كان خط بارليف - الساتر الترابي العملاق- الذي يقف عائقا ضخما أمام عبور الجيش المصري إلى الضفة الشرقية من قناة السويس، حيث أقام عليه الجيش الإسرائيلي عدة نقاط حصينة لمنع عبور أية قوات مصرية لقناة السويس وتحرير سيناء.
وبدأت إسرائيل في إنشاء ذلك الساتر الترابي في أعقاب نكسة 1967، حيث أقامت عليه عدة نقاط حصينة، وبلغت تكاليف إنشائه حوالي 200 مليون دولار في ذلك الوقت، وكان هذا الخط يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء.
التحصينات الدفاعية:
تكون من الخط الأول والرئيسى على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس وبعده على مسافة 3 - 5 كم، وكان هناك الخط الثانى ويتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية ثم يأتي بعد ذلك وعلى مسافة من 10 - 12 كم.
أما الخط الثالث الموازى للخطين الأول والثانى كان به تجهيزات هندسية أخرى وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية، وكل هذه الخطوط بطول 170 كم على طول قناة السويس.
كان خط بارليف يضم 22 موقعا دفاعيا و26 نقطة حصينة بنيت في جسم الساتر الترابي وتميزت عن غيرها من جهة مواد البناء الداخلة في تكوينها من خرسانة أسمنتية وحديد مسلح من ذلك النوع الذي يستخدم في صناعة قضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف.
وكانت أنظمة التسلح فى تلك النقاط الحصينة فوق العادة من مدافع الهاوتزر عيار185 مم ومرابض للدبابات وقاذفات للقنابل كما كانت تضم مفاتيح مصممة بحيث تحول القناة إلي جحيم وذلك بسكب كميات هائلة من المواد المشتعلة فوق سطح القناة، حسبما وصفها الإعلامي حمدي الكنيسي في كتابه الطوفان.
وكانت كل نقطة حصينة تضم 26 دشمة للرشاشات، 24 ملجأ للأفراد، بالإضافة إلى مجموعة من الدشم الخاصة بالاسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات، 15 نطاقا من الأسلاك الشائكة وحقول الألغام.
وكل نقطة حصينة عبارة أيضا عن منشأة هندسية معقدة وتتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض ومساحتها تبلغ 4000 متراً مربعا وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ والدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب المدفعية الثقيلة ، وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات.
وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة ، وكل نقطة مجهزة بمايمكنها من تحقيق الدفاع الدائري إذا ما سقط أي جزء من الأجزاء المجاورة ، ويتصل كل موقع بالمواقع الأخري سلكيا ولاسلكيا بالإضافة إلى اتصاله بالقيادات المحلية مع ربط الخطوط التليفونية بشبكة الخطوط المدنية في إسرائيل ليستطيع الجندي الإسرائيلي فى خط بارليف محادثة منزله في إسرائيل .
وكانت كل هذه التحصيات دافعا لأن يؤكد بعض الخبراء العسكريين الغربيين بعد دراستهم لتحصينات خط بارليف والمانع المائي الذي أمامه وهو قناة السويس، بأنه لا يمكن تدميره إلا إذا استخدمت القنبلة الذرية.
وقد اعترض أرييل شارون الذي كان قائد الجبهة الجنوبية على فكرة الخط الثابت واقترح تحصينات متحركة وأكثر قتالية ولكنه زاد من تحصيناته أثناء حرب الاستنزاف.
العبقرية المصرية تنسف الوهم:
ورغم هذه التحصينات الدفاعية، نجحت العبقرية المصرية بعد دراسة عميقة لهذا الساتر الترابي، في التغلب عليه وإنهاء أسطورته في 6 ساعات فقط، عبر استخدام تيار مائي قوي بواسطة طلمبات ميكانيكية لتجريف الرمال وفتح الثغرات في الحائط الترابي، وهي الفكرة التي اقترحها اللواء باقي زكي يوسف، مستلهما إياها من فكرة بناء السد العالي.
واستغلالا لأكثر من عامل لتحقيق هذا الانتصار العسكري الساحق، مثل عنصرا المفاجأة والتمويه العسكريين الهائلين اللذين سبقا تلك الفترة، إلى جانب العوامل الطبيعية مثل المد والجزر واتجاه أشعة الشمس من اختراق الساتر الترابي في 81 موقع مختلف وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياه ذات ضغط عال، قامت بشرائها وزارة الزراعة للتمويه السياسي ومن ثم تم الاستيلاء على أغلب نقاطه الحصينة.