الخميس 19 يونيو 2025

مقالات

القانون وجرائم الأزمات والظروف الاستثنائية


  • 18-6-2025 | 15:31

المستشار/ أحمد بدوي

طباعة
  • المستشار/ أحمد بدوي

لا شك أن الجريمة تستمر وتتطور بتطور الظروف والوسائل ولا شك أن المجرم نفسه يسعى ‏لاستغلا كل الظروف والامكانيات المتطورة لارتكاب جريمته، من خلال سلوكه الاجرامي ‏لتحقيق الهدف منها ومع ما يشهده العالم من اضطرابات ومواجهات عسكرية وما نشهده من ‏تهديدات للحدود أخطرها ما يحدث على حدود مصر الشرقية .‏

الأمر الذي يجعلنا نُسلط الضوء على بعض جرائم الحروب فهي لا فقط بما يحدث من انتهاك ‏لقانون دولي في ساحات القتال، بل أن بعض تلك الجرائم تكون خارج ساحات القتال وتتجاوز ‏أحيانا حدود الدول التي تمثل أطراف تلك الحرب نفسها وما قد يؤثر على الأوضاع ‏الاقتصادية في مصر، وهو ما لا يغفله المشرع المصري في كل العصور ووضع ما يضمن ‏ردع مرتكبيها لمعالجة الاثار الخطيرة المترتبة عليها .‏

وأحد أهم تلك الجرائم هي الاحتكار والتلاعب في الأسعار أو ما يسمى بأثرياء الحروب وهو ‏ما تحقق عمليا ورأيناه رؤى العين في العصر الحديث أبان جائحة كرونا محليا أو ما حدث في ‏حرب روسيا وأوكرانيا، فعلى الرغم من بعد المسافة وعدم تأثيرها بصورة مباشرة إلا أنها ‏كان لها أثر اقتصادي على مصر نظرا لعدة أسباب أهمها أن روسيا تتحكم في ما يقارب ربع ‏القمح على مستوى العالم وكون أوكرانيا هي رابع دولة عالميا في تصدير القمح الأمر الذي ‏أثر على عدد من الدول حول العالم إما تأثير مباشر بشأن تنفيذ عقود التصدير أو بصورة ‏غير مباشرة عن طريق ارتفاع الأسعار لقلة الكميات وزيادة مخاطر الشحن في مناطق الحرب ‏وما حولها .‏

وهو ما تزامن مع استغلال من قبل بعض الكيانات الاقتصادية وموردي المواد الغذائية التي ‏تأثرت بندرة بعض المواد الغذائية من السلع الاستراتيجية وهو ما أدى لارتفاع أسعارها لولا ‏تدخل الدولة المصرية من خلال بعض المصانع التي تحرص قواتنا المسلحة من منطلق ‏دورها الوطني على توفيرها لضبط السوق وضمان حفظ الأمن الغذائي لبعض السلع ‏الاستراتيجية التي قد تؤثر على الامن القومي المصري .  ‏

والدولة المصرية كدولة قانون تتعامل بيد من حديد مع من يتربص بأمنها القومي وقد تصدت ‏على مر العصور بالتشريعات لهذه الجرائم من خلال عدد من القوانين الرادعة للتصدي للغش ‏والتدليس من خلال القانون رقم 41 لسنة 1941 والتموين رقم 95 لسنة 1945 والتسعير ‏الجبري رقم 163 لسنة 1950 وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 ‏لسنة 2005 والتعديلات المتتالية عليهم وأهمها القانون رقم 15 لسنة 2019 بشأن تعديل ‏بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1946 الخاص بشئون التموين وبعض أحكام ‏قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005، ‏لمواجهة التلاعب والسرقة والغش في مواد التموين المدعومة من الدولة أو نشر أو الادلاء ‏ببيانات غير صحيحه عنها وهو ما جاء متسقاً مع الشرع الحنيف فيما يتعلق بالنهي عن الغش ‏في بعض آيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كقول المولى عز وجل ( وَيَا قَوْمِ ‏أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ ‏مُفْسِدِينَ‎ (85)‎سورة هود .‏

وكما هو منسوب للإمام علي رضي الله عنه : أحقر الناس من ازدهرت أحوالهم يوم جاعت ‏أوطانهم، وهم من يُطلق عليهم في العصر الحديث بـ " أغنياء أو أثرياء الحرب . ‏

وهو الأمر الذي يدعوا لمكافحة وردع ضعاف النفوس ممن أصبحوا عبيد للمال نسو الله ‏فأنساهم انفسهم، ومع تسارع الأحداث في الوقت الراهن فإن الدولة المصرية لديها من الأذرع ‏ما يحقق الردع وتحقيق الاستقرار ومكافحة الجريمة بالطريقة التي تتناسب مع تطورها ‏واستحداث السلوك الاجرامي لمرتكبيها .‏

الاكثر قراءة