1-11-2025 | 10:14
نهى عاطف
تُعرف بطانة الرحم المهاجرة بأنها حالة مرضية أو حالة من التهابات مزمنة توجد فى منطقة الحوض عند النساء وغالباً ما تبدأ بالسن الصغيرة بعد مرحلة البلوغ، وتتسم بأعراض أهمها آلام مزمنة بالحوض وآلام شديدة مصاحبة للدورة الشهرية، لنتعرف في هذا التحقيق على هذه الحالة المرضية وطرق الوقاية منها إن أمكن.
يقول الدكتور أحمد سيكوتورى محمود أستاذ أمراض النساء وجراحة المناظير: إن بطانة الرحم المهاجرة تتسبب في تهيج الغشاء البريتونى والأنسجة، ومن الممكن أن تسبب انسدادا معويا فى الحالات الشديدة جدا، وتلك الالتصاقات تؤدى إلى صعوبة فى الإنجاب مع تأخر الحمل وأحياناً العقم واضطراب في الدورة الشهرية.
ويوضح أن حدوثها يكون نتيجة ارتجاع دم الحيض عبر قنوات فالوب إلى الحوض بدلا من خروجه من الجسم بالمسار الطبيعي، وتؤدى إلى ظهور أكياس بطانة رحم مهاجرة أو التصاقات، وبعض النظريات تشير إلى أن الاستعداد الوراثي والبلوغ المبكر وغزارة الدورة الشهرية وزيادة عدد أيامها وتواترها في أيام قصيرة جدا، وضعف مناعة الجسم عوامل تساهم في احتمالية خروج بعض خلايا بطانة الرحم إلى الحوض عن طريق قنوات فالوب، بينما من المفترض أن يتعرف الجهاز المناعي السليم على هذه الخلايا، ويتم التعامل معها ومهاجمتها وتكسيرها .
ويتم تشخيص البطانة بالفحص الاكلينيكى والتاريخ المرضي والموجات الصوتية«السونار» التي توضح وجود أو عدم وجود أكياس على المبيضين، وللمرأة المتزوجة يتم عمل سونار مهبلى وهو يحدد بدرجة كبيرة من الدقة إذا كانت هناك بطانة رحم مهاجرة ومكونة أكياس، أو زيادة فى سمك الأربطة الخلفية للرحم نتيجة التهيج والالتهاب المزمن، أو وجود بطانة الرحم بين المهبل والمستقيم، أو وجود التصاقات شديدة للمبيضين خلف الرحم، أو وجود انتفاخ في قنوات فالوب نتيجة الإصابة ببطانة الرحم والتجمعات الدموية داخل قنوات فالوب، فكل هذا يتم تشخيصه بالموجات الصوتية، وكذلك الرنين المغناطيسي، وأحيانا نلجأ إلى منظار البطن .
ويشير الدكتور أحمد سيكوتوري إلى أن علاج بطانة الرحم يختلف من إمرأة لآخرى حسب السن والحالة الاجتماعية والأعراض والهدف من العلاج والأولويات بالنسبة للمريضة، فبالنسبة للأم الصغيرة من الممكن البدء بالمسكنات الآمنة وتخفيف حدة الدورة الشهرية وإيقاف التبويض لوقت مؤقت، وهذا يؤدى إلى تحفيف حدة الألم فى بطانة الرحم المهاجرة وتنظيم الدورة الشهرية وقلة النزيف أثناء الدورة الشهرية،وهناك علاجات أخرى أشد لوقف الهرمونات نهائيا ولكن أعراضها الجانبية قد تكون كثيرة جدا منها نقص الإستروجين وأعراضها تشبه انقطاع الطمث، وإذا استمرت لفترة طويلة قد تؤدى إلى الهشاشة، ولذلك يتم استخدامها فى أضيق الحدود مع إعطاء مكملات هرمونية أو غير هرمونية لعلاج الأعراض الجانبية، وهناك العلاج الجراحى وهو يتم عن طريق منظار البطن وهذا يكون في الحالات الشديدة جدا.
ويؤكد دكتور أحمد سيكوتوري أن السمنة عند النساء تؤدى إلى تنشيط بطانة الرحم المهاجرة؛ لذا يجب تجنب السمنة من خلال البعد عن الوجبات سريعة التحضير والطعام غير الصحي والمواد المؤكسدة في الطعام التي قد تؤدى إلى زيادة خطورة الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة أو ارتجاع بطانة الرحم المهاجرة بعد العلاج، لأنه يعد مرضا مزمنا نسبة ارتجاعه من 20 % إلى 40 % بعد العلاج أو بعد الجراحة.
من جانبه يقول الدكتور نصر نصار استشاري أمراض النساء والتوليد والعقم إن السبب في ظهور البطانة المهاجرة هو وجود أو نمو نسيج يشبه تماما البطانة الداخلية التى تبطن التجويف الداخلى للرحم ويمكن في حالات نادرة، العثور على زوائد بطانة الرحم المهاجرة خارج منطقة الحوض التي توجد بها أعضاء الحوض.
ويوضح أن أنسجة بطانة الرحم المهاجرة غير الطبيعية تتشابه تماماً مع البطانة الموجودة طبيعيا داخل تجويف الرحم فى التركيب و الوظيفة كاشفاً أن أعراض ظهور حالة انتباذ البطانة (بطانة الرحم المهاجرة) تتمثل في الآتي:
- آلام الحوض المزمنة: إن العـرض الأساسي هو عسر الطمث وهو آلام شديدة تكون مصاحبة للدورة الشهرية بمعنى يكون مرتبطًا في معظم الأوقات بفترات الحيض، و تكون الآلام و التقلصات و المغص أثناء الدورة الشهرية و قبلها وبعدها بعدة أيام.
- قد تشعر المريضة بآلام أسفل الظهر: في بعض الأحيان تعانى من غزارة دم الحيض ( النزيف المـفرط) أو نزيف بين فترات الحيض.
- أعراض مرتبطة بالجهاز البولي والهضم: كالشعور بالألم عند التبرز أو التبول قبل فترة الحيض أو خلالها، قد تشعر بإرهاق أو إسهال أو إمساك أو انتفاخ بالبطن أو غثيان، و أحيانا تعانى من نزيف من المستقيم أو الشرج أو مع البول خلال فترة الحيض (في الحالات المتقدمة) و أيضا قد تشعر بآلام في المعدة.
- تأخر الحمل أو العقم (اضطرابات الخصوبة) أحياناً : للنساء المصابات بانتباذ بطانة الرحم (بطانة الرحم المهاجرة)، وغالبا ما يكتشفن إصابتهن بالمرض عندما لا تتمكنّ من الحمل أو بعد خضوعهن لجراحة منظار البطن.
- صعوبة في الحمل لدى 30-50 % من المصابات بسبب التصاقات أو التهابات تؤثر على قنوات فالوب.
- إرهاق مزمن وانتفاخ البطن (تشابه أعراض القولون العصبي).
- ألم في أسفل الظهر بسبب انتشار النسيج (بطانة الرحم المهاجرة) خارج الحوض.
- نزيف أنفي أو سعال دموي أثناء الحيض (إذا وصل النسيج إلى الرئتين).
- صداع دوري مرتبط بالدورة الشهرية.
ويلاحظ فى أحيان كثيرة أن شدة الألم لا تعكس بالضرورة مدى انتشار المرض، ومع ذلك فإنه أحيانا بل نادراً لا تظهر على بعض المصابات بمرض بطانة الرحم المهاجرة أي أعراض.
وحول أسباب المرض، يؤكد نصر نصار أن انتباذ بطانة الرحم (بطانة الرحم المهاجرة) هو حالة معقدة تعتبر أسبابها غير محددة تماما، لكن الأبحاث تشير إلى تفاعل عدة عوامل منها عوامل الخطر الرئيسة المتمثلة في بدء الحيض المبكر (قبل 11 سنة) ووجود دورات شهرية قصيرة 27 يوما مع نزيف غزير وعدم الإنجاب ووجود تشوهات في الرحم تعيق تدفق الحيض.
ويشرح نصار أن وسائل تشخيص انتباذ بطانة الرحم يتمثل في الوصول إلى تاريخ مرضي مفصل وفحص الحوض عند المرأة والتصوير التشخيصي المتقدم والموجات فوق الصوتية عبر المهبل الذي يكشف عن وجود أو عدم وجود أكياس مليئة بالدم بالمبيض وتسمى هذه الأكياس بـ« أكياس الشوكولاتة» لأن الدم المتجمع داخل هذه الأكياس دم قديم فتغير لونه إلى لون بنى غامق كلون الشوكولاتة، ومن وسائل التشخيص أيضا الرنين المغناطيسي واستخدام منظار البطن التشخيصي.
ويوضح أن وسائل علاج انتباذ بطانة الرحم (بطانة الرحم المهاجرة) تتمثل أولا في العلاج الدوائي.
أما العلاج الجراحي فيتمثل في إزالة الأنسجة في الحالات الأكثر خطورة، وقد يوصى بإجراء جراحة باستخدام منظار البطن الجراحى لإزالة الأنسجة المهاجرة، أو حتى استئصال الرحم في الحالات الشديدة حيث لا تساعد العلاجات الأخرى، وعلاوة على هذا، هناك العلاج الطبيعي وممارسة الرياضة والتغييرات في نمط الحياة والتغذية الصحية وتقليل التوتر وممارسة اليوجا والاسترخاء.
من ناحيته، يوضح الدكتور فتحي المليجي استشاري أمراض النساء والتوليد والعقم أن أنسجة البطانة غير الطبيعية تعرف باسم (غرسة بطانة الرحم) وتؤثر التغيرات الهرمونية للدورة الشهرية على نسيج بطانة الرحم المنغرس خارج الرحم، حيث إن هذا النسيج يتفاعل مع الهرمونات كأنسجة بطانة الرحم الطبيعية وبالتالي تنمو ويزداد سمكها مع زيادة مستوى الهرمونات، ومن ثم مع انخفاض مستوى الهرمونات تنكسر هذة الأنسجة وتتحلل وتسبب النزيف، إلا أن هذا النزيف يكون داخليا على خلاف الدورة الشهرية، حيث لا توجد وسيلة أو مكان لخروج هذا النسيج المتحلل من الجسم.
ويضيف أن بطانة الرحم المهاجرة تعتبر مشكلة صحية متواجدة بين النساء وهو يصيب عادة النساء اللائى تتراوح أعمارهن مابين 15-44 عاما أي في سن الخصوبة وهي أحد الأسباب التي تؤدي إلى تأخر الحمل والإنجاب خلال هذة الفترة أحياناً أو حتى الإصابة بالعقم ، والذي يعتبر أحد أهم المشكلات التي تدل على خطورة بطانة الرحم المهاجرة خصوصا في حال لم يتم علاج الحالة في المراحل المبكرة.