في إسطنبول في وقت سابق من هذا الشهر.
ترامب يهاجم بوتين
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارًا رغبته في إنهاء الصراع، بينما أبدى إحباطًا متزايدًا من بوتين في الأيام الأخيرة، محذرًا يوم الثلاثاء من أن الزعيم الروسي "يلعب بالنار" برفضه الدخول في محادثات وقف إطلاق النار مع كييف في الوقت الذي تحقق فيه قواته مكاسب على أرض المعركة.
وهو ما رد عليه مساعد فلاديمير بوتين للسياسة الخارجية، قائلا إن دونالد ترامب لا يعلم حقيقة الحرب في أوكرانيا، حيث أكد لوسائل إعلام روسية رسمية: "توصلنا إلى استنتاج مفاده أن ترامب غير مُطّلع بشكل كافٍ على حقيقة ما يحدث في سياق المواجهة الروسية الأوكرانية".
محادثات مباشرة
فيما قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في تعليقه على تصريح ترامب بأن فلاديمير بوتين "يلعب بالنار" أن المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار بالنسبة للزعيم الروسي، موضحا أن أي لقاء محتمل بين بوتين وترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجب أن يُعقد بعد التحضيرات والمحادثات.
صرح الرئيس الأوكراني بأنه مستعد لعقد اجتماع ثلاثي مع دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، وفقًا لتقرير صادر عن هيئة الإذاعة الأوكرانية العامة "سوسبيلني".
وقال زيلينسكي: "نحن مستعدون للقاء على مستوى القادة. الجانب الأمريكي يعلم ذلك، والجانب الروسي يعلم ذلك أيضًا. نحن مستعدون لصيغة "ترامب، بوتين، وأنا"، ومستعدون لصيغة ترامب-بوتين، ترامب-زيلينسكي، ثم نحن الثلاثة".
وفي تصريحات له اليوم، صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال كلمته في الاجتماع الدولي للمعنيين بقضايا الأمن، بأن الاستعدادات للمحادثات المباشرة المقبلة جارية، وستُعقد قريبًا، مؤكدا أن بلاده "ستصر على أن تلغي كييف جميع القوانين التمييزية في أوكرانيا في الجولة الجديدة من المفاوضات المباشرة".
وكان زيلينسكي قد صرّح سابقًا بأن موسكو اقترحت بيلاروسيا، الحليف الوثيق لروسيا، كمكان تالي لمحادثات السلام، ووفقًا لما نقلته وكالة رويترز، وصف زيلينسكي مكان الاجتماع هذا بأنه "مستحيل بالنسبة لأوكرانيا".