أعلن أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أنه تم تكليفه من قبل مجلس الجامعة على مستوى المندوبين بإعداد مشروع ملحق للانعقاد الدوري للقمة التنموية الاقتصادية مرة كل أربع سنوات بالتزامن مع القمة العادية وعرضه على القمة العربية العادية المقبلة.
جاء ذلك في كلمته، اليوم الخميس، في الجلسة الافتتاحية لاجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في الدورة العادية (30) .
وقال أبو الغيط، إنه يود إحاطة المجلسِ الاقتصادي والاجتماعي علماً بأن اجتماع المندوبين الدائمين التحضيري للقمة الذي عقد أمس الأربعاء ، توصل إلى صيغة مشروع قرار بشأن تزامن انعقاد القمتين العادية والتنموية: الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف قائلا "تتضمن الصيغة الموافقة على تزامن انعقاد القمتين العادية والتنموية مرة كل أربعة أعوام ، على أن يتم تطبيق هذا التزامن بعد انعقاد الدورة الخامسة للقمة التنموية الاقتصادية في موريتانيا عام 2023..وأردف "تم تكليفي بإعداد مشروع ملحق للانعقاد الدوري للقمة التنموية لتنظيم أعمالها وعرضه على القمة العربية العادية القادمة".
ووجه أبو الغيط التهنئة إلى الجمهورية التونسية على تولي رئاسة الدورة الثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، متمنياً لها خالص النجاح والتوفيق ، كما توجه بعميق التحية إلى المملكة العربية السعودية على رئاسة الدورة السابقة للقمة العربية والإدارة الحكيمة لدفة العمل العربي المشترك طوال العام المنصرم..منوها بعقد القمة التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، قبل شهرين في بيروت.
وقال "لا شك أن استئناف عقد القمم التنموية ضمن منظومة العمل العربي المشترك - بعد ست سنواتٍ من الانقطاع- ينطوي على دلالة لا تخفى ، مفادها أن الحكومات العربية أدركت أن التحديات التي تواجه العالم العربي ذات طبيعة مركبة ومتداخلة، ولا يُمكن مواجهتها سوى بحزمة سياسات تمزج بين الأدوات الاقتصادية والبرامج الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع أية إجراءات أمنية أو سياسية أو غيرها".
وأشار إلى أن مسيرة التنمية العربية تعرضت لانتكاسة كبرى في بعض الدول التي شهدت حواضرها الخراب والتدمير، وتعرض سكانها للضياع والتهجير.. لجوءاً ونزوحاً وتشريداً.
وعلق على هذا الوضع قائلا "لقد صارت بلادنا وللأسف منتجة لنصف لاجئي العالم.. ولا تزال جرثومة الإرهاب، برغم ما تحقق من انتصارات على أكثر تجلياته قبحاً، أي تنظيم داعش، كامنة في الكثير من مجتمعاتنا".. وتابع "أن معركتنا المستمرة مع الإرهاب هي في حقيقة الأمر سباق ضار على عقول الشباب التي تسعى جماعات الإجرام والعنف إلى ملئها بشتى صنوف التطرف المقيت والكراهية للإنسانية كلها"..مضيفا " وليس أمامنا، في مواجهة هذا التحدي، سوى الإسراع بتحصين تلك العقول الشابة بالتسامح وروح الانتماء إلى الأوطان، بل الانتماء إلى الجماعة الإنسانية بأسرها".
وشدد على أن الاستثمار الأجدى نفعاً، والأكثر تأثيراً، هو الاستثمار في البشر، تعليماً وصحةً، توعية وتدريباً، تهيئة وتجهيزاً للمستقبل.
وقال إن الطاقة الكبرى لدى الاقتصادات العربية، والمتمثلة في مجتمعاتها الشابة، ما زالت غير مستغلة على نحو كامل، بل لا أقول مُهدرة وضائعة في بعض الحالات ،ويحتاج الأمر إلى مئات، بل آلاف، من المبادرات والبرامج، لتحفيز هذه الطاقة المعطلة وإطلاقها، خاصة في صورة مشروعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، مولدة للوظائف ومستوعبة للعمالة.. مشيرا إلى أنه جرى خلال القمة التنموية الأخيرة استعراض بعض هذه المبادرات، وينبغي متابعة العمل على هذا الصعيد بكل اليقظة والجدية.
وأضاف أن التعليم، على وجه الخصوص، يكتسب اليوم أهمية استراتيجية تجعل منه التحدي الأول أمام مجتمعاتنا التي تحتاج إلى الانتقال من مرحلة الإتاحة إلى الجودة والتميز..موضحا أنه لا يكفي أن نتيح لأبنائنا فرص التعليم، على أهمية ذلك بطبيعة الحال ، بل إذا أردنا أن نجد لنفسنا مكاناً في حلبة المنافسة العالمية علينا أن نُقدم هذا التعليم بمعايير عالمية، تخاطب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
وأشار إلى أن هذه الثورة -التي ستغير طبيعة الاقتصاد بصورة جذرية- تفترض اعتماد نمط معين من التعليم يرتكز على الإبداع والابتكار والتفكير النقدي..مشيرا إلى أنه من دون تعليم كهذا، ستظل المجتمعات العربية – كما هو الحال الآن- تُعاني انفصالاً مُزعجاً بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل ،وهو ما يُسهم في ظاهرة بطالة الشباب، خاصة بين خريجي التعليم العالي، بكل ما ينطوي عليه ذلك من آثار اجتماعية وسياسية نعرفها ونلمسها جميعاً بدرجاتٍ متفاوتة في المجتمعات العربية.
وأضاف " أن تحقيق التوازن بين واقع الديموغرافيا من جهة، ومعطيات المياه والغذاء والطاقة من جهة أخرى، يتطلب تخطيطاً مستقبلياً وعملاً تكاملياً بين الدول العربية.. خاصة أن تحقيق هذا التوازن ينطوي على صعوباتٍ إضافية في ظل سيناريوهات التغير المناخي والتدهور البيئي،وهي ليست بعيدة عن المنطقة العربية، بل حاضرة ومؤثرة في أزماتها الحالية وتلك المحتملة في المستقبل".
وأشار إلى أنه معروض ضمن الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع إلى القمة موضوع هامٌ في هذا الخصوص يتعلق بـ "التعامل العربي مع قضايا تغير المناخ"..موضحا أن ثمة موضوع آخر معروض على القمة لا يقل أهمية هو "الاستراتيجية العربية لكبار السن".
وقال إن هذا موضوع يتعلق بقضية أوسع هي الحاجة إلى تجديد العقد الاجتماعي في بلداننا، مع إيلاء اهتمام أكبر لكبار السن ومن يعانون العجز، فضلاً عن هؤلاء الذين يعيشون في فقر مُدقع، أو ما يُسمى "الفقر متعدد الأبعاد" .
وأشار إلى أن العقد الاجتماعي الصحي في أي مجتمع ناهض يأخذ بيد الفئات الأضعف، ويوزع الأعباء بشكل منصف – قدر الإمكان- على الجميع، ويُتيح طريقاً للصعود الاجتماعي على أساس الجهد والعمل،وبهذا يقوى النسيج الجامع للمجتمع بكافة فئاته وطبقاته وشرائحه العُمرية، وتترسخ مناعة الأوطان في مواجهة الاضطرابات والفتن الاجتماعية والسياسية.