أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الجامعة تؤمن إيماناً عميقاً بأن المجتمعات والحكومات تحتاج لصورة علمية صحيحة وواضحة عن أولويات الشباب وتوجهاتهم.
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط، اليوم الثلاثاء، خلال مؤتمر صحفي حول نتائج دراسة وإطلاق منصة أولويات الشباب العربي في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وأعرب أبو الغيط عن سعادته للمشاركة في المؤتمر الصحفي لإطلاق نتائج دراسة أولويات الشباب العربي، وتوجه بالتهنئة إلى الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة بدولة الإمارات،و رئيس مركز الشباب العربي والعاملين فيه، على إعداد هذه الدراسة المهمة لفئة عريضة في المجتمعات العربية.
وقال أبو الغيط إن هذه المبادرة تؤسس لاتجاه غاية في الأهمية هو أن نسمع لصوتِ الشباب ولأولياتهم، كما يرونها وكما يُعبرون عنهاوليس كما نصوغها لهم أو نفرضها عليهم.
وأضاف "علينا أن نُصارح أنفسنا بأننا تباطأنا في الاستماع لهموم الشباب وطموحاتهم.. فتعمق الشرخ بين الأجيال .. واتسعت الهوة بين الشرائح العمرية .. حتى صارت شقاً واسعاً يُهدد استقرار المجتمع العربي وترابط نسيجه وتناسق حركته .. وكان من أثر ذلك أن تزايدت مشاعر الغربة والانسلاخ عن المجتمع لدى جيل الألفية في بعض بلادنا .. إذ شعر بعض أبناء هذا الجيل أن المجتمع لا يعبأ بأولوياته، وليس مهتماً بأفكاره وتوجهاته وطموحاته".
وأشار إلى أن "استطلاع أولويات الشباب العربي يُتيح لنا فرصةً نادرة للاقتراب -بمنهجٍ علمي- من تصورات شبابنا عن عالمهم كما هو في الواقع.. وأيضاً كما يريدون رؤيته من وجهة نظرهم".
وتابع "نحن نتحدث هنا عن شريحة واسعة تشمل الشباب بين 15 إلى 34 عاما.. وهي الشريحة الأكبر من بين الشرائح العمرية وتزيد على 34% من السكان، وهي نسبة تُعد الأعلى عالمياً، بما يعكس خصوصية الهرم الديمغرافي لمجتمعاتنا العربية التي ترتكز على قاعدة واسعة للغاية من الشباب".
وأشار إلى أن الأمم الشابة هي أممٌ ديناميكية توفر فُرصاً واعدة للانطلاق الاقتصادي والنمو السريع بالاستناد إلى قوة العمل الواسعة والمتنوعة، ولكن هذه المجتمعات غالباً ما تكون عرضة لتجاذبات اجتماعية وسياسية، فالشباب بطبيعتهم يسعون للتغيير وينظرون إلى المستقبل.
وقال "إن التحدي أمام مجتمعاتنا العربية يتمثل في التكيف مع متطلبات وطموحات هذه الكتلة الشابة، والعمل باستمرار على دمجها في النسيج الاجتماعي باعتبارها القاطرة الحقيقية للنمو والمنبع الأساسي لتجديد طاقة المجتمع والحفاظ على حيويته".
وأضاف "لفت نظري في نتائج الاستطلاع قدرُ الوعي لدى شبابِنا، ومدى إدراكهم للأوضاع العامة في منطقتنا والتحديات التي تواجه دولنا العربية، حيث ظهر أن الأمن والسلامة تقع في مقدمة أولويات الجيل الحالي من الشباب العربي بنسبة 73% من الذين استُطلعت آراؤهم".
ورأى أنه "بقدر ما يعكس هذا شعورَ الشباب بما يُواجهه بعض دولنا من حالات احتراب أهلي وعنف بقدر ما يمثل وعياً ناضجاً لدى هؤلاء الشباب بأن الأمن يسبق كل عناصر التنمية والارتقاء الحضاري الأخرى".
وأشار في هذا الصدد إلى أنه بدون أمن لا اقتصاد ولا رخاء ومن دون أمن تحققه دولة وطنية مستقرة وقادرة فلا حرية سياسية ولا استقرار اجتماعياً.
وقال "لقد شهدت دولنا خلال العقد المنصرم تحدياتٍ نعرفها جميعاً لأمنها واستقرارها وتكاملها الإقليمي ووحدة ترابها وها هو الشباب يعكس بوعيه رفضاً قاطعاً لكل حالات الفوضى والتخريب".
ولفت أيضا إلى ما عكسه الاستطلاع من أن الأولوية التالية مباشرةً لدى الشباب العربي، وبنسبة 70%، هي منظومة التعليم سواء من حيث جودته ومجانيته أو من حيث ربط المناهج الدراسية بحاجات سوق العمل، وهو عنصرٌ بالغ الأهمية في النمو الاقتصادي ذلك أن الانفصال بين الدراسة والسوق كان من شأنه مراكمة أعداد العاطلين من ناحية مع النقص الشديد في تخصصات يحتاج إليها الاقتصاد من ناحيةٍ أخرى.
وقال "ما يُطَمئِن في نتائج هذا الاستطلاع هو أن شبابنا العربي يُدرك أن الحِراك الاجتماعي وتحقيق النجاح يرتبطُ ارتباطاً وثيقاً بنوعية التعليم الذي يتلقاه، والمهارات التي يُتقنها".
وأشار إلى أن الجامعة العربية تحتضن العديد من المبادرات التي تتعلق بقطاع الشباب وهي تؤمن إيماناً عميقاً بأن مجتمعاتنا وحكوماتنا تحتاج لصورة علمية صحيحة وواضحة عن أولويات الشباب وتوجهاتهم.
واختتم كلمته بالقول "إنني أثق في أن الاستطلاع الذي بادرتم إلى إجرائه يسد نقصاً كبيراً في معرفتنا بأهم مكونات مجتمعاتنا العربية وحاملي لواء نهضتِه في المستقبل".