الخميس 9 مايو 2024

مي زيادة.. أيقونة الأدب النسوي

فن17-10-2020 | 18:01


نحتفي اليوم بذكرى وفاة الأديبة والكاتبة مي زيادة شاعرة وأديبة فلسطينية، وواحدة من رواد وأعلام النهضة الأدبية البارزين في تاريخ الأدب النسوي العربي في النصف الأول من القرن العشرين.


ولدت ماري إلياس زيادة والتي عرفت بمي زيادة، في الناصرة بفلسطين عام ١٨٨٦، لأب لبناني وأم فلسطينية حيث ارتحلت مع ذويها إلى مصر، واستقرت هناك بعد أن عمل والدها محرِّرًا لجريدة المحروسة ،كما استطاعت إجادة العديد من اللغات كالإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، الإيطالية، والعربية، كما درست وطالعت كتب الفلسفة والأدب، والتاريخ العربي والإسلامي.


انفتحت على أجواء النهضة الثقافية والحضارية الموجودة في القاهرة آنذاك، فكانت تعقد ندوة أسبوعية باسم "ندوة الثلاثاء" وكان يحضرها الكثير من كبار عصرها من أدباء وشعراء ونقاد، من أبرزهم: أحمد لطفي السيد، أحمد شوقي، عباس العقاد، طه حسين، شبلي شميل، يعقوب صروف، خليل مطران ومصطفى صادق الرافعي، وغيرهم، وقد أغرم الكثير منهم بمي، إلَّا أن قلبها لم يمل سوى لشخص واحد هو جبران خليل جبران، الذي ظلت مأخوذة به طوال حياتها، وتبادلا الرسائل مدة عشرين عامًا برغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة.


نُشرت العديد من الكتب لمي زيادة مؤلفة ومترجمة، حيث نُشر أول ديوان شعر بالفرنسية تحت اسم "أزاهير الحلم" وصدر لها بالعربية مجموعة كتب مثل: باحثة البادية، كلمات وإشارات، المساواة، ظلمات وآشعة، وغيرهم. كما ترجمت ثلاث روايات منهم رواية "ابتسامات ودموع" لمكس مولر، بالإضافة إلى ذلك، نشرت العديد من المقالات والأبحاث في كبريات الصحف والمجلات الأدبية والفكرية مثل: المقطم، والمحروسة، والزهور، والأهرام، والهلال، والمقتطف.


عاشت الاثنتي عشرة سنة الأخيرة من حياتها في مأساة حقيقية، حيث فقدت ثلاثة من أقرب الأشخاص إليها واحدًا تلو الآخر، هم والدها الذي توفي عام ١٩٢٩م، والحبيب جبران خليل جبران الذي تلاه في عام ١٩٣١م، وأخيرًا والدتها التي فارقت الحياة بعده بعام، هذه المفجعات المتتاليات جعلتها تقضي بعض الوقت في مستشفى للأمراض النفسية، ثم خرجت بعدها وأقامت عند الأديب أمين الريحاني عدة أشهر عادت بعدها إلى مصر لتموت بالقاهرة في ١٩٤١م، تاركةً وراءها إرثًا أدبيًّا رائعًا ومتميزًا، حيث تستعرض "الهلال اليوم" النماذج الأدبية التي خلفتها مي زيادة ورائها مثل:


المساواة

تناولت مي زيادة في هذا الكتاب مفهوم المساواة عبر مرورها على عدة مصطلحات، ومناهج حُكْمِيَّة وسُلطَويَّة، فبعد أن أشارت إلى الطبقات الاجتماعية انحدرت نحو الأرستقراطية مناقِشةً فيما بعدُ ظاهرتَي العبودية والديمقراطية، كما فنَّدتً الاشتراكية بنوعَيها السلمي والثوري، متطرقةً إلى مصطلح الفوضوية وتاريخه الأوروبي.


ولم تُخفي الكاتبة الإيمان بفكر الاشتراكية الذي يظهر جليًّا في معظم الكتاب تقريبًا، وأنها الحل وأنها الطريق، وأن المستقبل كله لها، وأن كل ما سبق في التاريخ الاجتماعي للإنسان يصل بنا لهذه الغاية؛ وذلك لأن نظام الإشتراكية وقتها كان يطغى على سائر النُّظُم، حيث يعرض الكتاب التطوُّر الاجتماعي للبشر، كما أنه لمسة فكرية على عدة نُظُم اجتماعية تصدَّرت المشهد فترةً ليست بالقليلة من عُمر الإنسان في العصر الحديث.

 

باحثة البادية


صدر هذا الكتاب عام ١٩٢٠


باحثة البادية هو ذلك الاسم المستعار للكاتبة المصرية ملك حفني ناصف بنت اللغوي المعروف حفني ناصف، وهي أديبة ومصلحة اجتماعية، احتلت مكانة رفيعة في الحياة الأدبية والاجتماعية، حيث كانت لا تجد عناء في التعبير عن أفكارها ومشاعرها من خلال اللغة، فجاءت نصوصها في وضوح وجزالة ورشاقة، وجمع خطابها بين الفصاحة والجمال، كما كانت لغتها جرس موسيقي عذب، وبذلك تعد ملك حفني ناصف أول امرأة عربية تبرز في الخطابة في العصر الحديث؛ لذلك لم تجد مي زيادة بدًّا من تناول هذه الظاهرة الأدبية والاجتماعية بالدراسة والنقد، وقد جاء هذا الكتاب ليقدم لنا دراسة نقدية  قدمتها الأديبة البارعة مي زيادة عن الأديبة الكبيرة والمصلحة الاجتماعية ملك حفني ناصف أو باحثة البادية.

 

بين الجزر والمد

صفحات في اللغة والآداب والحضارة والفن، ضمان بقاء الأمم والحضارات هي لغتها، التي بها تتكون ثقافتها، وبها يتواصل أبناؤها، ويُخلَّد مجدها، حيث كان هذا هو مبدأ مي زيادة وقضيتها التي جاهدت من أجلها؛ لذلك وجهت جمهور العرب إلى لغتهم، للاهتمام بها، والرجوع إليها إبان عصر النهضة الأدبية، أوائل القرن العشرين.


واللغة العربية عانت كثير من فترات ضعف تقلصت وانزوت وأصبحت بلا روح، ولكنها رُغم ذلك ظلت اللغة الوحيدة التي حافظت على حياتها وسط موت كثير من اللغات، بفعل ما أسمته مي الجزر والمد.


رجوع الموجة


يُعَد الحب والوفاء من القيم النادرة في هذا  العصر، وأصبح التفتيش عنهما في صدور الناس كالذي يبحث عن شيءٍ ثمينٍ فَقَده، في رواية "رجوع الموجة" تعرض لنا مي زيادة إحدى صور فقدان تلك القيم، فقد أحبَّت " مرغريت" زوجها "ألبير" حباً فاق التصور، وكان ثمرة هذا الحبِّ ابنتهما "إيفون"، لكن الزوج الحاقد قابل وفاء زوجته بالخيانة، وطعنها في كبريائها حيث خانها مع صديقتها "بلانش"، فتكالبت على الزوجة المصائب من غدر الزوج ووفاة الابنة الحبيبة، فتركته وتزوَّجت من ابن عمها "روجر" الذي أحبَّها كثيرًا، وأنجبت منه ولدها "مكسيم"، وبعد مرور أحدَ عشرَ عامًا تقف "مرغريت" حائرة بين حياتها الماضية وحياتها الآن، فهل تترك هذا الزوجَ الوفيَّ وتعود إلى ذلك الرجل الخائن الذي ما زالت تحبُّه؟ حيث الصراع بين القلب والعقل، ومن ينتصر.

 

سوانح فتاة

إن السانح ما أتاك عن يمينك، ويرتبط عادة عند بعض الناس بالشعور بالتبرّك والتفاؤل، وذلك على عكس البارح الذي يأتيك عن يسارك ويرتبط بالشعور بالتشاؤم، كما يرتبط السنوح بإفساح المجال والعرض، فيقال "سنح لي الرأي" أو"سنحت لي الفرصة"، فاختارت الأديبة الكبيرة أن يكون عنوان كتابها هذا "سوانح فتاة"؛ وذلك لتعرض  رأيها النسوي، وقد استطاعت مي أن تقدم في هذا الكتاب آرائها وخواطرها حول النفس البشرية والحياة، فجاء نصها نصًّا ممتعًا، يدل على إمساكها بناصية اللغة، وقدرتها على التعبير في فصاحة ورشاقة، وإمكانيتها على التطوير والتجديد في رصانة وإبداع. 

 

ظلمات وأشعة


قدمت مي زيادة العديد من الإسهامات الأدبية خلال رحلتها الفكرية، حيث كرست الجانب الأكبر من حياتها لخدمة بني جنسها من النساء، ويعد هذا الكتاب أحد المؤلفات النسوية الرائدة التي ساهمت بها الكاتبة في النصف الأول من القرن العشرين، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات الأدبية التي ألقتها مي زيادة في موضوعات مختلفة بمناسبات عديدة، وتولى مي في هذا الكتاب اهتمامًا كبيرًا بقضايا المرأة الشرقية، فتركز على توعية المرأة بممارسة حقوقها المجتمعية كحقها في الحياة الكريمة والحرية، كما تناقش الكاتبة كيفية مساهمة المرأة في العصر الحديث في التقدم الحضاري والاجتماعي والسياسي والثقافي في الشرق، كل ذلك تستعرضه بأسلوب بديع وأخاذ بعيد عن التكلف.

 

عائشة تيمور


تتناول فيه مي زيادة السيرة الذاتية للشاعرة عائشة تيمور وما واجهتخ من صعوبات وتحديات تعرضت لها خاصة وهي ابنة الحقبة الزمنية التي لم تتمتع فيها النساء سوى بالقدر الضئيل جدا من الحرية والتنوير.

وأحبت كتابة الشعر منذ نعمومة أظفارها وتعلمت في بيت والدها الخط والقرآن والفقه، كما تعملت أصول النحو والصرف واللغة الفارسية، لكنها لم تتفرغ لكتابة الشعر إلا عد أن تزوجت وأنجبت ثم اهتمت بالحياة الزوجية حيث كانت ذلك هو المصير المحتوم لنساء هذا العصر، لكنها تمردت على كل ذلك وأنتجت عدة دواوين شعرية وكتب نثرية باللغات العربية والتركية والفارسية.

 

 

    Egypt Air