الجمعة 17 مايو 2024

ممدوح مبروك يكتب: الجمسى مهندس النصر

تحقيقات7-10-2020 | 21:49

أُطلق عليه لقب «مهندس حرب أكتوبر». اشترك فى كافة الحروب العربية ضد إسرائيل باستثناء حرب فلسطين ١٩٤٨. تقدم باستقالته من القوات المسلحة عقب نكسة يونيو ١٩٦٧؛ إلا أنها رُفضت. عُرف عنه أنه آخر من شغل منصب وزير حربية فى مصر، وذلك قبل تغيير اسمها إلى وزارة الدفاع عام ١٩٨٠.


ولد محمد عبدالغنى الجمسى فى ٩ سبتمبر عام ١٩٢١ فى قرية «البتانون» بمحافظة المنوفية، وتوفى فى ٧ يونيو ٢٠٠٣ بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز ٨٢ عامًا. أتم التعليم النظامى فى مدرسة «المساعى المشكورة» بشبين الكوم بالمنوفية عام ١٩٣٧.


التحق بعد ذلك بالكلية الحربية بالقاهرة، وتخرج فيها فى أول نوفمبر عام ١٩٣٩، ومن زملاء دفعته الفريق محمد على فهمي رئيس الأركان الأسبق.


فى بداية عام ١٩٧٣ عندما اقترب موعد الهجوم على إسرائيل أعدَّت هيئة عمليات القوات المسلحة برئاسة اللواء محمد عبدالغنى الجمسى دراسة عن أنسب التوقيتات للقيام بالعملية الهجومية، لعرضها على الرئيسين: محمد أنور السادات، وحافظ الأسد لاختيار التوقيت المناسب للطرفين

التحق بسلاح الفرسان (المدرعات)، إلا أنه انضم بشكل مؤقت إلى سلاح الحدود، وذهب للعمل بالصحراء الغربية التى استمر بها حتى عام 1944 متنقلاً بين المناطق العسكرية المصرية والإنجليزية فى واحة سيوة، ومرسى مطروح، والسلوم، والواحات البحرية. خلال تلك الفترة شهد «الجمسي» أعنف معارك المدرعات التى دارت بين قوات الحلفاء بقيادة «مونتجمري» والمحور بقيادة «رومل»، وكانت تجربة مهمة استفاد منها«الجمسي» فى مسيرته العسكرية.


فى عام 1944 عاد «الجمسي» إلى سلاح المدرعات، وفى عام 1948 ذهب إلى بعثة مدرعات بالولايات المتحدة الأمريكية اتصلت بها بعثة تكميلية أخرى عام 1949. فى عام 1950 التحق بكلية أركان الحرب لمدة عام. خدم بعدها فى أركان حرب آلاى استطلاع إلى أن اشتعلت ثورة يوليو 1952.


تقلد بعد ذلك عددًا من المناصب مثل قيادة اللواء الخامس مدرعات بمنطقة القناة فى معركة السويس عام 1956، ورئاسة أركان حرب المدرعات عام 1957، وقيادة اللواء الثانى مدرعات عام 1958. فى عام 1960 التحق ببعثة المدرعات فى أكاديمية «فرونزي» بالاتحاد السوفييتي، وعقب عودته عُين قائدًا لمدرسة المدرعات عام 1961، وفى يوليو عام 1965 رُقى إلى رتبة لواء.


اُختير بعد ذلك رئيسًا لعمليات القوات البرية عام 1966، ثم رئيسًا لأركان حرب الجيش الثانى عام 1967، وطوال معارك حرب الاستنزاف تولى رئاسة هيئة عمليات قيادة قوات جبهة القناة ثم نُقل كنائب لمدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع حتى عام 1970. تولى بعد ذلك رئاسة هيئة التدريب عام 1971، ثم رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة يناير 1972، ثم رئيسًا لأركان القوات المسلحة عام 1973 - خلفًا للفريق سعد الدين الشاذلى - وفى العام نفسه رُقى إلى رتبة فريق، ثم رُقى إلى رتبة فريق أول عام 1974، وفى العام نفسه تولى منصب وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة، وفى عام 1975 تولى منصب نائب رئيس الوزراء والإنتاج الحربى والقائد العام للقوات المسلحة، وفى عام 1978 عُين مستشارًا عسكريًّا لرئيس الجمهورية، وأخيرًا حصل على رتبة مشير فى مايو 1979 وذلك قبل أن يطلب التقاعد عام 1980.


الجمسى وحرب أكتوبر

فى بداية عام 1973 عندما اقترب موعد الهجوم على إسرائيل أعدَّت هيئة عمليات القوات المسلحة برئاسة اللواء محمد عبدالغنى الجمسى دراسة عن أنسب التوقيتات للقيام بالعملية الهجومية، لعرضها على الرئيسين: محمد أنور السادات، وحافظ الأسد لاختيار التوقيت المناسب للطرفين. تضمنت الدراسة الآتي:

أولًا: المواصفات الفنية لقناة السويس من حيث المد والجزر، وسرعة التيار واتجاهاته، وساعات الإظلام، وساعات ضوء القمر، وحالة البحرين الأبيض والأحمر، وتحديد طول الليل يوميًّا، وذلك لاختيار ليل طويل بحيث يكون النصف الأول من الليل فى ضوء القمر، والنصف الثانى فى حالة إظلام حتى يسهل تركيب وإنشاء الكبارى فى ضوء القمر، ويكون عبور القوات، والأسلحة، والمعدات فى الظلام.


ثانيًا: دراسة الأعياد والعطلات الرسمية فى إسرائيل، وتأثيرها على إجراءات التعبئة فى إسرائيل؛ حيث إن القاعدة العريضة من الجيش الإسرائيلى هى القوات الاحتياطية التى يتم استدعاؤها بوسائل علنية عن طريق الإذاعة والتليفزيون، وأخرى غير علنية. أفادت الدراسة أن «يوم كيبور» أو «عيد الغفران» فى إسرائيل، الموافق6 أكتوبر، هو اليوم الوحيد خلال العام الذى تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث كجزء من تقاليد هذا العيد، أى أن استدعاء قوات الجيش الإسرائيلى الاحتياطى بالطريقة العلنية غير مستخدمة، وبالتالى يستخدمون وسائل أخرى تتطلب وقتًا أطول لاستدعاء الاحتياطي.


ثالثًا: دراسة الموقف الداخلى لإسرائيل، حيث وجد أن انتخابات اتحاد العمال فى شهر سبتمبر، وانتخابات البرلمان الإسرائيلى يوم 28 أكتوبر 1973، والمعروف أن الحملة الانتخابية تجذب اهتمام أفراد الشعب الذين هم الجيش الاحتياطي.


نتيجة لهذه الدراسة التى أطلق عليها السادات بعد الحرب اسم «كشكول الجمسي»، اتضح أن أنسب 3 توقيتات للهجوم هى النصف الثانى من مايو، وشهر سبتمبر، وشهر أكتوبر.


كان يوم 6 أكتوبر هو أحد الأيام المناسبة الذى توفرت فيه الشروط الملائمة للهجوم، وعن الدور الهام الذى لعبته هذه الدراسة فى الحرب يقول المشير الجمسى فى كتابه «مذكرات حرب أكتوبر»:

«أُسَجِّل فضل العقول المصرية فى هيئة عمليات القوات المسلحة مع العقول الأخرى فى تخصصات مختلفة بالقوات المسلحة التى ساهمت بعلم واقتدار فى بحث نواحٍ علمية وفنية كثيرة استدعتها هذه الدراسة، والتى لولاها لما أمكن تحديد أنسب شهر وأفضل يوم لشن الحرب. وحتى أعطى الفضل لأصحابه فإنى أقول إن هذه هى الوثيقة التى أعتز وأفخر أنى كنت رئيسًا لها فى فترة هامة من تاريخ القوات المسلحة وتاريخ مصر».