إن كنت تؤمن بدور الفن وتعرف أن التسلية ليست فقط هي هدفه وإن كانت هدفا نبيلا... إن كنت تؤمن أن الوعي يمكن أن تصنعه الدراما، وأن السينما أقوى من أسلحة كثيرة فقد أتاك حديث الممر والاختيار، إن كنت ترى تلك الأهمية التي توليها الدولة للفن والسعي الحقيقي لتقديم أعمال بجودة عالية تكرس لأحداث مهمة في تاريخنا فقد أتاك حديث السرب والكتيبة 101 .. أحاديث الدراما الوطنية في الجمهورية الجديدة ليست ترفا ولم تكن يوما سلعة تجارية، الدراما الوطنية مسؤولية أدرك القائمون عليها أهميتها، أدرك صناعها دورهم في ترسيخ قيم وتجسيد أحداث يجب أن نراها دراميا... الحقيقة أن الجمهورية الجديدة ومنذ اليوم الأول وهي تعمل على وعي الناس في مصر وتعرف أن المعركة الحقيقية معركة وعى، معركة يدخلها أطراف كثيرة لا تريد لهذا البلد أن يحيا وأن يتقدم.
الدراما والفن سلاح ربما يكون أشد فتكا من أسلحة كثيرة، الفن والدراما إذا تم تقديمهما بكثير من المسؤولية وكثير من الجدية يمكن أن يصنعا الفارق، الحقيقة أن دولة يونيو تعرف ذلك جيدا وتولى اهتماما كبيرا... قديما كنا ننادى بأعمال تسجل بطولاتنا وأحداثنا الوطنية وأيامنا المضيئة وهي كثيرة. كنا نطالب بأن يكون للفن دور في تنشيط الروح الوطنية وهو قادر على ذلك ربما أفضل من عشرات الأحاديث ومئات المقالات، وحده الفن الحقيقي يستطيع ومعه نستطيع.
منذ اليوم الأول هناك خطة إنتاج مهمة للأعمال الوطنية، هناك إصرار على أن يكون الفن والوعي حاضرين وبقوة... والفن إذا حضر سوف تتغير قواعد كثيرة للعبة، سوف تصبح أدوات كثيرة وحيلا أكثر يستخدمها جماعات الإرهاب مكشوفة، الفن إذا حضر سوف يكون هناك جيلا جديدا قادرا على التصدي... جيلا يملك الحقيقة ويعرفها، ولا ينخدع.
ربما هي الفترة الأكثر ثراء في تقديم الأعمال الوطنية فعلى مستوى الدراما كان هناك الاختيار بأجزائه الثلاثة ذلك المسلسل الذي قدم بأسانيد ووقائع كشفت مخططات هدم الوطن التي سعت جماعة الإخوان الإرهابية لها، المسلسل الذي قدم الحقيقة المجردة في قالب درامي جعلك متحفزا ومنتظرا وربما تكون متفاجئا بكم الحقائق التى ذكرت فيه وبالصوت والصورة.
وهناك أعمال أخرى مثل "العائدون" وهجمة مرتدة والتي كشفت وتصدت لحروب كثيرة ومؤامرات أكثر تدور في الخارج ويحركها أياد شريرة، هذه الأعمال أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الحرب مستمرة وأن من يظنون أنهم يعملون في الخفاء ليسوا بعيدين عن أجهزة الأمن وهي الرسالة المهمة التي يمكن أن تبعث بها الدراما.
وهناك مسلسل الكتيبة 101 وهو عمل مهم وفريد عن رجال ضحوا بالكثير من أجل هذا الوطن، عن أبطال سوف يظلون في وجداننا لفترات طويلة نفخر بهم ويمدوننا بالفخر والعزة... رجال الكتيبة الصامدة التي تصدت لغزوات إرهابية في توقيت أسود عاشته مصر واستطاعت القضاء عليه بفضل تضحيات هؤلاء الرجال وإيمانهم بالوطن وبناسه وبأنهم يستحقون الحياة مهما كانت التضحيات.
وهناك أعمال أخرى جسدت حقائق مهمة مثل حرب والذي كشف مخططا من الخططات الكثيرة التي كانت تسعى لهدم مصر...
ولم تكتف الجمهورية الجديدة بتقديم أعمال درامية تعرض على شاشات الفضائيات ولكن اقتحمت السينما بعملين كبار ومهمين وفي رأيى هما درة الفن الوطني في السنوات الأخيرة... الممر والذي في ظني أفضل الأعمال الوطنية -على كل المستويات- في المرحلة الأخيرة والذي قدم صورة حقيقية عن بطولات أبناء الجيش المصري وعقيدتهم المستمرة بالنصر أو بالشهادة... في قالب فني مبدع -على كل المستويات-... وهناك فيلم السرب الذي جسد صناعة عملية نوعية قام بها رجال القوات الجوية بالجيش الوطني الشامخ ردا على ما تعرض له العمال المصريون في مدينة درنة الليبية عام 2015، عندما أختطف تنظيم داعش الإرهابي عددا من المصريين وقتلهم وصورهم -بوحشية- أغضبت الجميع فكان الرد سريعا والثأر سريعا... وهي عملية كان لا بد من تجسيدها دراميا حنى تبقى.
الحقيقة أن الجمهورية الجديدة نجحت في العبور بالفن والأعمال الوطنية إلى شواطئ أرحب وأوسع مما كنا نتخيل لكننا مازلنا نأمل في المزيد ونحن نعلم جيدا أن هناك خططا أخرى بدراما وطنية حقيقية نستحقها ونستحق أن نراها وبطولاتنا كثيرة وأيامنا المجيدة أكثر.
نجحت الجمهورية الجديدة في العبور بالفن والأعمال الوطنية إلى شواطئ أرحب وأوسع مما كنا نتخيل، لكننا نأمل في المزيد