الثلاثاء 28 مايو 2024

تحريم لعبة الحوت الأزرق في مصر.. ومطالبات بتوحيد خطبة الجمعة عن «لعبة الانتحار».. والأزهر يحصن المراهقين بـ 11 نصيحة ذهبية.. والإفتاء تطالب بتجريم التطبيق القاتل

تحقيقات5-4-2018 | 19:38

سارعت المؤسسات الدينية في مصر، في إصدار فتواها بتحريم المشاركة في تطبيق لعبة الانتحار المعروفة بـ«الحوت الأزرق» خاصة بعد وفاة شاب مصري الأسبوع الماضي وهو نجل السياسي المعروف حمدي الفخراني، وزيادة عدد ضحايا في في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما قدمت مؤسسة الأزهر نصائح هامة لحماية المراهقين من الانغماس في مثل تلك التجارب القاتلة وحماية الأبناء داخل الأسر من الانهيار والضياع، مؤكدين ضرورة التمسك بالثوابت المجتمعية والدينية وعدم الهرولة وراء الألعاب الغامضة والمثيرة التي تؤدي إلى انهيار المجتمع.


كما خرجت بعض الأصوات المطالبة بضرورة توحيد خطبة الجمعة عن مخاطر الألعاب الإلكترونية وخاصة المخالفة لتعليم الدين الإسلامي والتي تخرج الشخص من ملته وتقضي على حياته بطرق مخالفة ومحرمة دينيا، مشددين على ضرورة زيادة التوعية الدينية وفرض مزيد من الرقابة على تلك التطبيقات الخطرة التي تهدد كيان المجتمع وتهدم بنيانه.


مطالبات بتوحيد خطبة الجمعة عن مخاطر لعبة الانتحار


وفي هذا الإطار، شدد الشيخ عبدالناصر بليح، وكيل مديرية الأوقاف بمحافظة الجيزة، بضرورة زيادة التوعية الدينية خاصة فيما يتعلق في استخدام الشباب للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ أصبحت تمثل خطرًا كبيرا يهدد حياة وكيان المجتمعات من خلال نشر ثقافة غريبة ومثيرة حتى وصل الأمل إلى إطلاق تطبيقات تحمل ألعاب قادرة على تدمير وإنهاء حياة الأفراد في المجتمعات المختلفة.

وأكد وكيل مديرية الأوقاف بمحافظة الجيزة لـ«الهلال اليوم» إن لعبة «الحوت الأزرق» التي انتشرت خلال الفترة الأخيرة بين الشباب ثمثل خطرا كبيرا من شقين أولهما الهيمنة  على العقول والتحكم فيها ثانيهما ارتكاب جريمة بشعة وهي الانتحار والإقدام على الموت بكفر والعياذ بالله.

وطالب "بليح" بضرورة تخصيص خطبة الجمعة القادمة أو التي تليها عن خطر تلك الألعاب القاتلة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي وحرمتها، فضلا عن الجريمة الدينية والقانونية التي يرتكبها مستخدمي تلك التطبيقات، مطالبا بضرورة وضع معالجة دينية لإثناء الشباب وخاصة المراهقين عن عدم الاشتراك في مثل هذه الألعاب.


تحريم استخدام تطبيق «الحوت الأزرق»


أما دار الإفتاء المصرية فسارعت اليوم، في إصدار فتواها بتحريم المشاركة في اللعبة المسمَّاة بـ"الحوت الأزرق" Blue Whale، التي تطلب ممن يشاركون فيها اتباعَ بعض الأوامر والتحديات التي تنتهي بهم إلى الانتحار، وهو ما وقع فيه الكثير من المراهقين مؤخرًا في مصر وعدد من دول العالم.

وطالبت "الدار" مَن استُدرج للمشاركة في اللعبة أن يُسارِعَ بالخروجِ منها، وناشد الآباء بمراقبة سلوك أبنائهم وتوعيتهم بخطورة هذه الألعاب القاتلة، وأهابت بالجهات المعنية تجريم هذه اللعبة، ومَنْعَها بكل الوسائل الممكنة، لما تمثِّله من خطورة على الأطفال والمراهقين.

وأوضحت دار الإفتاء، في فتواها، أن الشريعة الإسلامية جاءت رحمةً للعالمين، واتجهت في أحكامها إلى إقامة مجتمعٍ راقٍ متكاملٍ تسوده المحبةُ والعدالةُ والمثلُ العليَا في الأخلاق والتعامل بين أفراد المجتمع، ومن أجل هذا كانت غايتُها الأولى تهذيبَ الفرد وتربيتَه ليكون مصدر خيرٍ للبلاد والعباد، وجعلت الشريعةُ الإسلامية الحفاظَ على النفس والأمن الفردي والمجتمعي مقصدًا من أهم المقاصد الشرعية؛ التي هي: النفس، والدين، والنسل، والعقل، والمال. فكل ما يتضمن حفظ هذه المقاصد الخمسة فهو مصلحةٌ، وكل ما يفوتها فهو مفسدةٌ ودفعها مصلحة.

وأضافت أن الشريعةَ قررت أن الأصلَ في الدماء الحرمة، وسنَّت من الأحكام والحدود ما يكفل الحفاظ على نفوس الآدميين، ويحافظ على حماية الأفراد واستقرار المجتمعات، وسدَّت من الذرائع ما يمكن أن يمثل خطرًا على ذلك في الحال والمآل.

وأشارت إلى أنه من هذا المنطلق يتضح أن هذه اللعبة تشتمل على عدة أفعالٍ؛ كل واحد منها كفيلٌ بتحريمها شرعًا وتجريمها قانونًا؛ أهمها:

أولًا: أن المشارك في هذه اللعبة يبدأ بعد التسجيل فيها بنقش رمزٍ على جسده بآلة حادة؛ كالسكين أو الإبرة أو نحوهما، وفي هذا الفعل إيذاءٌ من الإنسان لنفسه، وهو أمرٌ محرمٌ شرعًا؛ فإن حفظ النفس من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة، ولهذا حرَّم اللهُ تعالى كلَّ ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزءٍ منه، وجعل رعايته في نفسه وجسده مقدمةً على غيرها، ومن مقتضيات الحفاظ على نفس الإنسان: حمايتُه مِن كل ما يمكن أن يصيبه بالضرر في صحته؛ فحرمت الشريعةُ عليه كلَّ ما يضره، وجرَّمَتْ إيصال الضرر إليه بشتى الوسائل.

وتابعت الدار في فتواها:" من المقرر شرعًا أيضًا أنه "لا ضرر ولا ضرار"؛ فهذه قاعدةٌ فقهيةٌ من القواعد الخمس التي يدور عليها معظم أحكام الفقه، وأصل هذه القاعدة ما أخرج ابن ماجه في "سننه" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ".

 

ولفتت إلى أن النقش على الجسد بآلةٍ حادةٍ -كسكِّين أو نحوها- يدخل تحت الوشم المحرم شرعًا، والوشم عبارةٌ عن غرز إبرةٍ أو مسلةٍ أو نحوهما في الجلد للنقش عليه؛ قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (14/ 106، ط. دار إحياء التراث العربي): "الوشم: أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النَّوْرة فيَخْضَرَّ، وقد يفعل ذلك بِدَاراتٍ ونقوش".

 

ثانيًا: يقوم المشارك في نهاية اللعبة بأحد فعلين: إما أن يقتل نفسه وهو الانتحار، أو يقتل غيره، وقد حَرَّمت الشريعةُ الإسلامية إتلافَ البدن وإزهاقَ الروح عن طريق الانتحار أو ما يؤدي إليه؛ فأَمَرَتِ الإنسانَ بالمحافظة على نفسه وجسده من كل ما يُهْلِكه أو يَسُوءُه، ونَهت عن أن يقتل الإنسانُ نفسَه أو يُنزِلَ بها الأذى؛ فلا يجوز لأحدٍ أن يتصرف في جسده تصرفًا يُؤدي إلى إهلاكه أو إتلافه، وكُلُّ إنسانٍ -وإن كان صاحب إرادةٍ فيما يَتعلق بشخصه- فإنها مُقَيَّدةٌ بالحدود التي شرعها الله تبارك وتعالى، كما في قوله سبحانه: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وروى الترمذي في "سننه" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا أَبَدًا».

بل جعل الله تعالى قتل النفس بغير حقٍّ كأنه قتلٌ للناس جميعًا؛ فقال سبحانه: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32].

ولفتت دار الإفتاء إلى أن النص الشرعي جاء مخبرًا بأن المسلم في أي ذنبٍ وقع كان له في الدين والشرع مخرجٌ إلا القتل؛ فإن أمرَهُ صعبٌ؛ فروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا». ويوضح هذا المعنى ما في تمام الحديث من قول ابن عمر رضي الله عنهما: «إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ».

 

11 نصيحة دينية للوقائية من «الحوت الأزرق»


كما قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عدة نصائح لوقاية الأبناء والأطفال من خطر لعبة انتشرت خلال الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تعرف باسم "الحوت الأزرق" Blue Whale-- وتعتمد على الإيذاء البدني للأطفال ويصل خطرها لإقدام الطفل على الانتحار، محذرا من خطورة استخدام تلك اللعبة، مطالبا بمنعها حتى يتم حماية الأبناء في كل أسرة.

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه تابع عن كثب ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من ألعاب تخطف عقولَ الأطفال، وتجعلهم يعيشون عالمًا افتراضيًّا يعزلهم عن الواقع، وتدفعهم بعد ذلك إلى ما لا تُحمد عاقبته، ومن ذلك ما انتشر مؤخرًا من لُعبة تُدعى «الحوت الأزرق» وما يماثلها.

وأضاف المرصد، إن هذه اللعبة تستهدف -بالأخص- أبناءنا وبناتنا من سن 12 إلى 16 عاما تقريبا، وهذه اللعبة تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنها للأسف تستخدِم أساليبَ نفسيةً معقَّدةً تحرض على إزهاق الروح من خلال الانتحار، والذي سُجِّلت أعلى حالاته في بلد المنشأ لهذه اللعبة وهي (روسيا) إذ تم تسجيل 130 حالة انتحار.

وأكد أن اللعبة انتشرت حتى وصلت إلى عالمنا العربي والإسلاميِّ، وقد نهانا الله سبحانه عن ارتكاب أي شيء يهدد حياتنا وسلامة أجسامنا فقال : {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، ولخطورة الموقف، وانطلاقًا من دور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الرائد في إرشاد الناس إلى ما فيه خيرهم، وتحذيرهم مما فيه ضررهم، انطلاقًا من هذا الدور يقدم المركز عدَّةَ نصائحَ لوقاية أبنائنا وبناتنا من الوقوع في هذا المنزلق الخطير والتي تساعد في بناء شخصيتهم والحفاظ عليهم، وهي:

1- متابعة الطفل بصفة مستمرة وعلى مدار الساعة.

2- مراقبة تطبيقات الهاتف بالنسبة للأبناء، وعدم ترك الهواتف بين أيديهم لفترات طويلة.

3- شغل أوقات فراغ الأطفال بما ينفعهم من تحصيل العلوم النافعة والأنشطة الرياضية المختلفة.

4- التأكيد علي أهمية الوقت بالنسبة للطفل.

5- مشاركة الطفل في جميع جوانب حياته مع توجيه النصح وتقديم القدوة الصالحة له.

6- تنمية مهارات الطفل، وتوظيف هذه المهارات فيما ينفعه والاستفادة من إبداعاته.

7- التشجيع الدائم للطفل على ما يقدمه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطة من وجهة نظر الآباء.

 8- منح الأبناء مساحة لتحقيق الذات وتعزيز القدرات وكسب الثقة.

9- تدريب الأبناء على تحديد أهدافهم، واختيار الأفضل لرسم مستقبلهم، والحث على المشاركة الفعالة والواقعية في محيط الأسرة والمجتمع.

10 - تخير الرفقة الصالحة للأبناء ومتابعتهم في الدراسة من خلال التواصل المستمر مع المعلمين وإدارة المدرسة.

11- تنبيه الطفل على حرمة استخدام آلات حادة تصيبه بأي ضرر جسدي، وصونه عن كل ما يؤذيه؛ وذلك لقول رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...» صحيح البخاري.