رعت البطريركية المارونية في لبنان مصالحة وصفت سياسيا بأنها تاريخية بين قطبي الموارنة في لبنان، حزب القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع، وتيار المردة برئاسة الوزير السابق سليمان فرنجيه، وسط ترحيب سياسي كبير من كافة القوى والتيارات والأحزاب السياسية اللبنانية.
وأنهت المصالحة التي عقدت اليوم في بكركي حيث المقر البطريركي، عقودا من الصراعات الدموية والخلافات بالغة الحدة بين حزب القوات اللبنانية وتيار المردة، إبان فترة الحرب الأهلية اللبنانية، وهو الصراع الذي بلغ ذروته باغتيال الوزير طوني فرنجيه (والد سليمان فرنجيه) وعدد من أفراد عائلته والعشرات من أنصاره، في ما عرف بـ (مجزرة إهدن) التي وقعت في شهر يونيو عام 1978.
وقاد البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي مصافحة تاريخية بين جعجع وفرنجيه، واللذين حضر كل منهما على رأس وفد نيابي ووزاري من أعضاء حزبيهما.
وصدر في ختام اجتماع المصالحة الذي رعاه البطريرك الراعي (وثيقة بكركي - القوات اللبنانية وتيار المردة) والتي تؤسس لمصالحة مسيحية – مسيحية، في إطار العمل الوطني اللبناني، على النحو الذي يدعم وحدة لبنان ومصالح شعبه.
وجاء بوثيقة المصالحة أنها تأتي "بصرف النظر عن الخيارات السياسية لأطرافها الذين ينشدون السلام والاحترام المتبادل، وخير لبنان دولة وشعبا وأرضا، من دون أي حسابات سياسية قد تتبدل تبعا للظروف والتغيرات".
وأكدت وثيقة التصالح أن تيار المردة وحزب القوات اللبنانية يعلنان عن إرادة مشتركة في طي صفحة الماضي الأليم، والتوجه إلى أفق جديد في العلاقات على المستوى الإنساني والاجتماعي والسياسي والوطني، مع التأكيد على ضرورة حل الخلافات عبر الحوار العقلاني الهادف إلى تحقيق مصلحة لبنان العليا.
وأشار الطرفان إلى أن زمن العداوات والخصومات بين القوات اللبنانية والمردة، قد ولى، وجاء زمن التفاهم والحوار وطي صفحة أليمة والاتعاظ من دروس الماضي وأخطائه وخطاياه منعا لتكرارها، أملا بغد الرجاء والتفاهم.
وأضافت وثيقة المصالحة أن اللقاء الذي عقد اليوم ينطلق من قاعدة تمسك كل طرف بقناعاته وبثوابته السياسية، ولا تقيد حرية الخيارات والتوجهات السياسية ولا تحمل إلزامات محددة، بل هي قرار لتخطي مرحلة أليمة، ووضع أسس حوار مستمر تطلعا إلى أفق مستقبلي مفتوح.
وأكد الطرفان أن الاختلاف السياسي، لا يمنع التلاقي حول القضايا الوطنية والإنسانية والاجتماعية والإنمائية مع السعي الدائم لتضييق مساحة الاختلاف السياسي قدر الإمكان، مع التشديد على احترام التعددية السياسية والمجتمعية وحرية الرأي والحريات العامة والخاصة، والالتزام بالدستور والقوانين والقواعد الديمقراطية بما يختص بالعمل السياسي والحزبي في لبنان.
من ناحية أخرى، رحبت القوى السياسية اللبنانية بالمصالحة، ووصف رئيس الوزراء سعد الحريري المصالحة بين القوات والمردة، بأنها صفحة بيضاء تطوي صفحات من الألم والعداء والقلق، موجها التحية على هذه المصالحة إلى فرنجيه وجعجع.