زيارة
هامة سيجريها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا، الأسبوع الجاري، لفتح آفاق جديدة
في مسيرة العلاقات بين البلدين، ودفع التعاون المشترك لخدمة قضايا القارة
الأفريقية، حسبما أكد خبراء سياسيون، موضحين أن قمة روسيا أفريقيا تستهدف دعم
التعاون بين الجانبين وستتصدر قضايا التنمية ومكافحة الإرهاب أجندة أعمالها.
وتعقد في
مدينة سوتشي الروسية، الأربعاء المقبل، القمة الروسية-الإفريقية وسيرأسها الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين بالمشاركة مع الرئيس السيسي؛ الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، ومن المقرر
أن تشهد القمة التي تجمع قادة الدول الإفريقية وكبرى المنظمات الإفريقية، توقيع العديد
من الاتفاقيات التي تساهم في تحسين ورفاهية الشعوب الإفريقية وتحقيق السلام.
وتناقش
القمة مجموعة واسعة من القضايا الدولية، وبحث سبل تعميق التعاون الروسي الإفريقي في
مجالات مختلفة من السياسة إلى الثقافة، ومن المقرر أيضاً التوقيع على العديد من الاتفاقيات
الثنائية ومتعددة الأطراف، كما أن القمة تركز على العديد من القضايا الاقتصادية المهمة
ذات الاهتمام المشترك ومنها قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتعدين والزراعة وتكنولوجيا
المعلومات، وكذلك مكافحة الإرهاب والتطرف، وإيجاد الحلول لمشكلات القارة الإفريقية
ومكافحة الفقر والأمراض والعمل على التقدم التكنولوجي.
دفع العلاقات الثنائية والتعاون لخدمة قضايا أفريقيا
الدكتور
نبيل رشوان، خبير الشئون الروسية، قال إن الزيارة المرتقبة التي سيجريها الرئيس عبد
الفتاح السيسي إلى روسيا تحمل بعدين هامين الأول على المستوى الثنائي بين القاهرة
وموسكو والثاني على مستوى العلاقات الأفريقية الروسية، بعقد قمة روسيا أفريقيا،
حيث سيمثل الرئيس القارة بأكملها بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي.
وأوضح
رشوان، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الرئيس السيسي ونظيره الروسي
فلاديمير بوتين سيعقدان لقاء خلال هذه الزيارة بما يعمل دعم العلاقات الثنائية بين
الدولتين والتي وصلت إلى مستوى استراتيجي، مضيفا إن هذا اللقاء سيتطرق لدفع
التعاون الثنائي وبحث الأوضاع الإقليمية الراهنة وخاصة الملف السوري.
وأكد أن
القارة الأفريقية وروسيا بينهما مشروعات في ظل الاهتمام الروسي بأوضاع القارة
وخاصة مكافحة الإرهاب في ليبيا وجنوب الصحراء، مضيفا إن ملف الإرهاب سيكون على رأس
الأولويات خلال القمة المرتقبة في مدينة سوتشي الروسية، كما سيكون هناك بعدا
اقتصاديا لدفع التعاون بين الجانبين.
وأضاف إن
زيارة الرئيس روسيا ستشهد أيضا لقاء مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لبحث أزمة
سد النهضة والذي قد يسهم في حل التعثر الذي شهدته المفاوضات بين مصر وإثيوبيا
والسودان، مشيرا إلى احتمالية دخول روسيا كوسيط رابع في المفاوضات خاصة أن اتفاق
المبادئ ينص على اللجوء للوساطة في حالة تعثر المفاوضات.
قضايا
القمة
قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ
العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي روسيا تكتسب
أهمية كبرى في إطار التعاون المصري الروسي والتعاون الأفريقي الروسي، مضيفا إن
السيسي بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي سيتولى رئاسة قمة "روسيا أفريقيا"
مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كما ستشارك أكثر من 40 دولة أفريقية.
وأوضح بدر الدين، في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن الرئيس سيعقد خلال القمة عدة لقاءات ثنائية أبرزها
مع نظيره الروسي لبحث العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك وخاصة
الملف السوري، فضلا عن لقاءات مع قادة الدول الأفريقية على هامش القمة، ومن بينهم
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بعد تعثر مفاوضات سد النهضة، بما سيكون له تأثيرا
إيجابيا.
وأضاف إن القمة ستناقش قضايا
التنمية في أفريقيا والإرهاب وأزمات المنطقة والتعاون الاقتصادي والتجاري، مشيرا
إلى أن مصر وروسيا بينهما تعاون ثنائي في مجالات متعددة سواء الاستثمارات
والاقتصاد والمجال العسكري.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى
أنه بعد تعثر المفاوضات الخاصة بأزمة سد النهضة، فقد حدد القانون الدولي طرقا
سلمية لحل المنازعات من بينهما الوساطة والتحكيم، وقد يكون هناك وساطة روسية بين
مصر وإثيوبيا والسودان لدفع المفاوضات،
مؤكدا أن مصر أبدت قدرا كبيرا من المرونة طوال السنوات الماضية وتشجع التنمية في القارة
لكن دون الإضرار بالأمن المائي المصري.
وأكد أن روسيا لها مكانة خاصة في
أفريقيا ولها تاريخ من التعاون المشترك فضلا عن أن روسيا لم تكن من قبل دولة
مستعمرة في القارة بما يجعل لها مكانة إيجابية ومتقبلة من كل الدول، مشيرا إلى أن
أفريقيا تشغل اهتمام كافة الدول في العالم سواء الصين أو أمريكا أو أوروبا، وهذا
يرجع للثروات والفرص الواعدة في القارة، والتي يمكن استغلالها بما يعود بالمنفعة
المشتركة على الجميع.
ولفت إلى أن مصر لها دور كبير في
هذا الإطار بصفتها رئيسا للاتحاد الأفريقي ولها دور مهم في القارة فهي بوابة الدخول
إلى القارة، مشيرا إلى أن هناك تعاون مصري روسي في إطار إقليمي وآخر في الإطار
الثنائي، ما سيجعل لهذه الزيارة أهمية كبرى على كافة المستويات التكامل والتعاون
في الأمن القومي الإقليمي والاستثمارات في القارة للخروج بنتائج إيجابية في هذا
الشأن.
مصر بوابة التعاون
فيما قال طارق البرديسي، خبير
العلاقات الدولية، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي روسيا خلال الأيام القليلة
المقبلة تأتي في توقيت مهم، مضيفا إن مصر تدرك أهمية تقوية علاقاتها وتنويعها مع روسيا
والصين وكل القوى الصاعدة وذلك مع علاقاتها الإستراتيجية الثابتة مع الولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي.
وأكد في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن الزيارة إلى جانب أهميتها على المستوى الثنائي تكتسب أهمية كبرى
على المستوى القاري، حيث سيرأس السيسي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين قمة روسيا
أفريقيا في مدينة سوتشي نهاية الأسبوع الجاري، مؤكد أن هذه القمة استكمال للقمم أخرى
مشابهة مثل اليابان إفريقيا، وأوروبا إفريقيا، والصين إفريقيا.
وأوضح أن العالم يلهث وراء إفريقيا
لأنها قارة الفرص المستقبلية، ومصر أساسية وبوابة مركزية لتعاون روسيا وغيرها من دول
العالم مع إفريقيا، مضيفا إن مصر بمثابة البهو الفرعوني لدخول أي دولة للعمارة الإفريقية
الحبلى بالفرص والموارد والإمكانات الهائلة.
وأشار إلى أن مصر برؤيتها الإستراتيجية
المبكرة لا تألو جهداً في دعم وتمتين العلاقات القوية مع روسيا والصين والهند واليابان،
مشيرا إلى أن كل هذه القوى تعرف أهمية مصر الجيوسياسة في نسج العلاقات الاقتصادية والاستثمارية
مع إفريقيا.
وأضاف إن زيارة السيسي تحمل مجموعة
من الملفات على المستوى الثنائي والقاري والمتوقع طرحها خلال أجندة الزيارة، وعلى
رأسها ملف محطة الصبغة النووية وفرص مصر الواعدة في محور قناة السويس والمنطقة الصناعية
الروسية في شرق التفريعة، مشيرا إلى أنه معروف علاقات مصر روسيا القديمة في السد العالي
والحديد والصلب وعلاقاتهما الثقافية والفنية المستمرة.
وأكد أن مصر تستطيع تقديم إمكانات كبيرة
في سبيل دعم التعاون الروسي والقارة السمراء في كافة المجالات.