تقرير: فاطمة قنديل
طالب خبراء قانون جنائى بشكل قاطع بإعدام المتهم باغتصاب «طفلة البامبرز»، مؤكدين أن «قانون العقوبات ينص على أن جريمة الخطف بمفردها «جناية»، أما إذا اقترنت بـ«الاغتصاب» يُعاقب الجانى بالإعدام، وطالبوا بتوقيع أقصى عقوبة على الجانى وهى الإعدام.. «المصور» ناقشت الموقف القانونى للجانى، والعقوبة التى قد تُوقع عليه، وكذلك عقوبة والدته التى أخفت الطفلة.
من جانبه، قال الدكتور شوقى السيد خبير القانون الجنائى، إن الرضيعة لا يمكن اغتصابها؛ لكن هو شروع فى الاغتصاب وهو ما حدث مع الطفلة «جنا».
وأضاف «السيد» أن الاغتصاب فى القانون هو جناية يعاقب عليها بالسجن من ٣ إلى ١٥ سنة، وتكون السلطة التقديرية للعقوبة المناسبة هنا للقاضى وفقًا لخطورة الجريمة وخطورة الفاعل ، وهناك وقائع لم تكن فى ذهن المشرع، لأن المشرع الذى شرع عقوبة الاغتصاب لم يكن يتخيل أبدًا أنه سيأتى يوم تحدث فيه مثل هذه الواقعة، ولذلك عندما وضع عقوبة الاغتصاب وضعها (من.. إلى) بحيث تكون ملابسات الواقعة أمام القاضى ويصدر الحكم عنها، وإنما عندما يتغير الواقع يتطلب ذلك تدخل المشرع، مشيراً إلى أن هناك قاعدة تقول إن «النادر لا حكم له»، ولا نستطيع أن نقول إن اغتصاب الأطفال فى المجتمع المصرى تحول لظاهرة؛ لكن هذا النوع من جرائم الاغتصاب تكرر فى الفترة الأخيرة، ولذلك يجب تشديد العقوبة ومدها لتشمل كل من ساهم وشارك وسهل وقوع هذه الجريمة.
مضيفاً: أما فى حالة إذا أدى الاغتصاب إلى وفاة المجنى عليها، فنصبح أمام جريمتين وهما جريمة الاغتصاب بالإضافة إلى جريمة القتل.. والعقوبة هنا تكون فى الجريمة الأشد وهى جريمة القتل، ومع ذلك قد يعتبر القتل هنا خطأ، لأن الجانى هُنا قد لا يكون مُتعمدا القتل، بينما هو متعمد الاغتصاب، وفى هذه الحالة يعتبر قتل خطأ، وللقاضى الحق فى ألا يحكم فيها بالإعدام، مؤكداً أن ما يحدث من وقائع فى الحياة من صور لم يكن يتخيلها المشرع نهائيًا يفرض عليه تعديل القانون بعقوبة (تتناسب) مع هذا الفعل؛ لكى تؤدى إلى الردع.
من جهتها، وصفت الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، جريمة اغتصاب «طفلة البامبرز» بـ»الجريمة الشنعاء التى لا يتصورها عقل»، مضيفة: أنه لا داع للمطالبة بتغليظ العقوبة للإعدام، لأن عقوبة الإعدام موجودة بالفعل، بحيث جاء فى نص عقوبة الاغتصاب فى القانون «أنه من واقع أننى بغير رضاها يعاقب بالسجن المشدد، فإذا كان الفاعل من أصول المجنى عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادمًا بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالسجن المؤبد، وبناء عليه العقوبة تكون سلطة تقديرية للقاضى لها حد أدنى وحد أقصى لكى يختار العقوبة الملائمة لظروف الواقعة.
وكشفت «عبد الستار» عن أمر آخر مهم، وهو أن الطفلة «جنا» الجانى قام بخطفها قبل اغتصابها، ويوجد نص فى القانون أن جريمة الخطف بمفردها هى جناية، أما إذا اقترنت جريمة الخطف بجريمة الاغتصاب يعاقب الجانى بالإعدام، وهى المادة ٢٩٠ من قانون العقوبات، مشيرة إلى أنه فى حالة أن يكون الجانى قاصرًا (مثلما حدث فى واقعة الطفلة زينة) يوجد قانون الطفل الصادر سنة ١٩٩٦ وتم تعديله سنة ٢٠٠٨ وجاء فيه أنه يعتبر طفلًا كل من لم يتجاوز عمره ١٨ سنة ميلادية كاملة ولو بيوم واحد، فإذا ارتكب جريمة ما وكان عمره أقل من ١٥ سنة يتم إيداعه بدور الأحداث، أما إذا كان الجانى عمره أكثر من ١٥ سنة وأقل من ١٨ سنة فيتم توقيع عقوبة عليه أخف من العقوبة الأصلية فى حالة إذا كان الجانى شخصا بالغا. وتابعت بقولها: لكن بالطبع سن ١٨ سنة يختلف من دولة إلى أخرى ففى البيئة المصرية شاب عمره ١٨ سنة قد يكون متزوجا ولديه أطفال، ومع ذلك القانون يعتبره هو وزوجته وأبناءه أطفالا، وأنا كثيرًا ما طالبت بتخفيض هذا السن إلى ١٦ سنة خاصة وأن الشريعة الإسلامية وهى المصدر الرئيسى للتشريع فى مصر جاء فيها أن سن البلوغ للذكور هو ١٥ سنة؛ ولكن كان هناك عقبة أما هذا الطلب وأمام المشرع فى الموافقة عليه، وهو أن مصر منضمة إلى اتفاقية حماية الطفل وهى اتفاقية دولية، وبالتالى مصر ملزمة بها ولا تستطيع تجاوزها وتكون ملزمة بالسن الموجود بها هو ١٨ سنة، ولا يمكن تخفيضه وهو أمر منطقى، لأنه ثبت أن عقل الفرد فى هذه الفترة وخبرته فى الحياة وتقديره للخير والشر يكون أقل من الشخص البالغ، ولذلك هو أمر مرفوض على المستوى المصرى.
وأكدت الدكتورة فوزية عبد الستار أنه بالنسبة لواقعة الطفلة جنا، فالجانى فيها سيعاقب بمقتضى نصين وليس رضاء أحد، أولهما أن جريمة الخطف إذا اقترنت بجريمة الاغتصاب ستكون العقوبة الإعدام، وهو ما حدث فى الواقعة المذكورة، وثانيهما أنه إذا كانت المجنى عليها عمرها أقل من ١٨ سنة تكون العقوبة أيضًا بالإعدام، وهو أيضًا أمر متوفر فى الواقعة المذكورة، ولذلك سيعاقب الجانى حتمًا بالإعدام، وتكون العقوبة هنا بمثابة الردع لكل من تسول له نفسه القيام بمثل هذه الجرائم. مضيفة: أن عقوبة الإعدام ذاتها اختلف عليها فقهاء القانون الجنائى بهدف السير وراء التشريعات الأجنبية، بالرغم أنها موجودة فى الشريعة الإسلامية التى هى المصدر الرئيسى للتشريع كنوع من القصاص، وطالما تم فرضه فى ظروف معينة إذًا نأخذ بها ونحن مطمئنون.