في مثل هذا اليوم، رحل عبقري الطرب
الشعبي وآخر من أبدع في فن الموال وهو المطرب المحبوب محمد عبد المطلب .. وهو باقٍ بما ترك من أغانٍ عاطفية شعبية ودينية، فلا يأتي شهر رمضان إلا وامتلأ أرجاء الوطن
العربي بصوته مبشراً بشهر الخير "رمضان جانا"، وهو المحب الشعبي
البسيط الذي يسكن في حي السيدة وحبيبه ساكن في الحسين، وهو اللائم على من يلهو
بقلوب المحبين "الناس المغرمين ، ما يعملوش كده" .. في ذكراه نلقي
الضوء على عدة مراحل في حياته.
ولد أبو نور في 13 أغسطس 1910 بقرية
شبراخيت وتعلم القراءة والكتابة بكتاب القرية، وانشغل في طفولته بسماع الأغاني في
مقهى بالبلدة وعشق صوت المطرب البديع عبد اللطيف البنا وعبد الحي حلمي، ولكن البنا
كان الأكثر تأثيراً في حياة طلب، فمنه تعلم ملكات الأداء وفن التطريب إلى أن حفظ
معظم أغانيه وأصبح يرددها.
انتقل محمد عبد المطلب إلى القاهرة في
أكتوبر 1925 أي عند الخامسة عشرة من عمره ليبدأ مشواره الفني كمذهبجي في تخت داود
حسني، وفيه تعلم الكثير من المقامات الموسيقية وأساليب الغناء والتطريب، ثم انتقل
إلى فرقة بديعة مصابني ليزامل نجوم الغناء أمثال محمد فوزي وإبراهيم حمودة وفريد
الأطرش وغيرهم، إلى أن ضاق به الحال فذهب إلى مكتب محمد عبد الوهاب يشكو له حاله، فأعطاه عشرة جنيهات وضمه إلى الكورس في فرقته، وبالفعل عمل طلب معه فترة طويلة
إلى أن قرر مخاصمة عبد الوهاب والانفصال عنه، ويرجع السبب إلى عدم اختيار عبد
الوهاب له ليشارك في فيلم الوردة البيضاء ضمن فرقته، وهنا قرر طلب أن يشق طريقه
بنفسه إلى أن التقى بالموسيقار محمود الشريف الذي منحه أول لحن ليكون أول درجة في
مجده الفني وكان لأغنية "بتسأليني بحبك ليه"، وتزامل الشريف وطلب في
كازينو بديعة إلى أن أصبح لهما كيان فني واحد ويقدمان أروع الأغنيات ومنها "ودع هواك وانساه وانساني" و "بياع الهوى" و"اسأل مرة
عليا" وأصبح طلب عديلاً للشريف عندما تزوج للمرة الثالثة والأخيرة.
شارك محمد عبد المطلب في كل المناسبات الوطنية بالغناء وكان نجم الإذاعة الذي يغني
بالساعات دول ملل ولحن له كبار الملحنين ومنهم رياض النسباطي وأغنية "شُفت
حبيبي " وكمال الطويل وأغنية "الناس المغرمين" ومحمد فوزي وأغنية
" ساكن في حي السيدة" وعبد العظيم محمد وأحمد صدقي ومحمد الموجي وغيرهم
من نجوم التلحين، وتوطدت علاقاته بكل نجوم الطرب ومنهم أم كلثوم، وقد أصيب بأزمة
نفسية عند مرضها وحرص في الصباح الباكر عند رحيلها أن يكون أول المتواجدين بمسجد
عمر مكرم واحتضن نعشها وانهمر في البكاء.
في مجال السينما، شارك محمد عبد المطلب بالتمثيل والغناء في 25
فيلماً أولها "خلف الحبايب" عام 1939 و"على بابا والأربعين
حرامي" و"كدب في كدب" و"تاكسي حنطور "و"ليلة الجمعة"
و"الجيل الجديد" و"كازينو اللطافة" ور"جل
المستحيل"
، وقد بدأ طلب الإنتاج السينمائي بفيلم "الصيت ولا الغنى" ثم
فيلم
5" شارع الحبايب"، كما شارك بالغناء في فيلم "بنت الحتة"
وفيلم
"توحة"
و"عفريت عم عبده" و"بنت الأكابر".