الإثنين 27 مايو 2024

العقاد يهاجم ظاهرة تحويل الأعمال الأدبية إلى أفلام سينمائية

21-1-2017 | 00:09

 

إعداد ـ خالد فؤاد

 

فى عام 1952 قام الأديب الكبير عباس محمود العقاد بتوجيه انتقادات كبيرة لظاهرة تحويل القصص والأعمال الأدبية لأفلام سينمائية.

قرأت للأستاذ عباس العقاد كلمة يقول فيها إن الأعمال الأدبية الكبير والقصص الرفيعة تفقد قيمتها إذا أخرجت على الشاشة، أما الأعمال الوسط أو الأقل من المتوسطة فإنها تكسب بإخراجها على الشاشة، وهذا الرأي الذي يقول به الأستاذ الكبير صحيح في جوهره، ولكنه يحتاج منك بعض الإيضاح والتفصيل، فالقصة الإنسانية الرفيعة، التي تتجلي فيها عبقرية الكاتب في رسم النماذج البشرية وتحليل العوامل النفسية، التي تسيطر على أعمالها.

وتبدو وقتها براعته في إدارة الحوار وتحليل المواقف وتحليل الخواطر وإيراد الأفكار العميقة، مثل هذه القصة قد تنجح نجاحا كبيرا إذا طبعت في كتاب ونشرت كعمل أدبي يقرأه الناس فيعجبون بأسلوبه ويفتنون بما فيه من أفكار عميقة يتيح الكتاب لهم فهمها بهدوء واستيعابها على مهل، لأن القارئ يستطيع دائما أن يعيد تلاوة الفقرة، التي تستعصي عليه أو العبارة، التي تروقه، ويمتلك أن يضع الكتاب جانبا ليفكر، فإذا شاهد هذا الكتاب بعد ذلك في فيلم على الشاشة فقد لا يجد به كثيرا من عناصر الجمال والقوة، التي شعر بها عندما طالع الكتاب، وذلك لأن السينما تعتمد على الصورة والحركة، وهذا هو أسلوبها في التعبير.

ولما كانت السينما تعتمد على الصورة والحركة والصوت كوسيلة للتعبير لها، أصبحت مجالا لعرض القصص التاريخية والتراجم والروايات التي تظهر فيها المناظر الضخمة والمجموعات الكبيرة والحوادث العنيفة المثيرة، إنما في هذه الحالة تخدم الكتاب وتبرزه للمشاهد بصورة أروع من الصور التي تقدمها له الصفحات المطبوعة، لأنها تجسم له المناظر والحوادث بما لديها من وسائل، وبخاصة في تطورها الحديث ونضرب لذلك مثلا لفيلمين خلال هذين الاتجاهين فقد قرأ الناس قصة ذهب مع الريح وشاهدوه على الشاشة.

ولا شك في أن الفيلم قد أبرز القصة في إطار رائع بحيث كانت على الشاشة أروع منها في الكتاب، أما الفيلم الآخر هو حد اللوم الذي نجح الكتاب كعمل أدبي رائع، وفشلت الشاشة في إظهاره كعمل سينمائي ناجح لدى الجمهور، وكيف لها أن تبرز ما فيه من فلسفة وعمق وما يفكر فيه القراء المثقفون؟ ولهذا كان الأستاذ العقاد على حق، عندما قال: إن الأعمال الأدبية الرفيعة تفقد قيمتها إذا أخرجت في السينما.

ومع ذلك فهذا الحكم ليس صحيحا على أسلافه، لأن بعض القصص الرفيعة يلائم موضوعها السينما، بحيث يمكن إخراجها على الشاشة دون أن يفقد شيئا من قيمته الأدبية، والمهم هو أن تعرف كيف تحولها لعمل سينمائي رفيع، وهذه ثابتة أي عملية تحويل الأثر الأدبي لفيلم سينمائي.

وبعبارة أخرى تحويل الكتاب إلى سيناريو هي أول وأخطر مرحلة في الموضوع، ولهذا تخصص في القيام بها كتاب لا عمل لهم إلا إعداد السيناريو، وأصبح السينارست هو المسؤول عن تحويل الأعمال الأدبية وتطويعها لأسلوب السينما.

وقد بدأت السينما المصريه تتجه إلى إنتاج الأدباء وكبار الكتاب، وما أحوجنا مع هذا إلى خلق طبقة صالحة من كتاب السيناريو، تطمئن الأدباء إلى أن أعمالهم لن تفقد كثيرا من قيمتها عندما تظهر على الشاشة البيضاء.