يعتبر عيد الأضحى المبارك محطة رئيسية في ذاكرة المسلمين، حيث يجمع بين الفرح والتضحية والعبادة، ويعزز صلة الرحم والتواصل بين الأفراد والمجتمعات، ومع مرور الأزمان، ظل العيد مصدر إلهام للمفكرين والأدباء الذين رأوا فيه أكثر من مجرد احتفال، بل ظاهرة إنسانية تستحق التأمل والبحث في دلالاتها العميقة.
في مقاله الذي نشرته مجلة الرسالة بتاريخ 26 مارس 1934، استعرض الكاتب أحمد حسن الزيات رؤيته الخاصة لعيد الأضحى، واصفًا إياه بـ "عيد الضحايا" أو يوم الوطن والإيمان بالله وبالوطن أسمى شواعر النفس، والتضحية لله وللوطن أصدق شعائر الإيمان، والاحتفال بيوم الله ويوم الوطن أقدس مظاهر الإنسان، وعيد الأضحى أجلّ أعياد المسلمين خطْرًا، وأبلغها في حياتهم أثرا، وأبلجها في نفوسهم دلالة.
كما شبّه الزيات الأعياد الدينية بـ "واحات في صحراء الحياة" يستريح إلى نبعها الحرَّان واللاغب، ويطمئن إلى ظلها الهيمان والشارد، ويجد الكاسف المعمود في نسيمها الندى برد السرور ونشوة العافية، ويذهب السائر المجهود برهة من العمر عن مخاطر الطريق ومكايد الرفيق وسلوى القافلة.
وأشار إلى أن العيد له عواطف صالحة طغت عليها المنافع، وقرابة واشجة قطعت بينها المطامع، وصلات شابكة أوهنتها الفجوة، وتبعات واجبة أعجزه عن حملها كلال الضمير، وغاية إلى الخبر المطلق أضله عن سبيلها غرور الحياة
وأكد الزيات أن عيد الأضحى هو عيد الأسرة والأمة والملة، يفيض المسرة والبهجة على البيت، ويجدد المودة والألفة في الوطن ويسفر بالتعارف بين وجوه الأخوة في عرفات.