الأربعاء 26 يونيو 2024

من‭ ‬داخل‭ ‬وحداتهم‭ ‬في‭ ‬الجيش.. حكايات‭ ‬نجوم الفن‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭

فن17-10-2020 | 16:26



تظل حرب أكتوبر 1973 علامة فارقة في تاريخ بلادنا المعاصر، والذي عكس إرادة وتصميم المقاتل المصري في مواجهة أصعب التحديات، وشاهدا على بطولات وتضحيات، بالإضافة إلى تجسيد روح التضامن العربي، في مواجهة العدو الإسرائيلي، وبطبيعة الحال لم يغب الفنانون عن المشهد فمنهم من كان ضمن هؤلاء الأبطال، وغيرهم عاش ذكريات لا تنسي حتى و هو يؤدى الخدمة العسكرية فى الجيش المصرى ، ومع احتفالات الدولة المصرية بالذكرى الـ 47 لنصر أكتوبر العظيم.. تواصلت «الكواكب» مع مجموعة من الفنانين، عبر أجيال مختلفة والذين سردوا حكاياتهم مع هذا اليوم؟ وما الذي يمثله لهم؟ وذلك عبر السطور القادمة.

 

 

«إرادة قوية»


في البداية أعرب الفنان أحمد بدير عن اعتزازه وفخره بالمشاركة في نصر أكتوبر العظيم، مشيرا إلى أن لحظة العبور هي من أجمل اللحظات وفيها تجسد معنى الانتصار، من خلال إصرار الجنود على هزيمة العدو والثأر لكرامة المصريين، فالجميع كان يتسابق على نيل الشهادة، فكانت لحظة العبور ميلاد جديد من الظلام إلى النور بعد أيام صعبة عقب هزيمة 1967، ووقت الحرب كنت أعمل مراسلا حربيا فى إدارة التوجيه المعنوى، وكان دورى هو المشاركة فى إنتاج مواد إعلامية لرفع معنويات الجنود المصريين، وهذا ما حدث بالفعل من خلال الإذاعة.


وأضاف بدير قائلا : ذكرى أكتوبر من أعظم الأيام بالنسبة لي، ولا أستطيع نسيانها من ذاكرتي، لأني عايشت كل لحظاتها من قلب المعركة، فكانت ملحمة تجمعت وتجسدت فيها كل أسس النجاح والتميز، والإرادة القوية للمقاتل المصري، والثقة في النصر والانتماء لتراب هذا الوطن،  ونعيش حاليا وسط تحديات جمة، والعالم من حولنا دول تم تدميرها بالكامل، ومصر مستهدفة أكثر من أي دولة، ولكن لن يستطيع الأعداء أو قوى الشر هزيمتنا، مع وحدة الجيش والشرطة ، وقيادة رئيس مصر.


وطالب بدير بضرورة إنتاج المزيد من الأعمال الفنية التي تتحدث عن حرب أكتوبر، والتى يتم فيها تجسيد وإبراز حقيقة وقيمة ما حدث من نصر عظيم، لاسيما وأن الأفلام التي تم إنتاجها قليلة، لافتا إلى أن قدم من قبل فيلم حائط البطولات وكان عملا مهما عن هذه الفترة، معربا عن أمنياته في إنتاج عمل كبير عن نصر أكتوبر شريطة أن يتم وضع كل إمكانيات الدولة المصرية لتخليد هذه المعركة الهزيمة، والتي تم فيها قهر خط بارليف، خصوصا وأن هناك جيلا عمره 30 و40 عاما لم يعيش هذه الفترة.


وهناك بطولات عظيمة وحقيقية مثل قصة عبدالعاطي صائد الدبابات، خصوصا أنني كنت زميلا للشهيد عاطف السادات شقيق الرئيس الراحل أنور السادات الذي استشهد في أول طلعة جوية، وهناك كثير من القصص والنماذج المشرفة التي تحتاج الأجيال الجديدة أن تتعرف عليها.


«معركة تاريخية»


وقال الفنان أحمد عبد العزيز في عام 1973 كنت أستعد لدخول جامعة عين شمس، والالتحاق بكلية التجارة، بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية، ومع بداية العبور وظهور أخبار الحرب، سادت الفرحة الشديدة الأجواء، حيث بدأ الجميع في البحث في قنوات الراديو والإذاعات المصرية والعربية والأجنبية لمتابعة ما يحدث لحظة بلحظة، ومع التأكد من أخبار النصر، ونجاح القوات المسلحة المصرية في العبور للضفة الشرقية من قناة السويس ذهبت فورا للتطوع في صفوف المقاومة الشعبية التي تم عملها سريعا في جامعة عين شمس خلال هذا التوقيت.


وأضاف عبد العزيز: وخلال السنوات القليلة التي أعقبت الحرب أيقن الجميع أننا كنا أمام نصر كبير، ومعركة حربية لم تحدث في التاريخ من قبل، وقدر كبير من الفخر والفرحة ببراعة وشجاعة الجندي والمقاتل المصري، والتخطيط والتنفيذ والدهاء العسكري من القادة، عبر حكايات سردها لي أحد أبطال حرب أكتوبر ووقتها كان برتبة ملازم في الكلية الحربية وهو ابن عمي، الملازم فتحي بخيت، وهو أحد الأبطال الذين شاركوا في أسر  قائد الدبابات الإسرائيلية العقيد عساف ياجوري، في العملية الشهيرة.


استطرد قائلا: التقيت اللواء يسري عمارة وهو أحد الأبطال من تلك المجموعة وقتها، وكان برتبة نقيب حيث أوصاني ابن عمي فتحي بخيت باستقباله في ميدان التحرير عند وصوله إلى القاهرة، وبالفعل استقبلته وعرضت أن أوصله إلى مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية مسقط رأسه، إلا أنه رفض بأدب جم، فكان رجلا خلوقا للغاية.


وواصل عبد العزيز حديثه: شاركت  من قبل في أوبريت اسمه يوم له تاريخ، وكان يتحدث عن تاريخ الإذاعة المصرية منذ افتتاحها وحتي توقيت العرض، وتم فيها استعراض كل الأحداث التي قامت الإذاعة بتغطيتها ومن ضمنها الحروب التي خاضتها مصر، وهنا اكتشفت أن حرب 1967و1973، كانت معركة واحدة فقط من جولتين الأولي انهزمت والثانية انتصرت بجدارة واستحقاق وفي زمن قياسي 6 سنوات فقط وهي مدة بسيطة للغاية في عمر الحروب، حيث شارك أصدقاؤنا وأهالينا في هذا الانتصار ممن عاصروا النكسة وظلوا في الجيش بعد الانتصار لفترات طويلة.


وتذكر عبد العزيز فترة التجنيد وقال: كنت جنديا في سلاح الدفاع الجوي، وفترة التجنيد لم تكن بها أي أحداث عسكرية، ولكن تعلمت فيها كيفية استخدام الأجهزة الحربية، ورصد الطائرات والأجسام المعادية على الشاشات، وضرب النار، وغيرها من الأمور التي يتعلمها الجندي العادي، واكتسبت صداقات عديدة ومنهم من ظل معي على تواصل حتي سنوات، كما أن الجيش يعلم الفرد الكثير من الصفات الحميدة التي يظل متمسكا بها بعد انتهاء خدمته العسـكرية.


تغيرات شخصية


واتفق معه الفنان أحمد كمال والذي يؤكد أن فترة التجنيد الخاصة به وعلى الرغم من أنها في مطلع الثمانينيات، بعد حرب أكتوبر إلا أنها أكسبته الكثير من الخبرات والصفات أبرزها التكيف مع ظل الظروف المحيطة، سواء في الطقس الحار أو الطقس البارد، والقدرة على التحمل، والعيش بأبسط الأشياء، والتعامل مع كل المواقف بمرونة كبيرة بالإضافة إلى اكتشاف الفرد لنفسه وما يمكن أن يفعله.


وأضاف كمال قائلا: خلال وجودي في الجيش زرت أماكن كثيرة في مصر، كان لا يمكن أن أزورها لولا فترة التجنيد، كما تعرفت إلى شخصيات وثقافات متنوعة من الجنوب والشمال والشرق والغرب، وهو ما أفادني بشكل شخصي فيما بعد في التمثيل، وأكسبني خبرات في التعامل، بالإضافة إلى العشرة والأخوة التي تنشأ بينك وبين الزملاء فكانت فترة التجنيد بالنسبة لي رحلة حياة أكثر منها رحلة عسكرية، وفيها تخليت عن مفاهيم ساذجة في الحياة، وكيف أن الحياة خارج الجيش مرفهة.


وعن ذكرياته مع الحرب أوضح  كمال الفرحة كانت هي الطاغية في الشوارع مع انتشار الأنباء، ومع الأجواء الرمضانية تحولت الشوارع إلى فرح حقيقي، وفيه تم توزيع الشربات، والجميع في البداية لم يكن يصدق الأخبار بسبب خلفيات النكسة وما تبعها، ولكن مع سماع كلمة عبرت قواتنا المسلحة خط بارليف اختلطت وقتها الدموع بهتافات النصر، وعاش الجميع شعورا مميزا كان الفخر هو السمة الغالبة فيه بعد الانتصار على الكيان الصهيوني.


قصص إنسانية


أما الفنان أحمد فؤاد سليم والذي كان ضمن المشاركين في نصر أكتوبر العظيم فاستدعى هذه الايام المهيبة وقال عنها  إن الحرب بدأت يوم 5 أكتوبر بجنود الصاعقة المصرية والذين استطاعوا قطع خطوط الإمداد الوسطى في خط بارليف، لافتا إلى أن استراتيجية إسرائيل كانت تتلخص في منعك من عبور قناة السويس بأي طريقة من خلال مصافي النابلم، إلا أنهم وبعد حسابات عديدة وطرح كل السيناريوهات اغفلوا سيناريو وحيدا وهو مياه قناة السويس والتي تحولت إلى طلقة اخترقت جسم هذا البناء الضخم الممدود على مسافة 30 مترا.


وأضاف الفنان القدير قائلا:العدو الإسرائيلي تجاهل عبقرية وعقلية الجندي المصري، من خلال فكرة لضابط مهندس يعمل في السد العالي، والذي استطاع التوصل لهذا الحل العبقري، وحققت مصر الانتصار العظيم في 6 ساعات فعليا، بعد سقوط الطائرات الإسرائيلية أمام قوة ردع الدفاع الجوي المصري، والذي استطاع إسقاط طائرات العدو بشكل أذهل العالم وأذهل قادة إسرائيل الذين أصيبوا بالجنون، فلم يحلق الطيران مجددا إلا بعد 5 ساعات من العبور تقريبا، واستطاعنا تجهيز كتيبة الصواريخ في 8 دقائق فقط، وهو رقم قياسي  بعد تدريب طويل.


وتذكر سليم أجواء المعركة بعين دامعة و قال: الله أكبر من البداية إلى النهاية كانت هى الصيحة المصاحبة للعبور، فالحرب كما كان الجميع يعلم في رمضان، وصدرت أوامر من القيادات بأن من يرغب في الإفطار فلا توجد مشكلة، إلا أن الجميع رفض الأمر تماما، وأتذكر زميلي «حنا» كان يصوم معنا، ويقوم بإعداد طعام الإفطار لنا، فمسألة التلاحم في الجينات المصرية واحدة، كما أتذكر قصة رديف في الحرب يدعي «سيد» قبل الحرب بيوم واحد طلب أن يذهب لإحضار زوجته من منزلهما في الإسكندرية إلى منزل والدها بالمنوفية، ووافقت له على الذهاب، بعد أن علمت أنه لم يرزق بأطفال وعندما علم القائد هدد بسجني، ومع عودة الرديف صباح يوم الحرب، استشهد في السادسة مساء، وبعد فترة حضر عسكري واتضح أنه شقيق زوجة سيد، ليسأل عنه وبعد إبلاغه باستشهاده، أخبرنا بأنه جاء ليخبره بأن زوجته حامل.


وختم الفنان القدير حديثه قائلا: ذكريات الحرب تعيش بداخلي كل لحظة، ويوميا، والحرب لم تأخذ حقها في السينما، واصفا إياها بأنها ملحمة تستحق ومليئة بالحكايات والكواليس التي يجب تجسيدها وأرشفتها بشكل كاف وواف ليعرف الجميع ما صنعه الجندي المصري في هذه اللحظة الفارقة من عمر البلاد».


أحداث سينمائية


 الفنان هشام إسماعيل لم يحالفه الحظ في التجنيد أو شرف أداء الخدمة العسكرية لأن لدي شقيقة واحدة فقط، ولكن ذكريات أكتوبر مرتبطة معه دائما بوالده والذي كان مهندسا في سلاح المهندسين وكان ضمن الجنود الأوائل الذين عبروا في هذا النصر العظيم.


هشام أكد قائلا : مازلت احتفظ بأوراق والدي الثبوتية بتاريخ أداء الخدمة العسكرية  في الفترة ما بين عام 1969، وعام 1975، بالإضافة إلى شهادة عبور، حيث كان ضمن سلاح المهندسين في الصفوف الأولي التي عبرت للضفة الشرقية من قناة السويس وتمهيد الأجواء لسلاح المشاه من خلال الجسور لعبور الدبابات، كذلك سمعت الكثير من الحكايات والكواليس عن الحرب من خلال أحد أصدقاء والدي وهو اللواء متقاعد حنفي رياض، والذي حكي لي كثيرا عن معركة المزرعة الصينية  في 15 أكتوبر 1973 في الضفة الشرقية لقناة السويس، والتي حاولت فيها القوات الإسرائيلية اختراق الصفوف المصرية عبر المنطقة الواقعة بين الجيشين الثاني والثالث الميداني.


واستطرد إسماعيل حديثه: دائما ما استمتع بالأعمال الفنية التي تم صنعها عن أكتوبر، لأنه بمثابة عيد لجميع المصريين، وحاليا منشغل بكتابة فكرة لفيلم عن قصة الثغرة مستوحاة من مقال نشر في صحيفة الأهرام للواء سمير فرج، فبعد أن تحدث عن الأمر في أحد البرامج التليفزيونية حدث تواصل بيني وبينه والذي قام مشكورا بإرسال كتابه عن الأمر، وفيه يحكي كواليس المناظرة التي حدثت بينه وبين  الجنرال الإسرائيلى شارون قائد القوات الإسرائيلية في معركة ثغرة الدفرسوار غرب قناة السويس، وتم إذاعتها على بي بي سي عام 1975، ووقتها كان هو طالبا في كلية كمبرلى الملكية بإنجلترا.. وهى كلية من أقدم كليات القادة والأركان في العالم، واستطاع هزيمة شارون بالأدلة والحجج والبراهين.


وختم حديثه: هذه الواقعة تصلح كفيلم سينمائي عن أكتوبر، وما تبعه من انتصارات، حيث تنقلت المناظرة ما بين مشاهد في الاستوديو ومشاهد خارجية، ويمكن من خلالها التركيز على الجانب النفسي كجزء رئيسي في الحروب وما بعدها، وأتمني أن يكمل هذا المشروع على خير، ويري النور.