اُطلقت مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، اليوم الأحد، للقضاء على فيروس سي، والكشف عن الأمراض غير السارية، تحت شعار "100 مليون صحة"، والتي تستهدف نحو 50 مليون مواطن مصري، وذلك في مؤتمر صحفي موسع، بمقر مجلس الوزراء، حضره وزيرا الصحة، والتنمية المحلية، ومسئولو عدد من الجهات.
وفي مستهل المؤتمر عرضت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان كافة الترتيبات الخاصة بتنفيذ المبادرة الرئاسية، حيث أشارت إلى أن المبادرة تستهدف الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي (سي)، إلى جانب التقييم والعلاج من خلال وحدات علاج الفيروسات الكبدية المنتشرة في جميع محافظات الجمهورية، وكذا الكشف المبكر عن السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة، وتوجيه المكتشف إصابتهم لتلقي العلاج بمختلف وحدات ومستشفيات الجمهورية، وذلك بهدف التوصل إلى مصر خالية من فيروس سي بحلول عام 2020، وخفض الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية والتى تمثل حوالى 70% من الوفيات فى مصر.
وأشارت الوزيرة إلى ما تمثله تلك المبادرة من قوة باعتبارها تتيح فرصة لعدد كبير من المواطنين للاطمئنان على صحتهم وعدم اصابتهم بالامراض التى تستهدفها المبادرة من خلال الكشف المبكر عنها، داعية منظمات المجتمع المدنى إلى المشاركة فى الحملة بما يسهم فى تسهيل مهمة القائم على تنفيذها وزيادة توعية المواطنين باهداف المبادرة.
وأضافت أنه تم تشكيل فرق عمل لتنفيذ المبادرة تضم نحو 5484 فرداً، حيث يتكون كل فريق من 3 أفراد، عضو طبي، وتمريض، ومدخل بيانات، ويعمل كل فريق على فترتين، لاستقبال 60 مواطناً خلال فترة العمل الواحدة، وإجراء فحص فيروس سي، والأمراض غير السارية، وذلك للمواطنين ممن تزيد أعمارهم على 18 عاماً. كما تم تخصيص نحو 1412 مقراً لإجراء الحملة، منها وحدات الرعاية الأساسية، ومستشفيات وزارة الصحة، وسيارات العيادات المتنقلة، ومنشآت أخرى منها مراكز الشباب وقصور الشباب، وغيرها، وما تم اتاحته بالتعاون والتنسيق مع عدد من الجهات المعنية لتوفير 3108 أجهزة كمبيوتر وتابليت لاستخدامها فى الحملة، لافتة إلى أنه تم توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الصحة والسكان، والهيئة الوطنية للانتخابات، للاستعانة بقاعدة بيانات الناخبين للوصول لجميع المستهدفين بالمسح، مؤكدة فى هذا الصدد أن جميع بيانات المواطنين مؤمنة ويصعب اختراقها.
وحول مراحل تنفيذ المبادرة، أشارت وزيرة الصحة إلى أنه تم اختيار محافظات ممثلة عن جميع الأقاليم في كل مرحلة، حيث تبدأ المرحلة الأولى خلال الفترة من أكتوبر وحتى نوفمبر 2018، وتضمُ 9 محافظات، هي جنوب سيناء ومطروح وبورسعيد والإسكندرية والبحيرة ودمياط والقليوبية والفيوم وأسيوط، ثم المرحلة الثانية بين ديسمبر 2018 وفبراير 2019، وتضم 11 محافظة، هي شمال سيناء والبحر الأحمر والقاهرة والاسماعيلية والسويس وكفر الشيخ والمنوفية وبني سويف وسوهاج وأسوان والأقصر، وأخيرا المرحلة الثالثة، ما بين مارس وإبريل 2019، وتضم 7 محافظات، وهي الوادي الجديد والجيزة والغربية والدقهلية والشرقية والمنيا وقنا.
وأكدت وزيرة الصحة أن الحملة حددت آليات للتواصل معها، منها تدشين موقع الكتروني (www.stophcv.eg)، وإطلاق خط ساخن للمبادرة هو (15335)، إلى جانب إرسال نحو 50 مليون رسالة نصية قصيرة للتعريف بالحملة وأماكن اجراء المسح.
وأوضحت الوزيرة أن دورة العمل بنقاط المسح، تبدأ بتقدم المواطن بالرقم القومي الساري حيث يتم تسجيله على البرنامج الخاص بالحملة، ثم يتم عمل تحليل فيروس سي والسكر العشوائي، كما يتم قياس ضغط الدم والوزن والطول، ويتم تسجيل النتائج على كارت المتابعة الخاص بالمواطن والبرنامج الخاص بالوحدة، لافتة إلى أنه إذا كان فيروس سي إيجابياً يتم الحجز في مركز العلاج التابع للوحدة اليكترونياً، وكتابة اسم الوحدة والميعاد على الكارت، وتسليمه للمواطن لعمل التحليل التأكيدي وتلقى العلاج مجانا حال الاحتياج، وإذا تجاوزت نتائج تحليل السكر وقياس الضغط المعدلات المطمئنة، يتم تحويل المريض على أقرب مركز علاج ويتم التدوين على الكارت وتوجيهه نحوها لعمل الفحوصات التأكيدية وصرف العلاج مجاناً.
وعرضت الوزيرة جانباً من الاستعدادات الخاصة بالحملة، والتي تضمنت تجهيز وتدريب القوى البشرية على نظام الادخال الإلكتروني ببرنامج المسح، واستعمال الكواشف السريعة لفيروس سي، إلى جانب تصميم سُترة يرتديها الفريق المشارك بالحملة، تهدف للتعريف بالفرق العاملة بالمبادرة.
وأضافت وزيرة الصحة أنه تم تدشين الحملة الإعلامية والدعائية الخاصة بالحملة بداية من 21 سبتمبر 2018 على 3 مراحل وحتى نهاية الحملة، للتعريف بأهداف الحملة، وتوعية المواطنين بأهمية التعاون مع جهودها، وتشمل التغطية الإعلامية استخدام إعلانات التلفزيون، والراديو، واعلانات بالطرق الرئيسية، وطباعة عدد كبير من الملصقات والمطبوعات، بالإضافة إلى تدشين صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي صفحة على Facebook باسم (مبادرة رئيس الجمهورية للقضاء على فيروس سي والكشف عن الأمراض غير السارية)، وأخرى على Instagram باسم (100 مليون صحة).
وأوضحت الوزيرة أن الحملة تتم بالتنسيق بين 14 وزارة، والهيئة الوطنية للانتخابات، والجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء، وهيئة الرقابة الإدارية، وصندوق تحيا مصر، ومنظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، والهيئة العامة لقناة السويس، كما تتم المتابعة المركزية للحملة ويتم تقييمها بواسطة منظمة الصحة العالمية وصندوق تحيا مصر.
من جانبه، أشار وزير التنمية المحلية إلى ما تم بذله من جهود بمختلف المحافظات استعداداً لتنفيذ مبادرة السيد رئيس الجمهورية للقضاء على فيروس سي، والكشف عن الأمراض غير السارية، حيث تم الاستعانة بالعاملين بمراكز المعلومات على مستوى المحافظات وتدريبهم للمشاركة فى توعية المواطنين بأهمية تلك المبادرة ومساهمتها فى الاطمئنان على صحتهم والقضاء على فيروس "سي"، مؤكداً أن تلك المبادرة تاريخية لما لها من دور حيوى فى القضاء على فيروس "سي" بشكل لم يسبق تنفيذه على مستوى العالم بهذا الحجم.
وخلال المؤتمر الصحفى اعرب الدكتور جون جبور، ممثل منظمة الصحة العالمية، عن شرف تمثيله للمنظمة فى هذا الحدث المهم وهو مبادرة السيد رئيس الجمهورية للكشف الجماعى والمبكر عن فيروس "سي" والأمراض غير السارية، مهنئاً مصر قيادة وشعباً على هذه المبادرة الإستراتيجية باعتبارها تطبق للمرة الأولى في إقليم الشرق الاوسط، مشيداً بهذه المبادرة المصرية، مؤكداً على أن من أهم عوامل نجاحها هو الالتزام السياسى على أعلى مستوى في الدولة والذى يتمثل فى رئيس الجمهورية ووزيرة الصحة والسكان.
وأكد الدكتور جون جبور أن المبادرة تعتبر نموذجاً يحتذى به عالمياً لتنفيذ منهجية موحدة تعالج مشكلتين أساسيتين على صعيد الصحة العامة في مصر. بالرغم من أن معدل انتشار فيروس "سي" في مصر هو الأعلى عالمياً ولكن الجدير بالذكر أن مصر لديها أقوى برنامج قومى للفيروسات الكبدية في العالم حيث ساهمت مصر بالوصول إلى الهدف العالمى وهو علاج ثلاثة ملايين شخص متعايش مع فيروس سي من خلال علاج أكثر من نصفهم في مصر وفى وقت قصير جداً لا يتعدى الأربع سنوات. ومن جهة أخرى تعتبر الأمراض غير السارية الأعلى انتشاراً في مصر لتأتى هذه المبادرة لاكتشاف الأشخاص المصابين بتلك الأمراض بمنهجية متكاملة وديناميكية لتقوية البرنامج القومى لمكافحتهم وترشيد المرضى للوصول إلى أفضل علاج.
كما أشار الدكتور جبور إلى أنه منذ عام 2014 دعمت منظمة الصحة العالمية جميع النقاشات والحوارات المتعلقة بتسعير الدواء، حيث تعمل المنظمة بأمانة مع وزارة الصحة والسكان لبناء القدرات للمنتجين المحليين للحصول علي اعتماد منظمة الصحة العالمية WHO Prequalification وذلك لضمان أمان الدواء وفعاليته ولترويجه واستخدامه عالمياً. وأعرب عن سروره باستمرار المنظمة في توفير الدعم لإطلاق السياسة الوطنية للحقن الآمن كجزء من مكافحة العدوي ولوضع مصر ضمن المعايير والسياسات العالمية، مؤكداً على أهمية هذه المبادرة لأنها تستعمل الاختبارات التشخيصية السريعة المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية لكشف المتعايشين مع فيروس سي ومن ثم تحويلهم إلى العلاج مجاناً مع الأخذ بعين الاعتبار السرية التامة لهؤلاء الأشخاص، مضيفاً أن منظمة الصحة العالمية ستعمل مع الحكومة المصرية وتحديداً وزارة الصحة والسكان كشريك أساسي لضمان نجاح هذه المبادرة وكمراقب خارجي من خلال توفير خبراء محليين ضمن معايير عالمية لمراقبة التنفيذ الميداني وتقديم الدعم الفني المطلوب عند الحاجة.
وفي ختام كلمته نوه إلى أن منظمة الصحة العالمية تعتبر هذه المبادرة فرصة ذهبية وخطوة أولي لتنفيذ الخطة القومية المتعددة الأطراف للوقاية من الأمراض غير السارية والتي أطلقت برعاية وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد. مجدداً باسم منظمة الصحة العالمية الاعتزاز والفخر بهذه المبادرة المصرية ومؤكداً أن المنظمة ستستمر بتوفير الدعم المطلوب للوصول إلى الأهداف المرجوة من خلالها وكل البرامج المتعلقة بالصحة العامة لما فيه خير للمواطن المصري.
من جهته أشار عمرو الشلقاني ممثل البنك الدولي إلى أن البنك الدولي هو شريك رئيسي للحكومة المصرية في مشروع القضاء على الأمراض غير السارية وعلاج مرضى ڤيروس سي، مؤكداً أن البنك بدأ التعاون مع الحكومة في هذا الملف قبل عامين. حيث قام بدراسة تأثير مرض ڤيروس سي على الاقتصاد المصري ومدى تأثيره الواضح على معدل دخول الأسر الفقيرة، وكذا دراسة المردود الإيجابي للقضاء على المرض ومجابهته.
وذكر أن البنك الدولي قدم للحكومة المصرية دعما تقنيا إلى جانب التمويل الذي بلغ ١٣٣ مليون دولار لعملية مسح الأمراض غير السارية والكشف عن مرضى ڤيروس سي، بالإضافة إلى ١٢٩ مليون دولار مقدمة من البنك الدولي لعلاج مرضى ڤيروس سي.
وأضاف الشلقاني أن البنك الدولي يرى أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي للقضاء على الأمراض غير السارية هي تجربة رائدة وضخمة حيث لا توجد حملة في العالم تمت بهذا القدر على الصعيد المجتمعى، لافتا إلى أن هناك دولاً أخرى سيكون بإمكانها الاستفادة من التجربة المصرية في القضاء على الأمراض غير السارية.
وذكر أن ريادة التجربة تأتي من انخفاض سعر الأدوية والكواشف الخاصة بفيروس سي والأمراض غير السارية، مشيراً إلى أن دعم البنك لمصر يأتي من منطلق أن مصر كانت في مقدمة الدول التي تبنت مشروع الرأسمال البشري المقدم من البنك الدولي.