منظومة إلكترونية حديثة للبناء
العقاري وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعدادها، وصفها خبراء بأنها تأتي في إطار
سعي الدولة لتنفيذ التحول الرقمي حيث ستسهم في رصد وحصر الثروة العقارية ووقف
المخالفات سواء القائمة أو الجديدة، موضحين أن صياغة هذه المنظومة يتطلب بدء إعداد
قاعدة بيانات بكل المنشآت والمباني ورقمنة التراخيص.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد
وجه بتسخير إمكانات الدولة في مجال التكنولوجيا لصياغة منظومة حديثة للبناء العقاري
واستغلال الأراضي على مستوى الدولة، بهدف إعداد قاعدة بيانات تتضمن تفاصيل كافة المنشآت
والمباني ومواقعها الجغرافية، وبحيث تتيح المنظومة مراقبة أي تغييرات معمارية أو إنشائية
تطرأ على الأراضي أو المباني، بهدف تصويب وتنظيم آليات البناء العقاري في مصر، والحد
من مخالفات البناء والتعديات على الأراضي.
حصر المنشآت ورقمنة التراخيص
وفي
هذا السياق، قال الدكتور أسامة مصطفى، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن إعداد منظومة إلكترونية
حديثة للبناء العقاري وفقا لما وجه به الرئيس عبد الفتاح السيسي هي خطوة مهمة لتنظيم
هذا الملف، مشيرا إلى أهمية رقمنة منظومة البناء والتراخيص وحصر كل العقارات والمباني
في مصر وهو أمر لم يتم تنفيذه حتى الآن.
وأوضح
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أننا في حاجة لإعداد قاعدة بيانات وحصر كل المنشآت
والعقارات ووضع نظام للتعامل مع طلبات البناء والتراخيص، وكذلك خريطة ميدانية GPS لتحديد المواقع والمباني المنشأة عليها، مؤكدا أن
هذه هي الآليات المطلوبة لإنشاء المنظومة الإلكترونية للبناء.
وأكد
أن هذا سيحقق مزايا عديدة للدولة وللمواطن، حيث سيعرف المواطن ما له وما عليه وما هو
المسموح وغير المسموح به، وكذلك الحصول على الخدمات بسهولة، موضحا أن ذلك سيفيد الدولة
عبر امتلاك قاعدة بيانات وإحصائيات بالأرقام لكل المناطق وأعداد المباني والشقق والعقارات،
ومتابعة مدى الالتزام بالتراخيص.
وأضاف
إن هذا النظام مطبق عالميا عبر كود يوضع على العقار، ويمكن عبر مسح هذا الكود معرفة
كل بيانات العقار ومطابقته للتراخيص الصادرة، وكذلك الأمر بالنسبة للأراضي المسطحة
الصحراوية والزراعية ومتابعة البناء عليه عبر المسح بـGPS والخرائط، مؤكدا أن هذه الوسائل التكنولوجية مطبقة
لمراقبة التمدد العقاري.
وأشار
إلى أن مصر سارت بخطوات سريعة في ملف التحول الرقمي بعد أن تعثرت لفترات طويلة، حيث
تحركت بسرعة شديدة بموجب استراتيجية 2030، موضحا أنه تم إطلاق بوابة مصر الرقمية وعددا
من التطبيقات لدعم التحول الرقمي وكذلك المراكز التكنولوجية وغيرها من الخطوات لإتمام
التحول.
رفع
سرعة وكفاءة الإنترنت
ومن جانبه، قال الدكتور مقبل فياض،
خبير الاتصالات، إن الرقمنة التي تعمل الدولة عليها تشمل كل القطاعات والمجالات ومن
بينها القطاع العقاري، الذي يدخل في نطاق نظام تحديد المواقع الـ GPS لتحديد الأماكن وحجم الطلب عليها وتسعيرها، مضيفا
إن الفيصل في إتمام هذه المنظومة سواء في البناء أو غيرها من القطاعات هو رفع سرعة
وكفاءة الإنترنت.
وأكد في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن أراضي الدولة كلها معروفة وموضوعة على الـ GPS لكن الأراضي الجديدة سواء في العلمين الجديدة أو
العاصمة الإدارية تحتاج إلى وضعها على الـGPS، مشيرا إلى وجود تطبيقات
موجودة حاليا من بينها GPS الذي يحدد موقع الأرض والكثافة السكانية بها ومستوى
دخل الفرد لتسعير الأراضي ومن ثم طرحها.
وأضاف إن التكنولوجيا ستفيد بشكل كبير
في استغلال أراضي الدولة بالشكل الصحيح، حيث سيتم وضع الأراضي الجديدة الصالحة للاستثمار
بعد تحديدها وتسعيرها وبيعها بشفافية، موضحا أن ملف التحول الرقمي يسير بخطى مهمة في
مصر، حيث يوجد نحو 70 خدمة تم إطلاقها للتجريب رقميا فضلا عن عدد من التطبيقات الإلكترونية.
وأشار إلى أن منظومة التأمين الصحي
الشامل أحد أهم المشروعات في هذا المجال في مصر، فهي خطوة جديدة للرقمنة لم تكن موجودة
من قبل، وكذلك منظومة التعليم التي تتحول تدريجيا إلى المنصات الرقمية، مؤكدا أن التحدي
الوحيد في هذا المجال هو سرعة الإنترنت والتي تحتاج إلى مصاريف ومجهود لتحول كل الدولة
إلى الألياف الضوئية وهو أمر يتطلب مجهودا
ليصل إلى كل أنحاء الجمهورية وتكلفة مالية كبيرة.
وشدد على أن الدولة جادة في تنفيذ هذه
المنظومة، وسيسهم القمر الصناعي طيبة 1 في تحقيق ذلك حيث سيسهم في تغطية كل أنحاء الجمهورية
وخاصة المناطق النائية التي لا يمكن الوصول إليها بالكابلات المتصلة بشبكة الاتصالات
والإنترنت.
رصد
الثروة العقارية ووقف المخالفات
فيما قال الدكتور
صبري الجندي، مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق، إن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي
أمس بإعداد منظومة حديثة للبناء العقاري تستهدف رصد الثروة العقارية القائمة بالفعل
عبر إعداد قاعدة بيانات ومعلومات عن العقارات الموجودة في مصر، موضحا أن ذلك يأتي في
إطار سعي مصر للتحول الرقمي.
وأوضح الجندي
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذا النظام الإلكتروني المرتقب تنفيذه سيؤدي
إلى حصر حجم الثروة العقارية في مصر بالتحديد، وحصر دقيق لعدد الطوابق والعقارات في
كل شارع، وأعداد الفيلات والحفاظ على الثروة العقارية التي يتحايل البعض على هدمها
وتحويلها لأبراج وعمارات.
وأكد أن هذا
سيؤدي إلى تحديد حجم الثروة العقارية بالمال عبر تقييم أسعارها، وكذلك تحديد المخالفات،
لأن قاعدة البيانات الإلكترونية لكل المباني ستمكن من تحديد الأبنية المخالفة وغير
المخالفة، بما سيؤدي إلى وقف المخالفات ومحاسبة المتقاعسين في الإدارة المحلية عن التصرف
السريع في مخالفات البناء.
وأشار إلى
أن الرصد الإلكتروني سيكون مستمرا وسيرصد أية تغيرات تطرأ على المنظومة العقارية أولا
بأول، بما سيساعد في حصر المخالفات القائمة بدقة ووقف المخالفات الجديدة، وكذلك سيمكن
الدولة من مراجعة كل الملفات الخاصة بالعقارات في الأحياء ومراكز المدن والقرى، لأن
هذه الملفات ستكون متاحة إلكترونيا بما يمنع التلاعب، ويضبط المنظومة العقارية ضبطا
جيدا.
وأضاف أن تنفيذ هذه المنظومة سيكون
عبر وحدات الإدارة المحلية المكلفة بحصر كل ما يقع في نطاقها، مشيرا إلى ضرورة الاستعانة
بمهندسين من خارج الأحياء والشباب سواء طلاب الجامعات أو الخريجين لتحقيق الرصد الدقيق
والحيادي والأجهزة الرقابية، بعيدا عن موظفي الإدارات المحلية لأنهم قد يكونوا متسببين
في أية مخالفات.
ولفت إلى أن هذا الحصر سيتم من خلال
وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخبراء فيها، ورغم أن هذه المسألة ستأخذ وقتا
طويلا لكن وزارة الاتصالات تملك الأدوات لتحقيق هذه التوجيهات بدقة إلى حد كبير.
القضاء
على عشوائية البناء
وقال الدكتور
عبد الرحمن الصادوي، أستاذ الاتصالات بجامعة حلوان، إنه من المهم حصر المباني والعقارات
والتخطيط العمراني للمناطق في مصر وهذا سيتحقق عبر المنظومة الإلكترونية الحديثة التي
وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بصياغتها، وهو أمر يطبق في العالم أجمع.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن مصر تطبق نظام كود البناء وهو الأساس في بناء منظومة
حديثة للبناء العقاري، فهذه المنظومة ستسجل كود البناء بحذافيره وإذا حدث استثناء أو
تعديل ستسجل ذلك أيضا ومن قام به، مضيفا إن ربط هذه المنظومة بالمساحة الجوية سيكون
تقدما أكثر حيث ستسجل ارتفاع المباني وعدد الأدوار ومطابقتها للقوانين.
وأكد أن المهم
بعد إنشاء هذه المنظومة تطبيقها، لأنها ستحقق عائدا مهما وهو القضاء على العشوائية
في البناء، موضحا أن ملف التحول الرقمي واجه معوقات منذ بدء التفكير فيه في 2008، فالتوقيع
الإلكتروني رغم صدور القانون في 2004 لم يطبق حتى الآن ويجب إجراء تعديلات على القانون
تلزم الحكومة باستخدامه، لكن بشكل عام تحاول الحكومة بذل كل جهدها لإتمام التحول الرقمي
في الخدمات.