الأحد 24 نوفمبر 2024

فن

أحمد رشاد يكتب: أزمة و6 حلول.. كيف تعود صناعة النشر العربية إلى مكانتها؟

  • 18-10-2020 | 23:22

طباعة

بالتأكيد توجد صناعة نشر في العالم العربي، لكنها صناعة إلى حد ما متأخرة عن نظيرتها في الغرب بسنوات طويلة، بالإضافة إلى أنها تفتقد العديد من الضوابط التي تؤثر على تطويرها، وربما تؤدي إلى اندثارها في السنوات المقبلة.


صناعة النشر في العالم العربي بدأت منذ أكثر من 200 سنة، عن طريق إنشاء عدد من المطابع في سوريا ثم لبنان وأخيرًا مصر، في عصر محمد علي، و كانت مطبعة بولاق في مصر آنذاك تعد أحد أهم وأكبر المطابع في العالم العربي وأكثرها تطورًا، وكانت المطابع في هذا الوقت تؤدي دور الناشر، أي بالمصطلح العامي "الناشر المطبعجي"، حتى ظهرت في مصر بنهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، المؤسسات الصحفية كالأهرام ودار الهلال، ودور النشر العريقة كمكتبة "الخانجي" و"دار البستاني" و"النهضة المصرية"، وغيرها من دور النشر التي كانت تؤدي المفهوم الحقيقي لمعنى كلمة ناشر.


استطاعت صناعة النشر في هذه الفترة أن تواكب بعض الشيء التطور في العالم الغربي، وأعتقد ان الصناعة كانت تسير على الطريق الصحيح حتى نهاية الثمانينات، فكان هناك دعم حكومي غير عادي للصناعة، وكانت ميزانيات الشراء لوزارتي الثقافة والتربية كبيرة جدًا، وكانت بعض الدول العربية أثناء إقامة المعارض تقوم بشراء ما يتبقى من جميع الناشرين في المعارض، بالإضافة إلى أن ظاهرة التزوير كانت أقل بمراحل من الآن وكان الناشر يطبع كميات تزيد عن 5 أضعاف ما يطبعه حاليًا، لذلك ازدادت دور النشر وظهرت في العديد من المؤسسات الحكومية المشاريع الثقافية والسلاسل، وزاد عدد العاملين بهذه المؤسسات، ومع كل هذا التطور ظهرت مواهب عدة في مختلف مجالات هذه الصناعة.


ولكن مع مرور الوقت، وتحديدًا منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، أخذت ميزانيات الحكومات في التراجع تدريجيًا، وبدأت ظاهرة التزوير تزيد حتى وصلنا إلى عام 2011، بداية الانهيار الحقيقي، عقب انهيار عدد من الأسواق، وأبرزها السوق الليبي واليمني والسوري، ومن قبلهم السوق العراقي الذي عاد فقط منذ أقل من 5 سنوات بشكل تدريجي، بالإضافة إلى انخفاض غير عادي في ميزانيات الوزارات والجهات الناشرة، خصوصا بعد عام 2008.


لا يمكن أن نتجاهل التحول الذي حدث في اهتمامات ونوعيات القراء بعد ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، وزيادة الطلب على الكتب الأدبية وكتب تنمية الذات، بداية من عام 2011، ولكن صناعة النشر ليست فقط فرعين من فروع المعرفة، ولا يستطيع فرع أو فرعان من فروع النشر أن يشفعا لكل هذا الانهيار، خصوصًا أن ظاهرة التزوير تفشت بشكل غير مسبوق منذ عام 2011 في بعض الدول، وما زال هناك قصور في تطبيق القوانين أو تعديلها من قبل بعض الحكومات العربية رغم مناشدة العديد من الاتحادات الإقليمية واتحاد الناشرين العرب، بالطبع كل هذه العوامل أدت إلى انهيار بعض دور النشر الخاصة والحكومية، وتسريح عدد من العمالة فيها، والإبقاء فقط على عدد قليل من العاملين، إذ أصبح الناشر هو المحرر والموزع والمسوق و"المطبعجي" وفي بعض الأحيان، أصبحت كل هذه الأعمال يقوم بها شخص واحد داخل الدار، هو صاحبها.


ويبقى السؤال الأهم والأبرز: ما هي الحلول، والتي قد يمكن تلخيصها فيما يلي:


1- التعامل مع الثقافة و القراءة على أنها مشروع وهدف قومي، على الجميع سواء الشعوب أو الحكومات العربية الوقوف ورائه .

2- تخصيص ميزانيات من كافة الحكومات العربية لدعم الصناعة، فلا سبيل للتقدم أو محاربة الفكر المتطرف إلا عن طريق دعم الثقافة .

3- وضع آليات ومعايير انتساب مهنية جديدة، من قبل الاتحادات الإقليمية واتحاد الناشرين العرب، لممارسة صناعة النشر .

4-تعديل القوانين الخاصة بالملكية الفكرية في بعض الدول العربية، لمحاربة ظاهرة التزوير التي تهدد صناعة النشر.

5- زيادة عدد المكتبات العامة في كافة الدول العربية، لأن عدد المكتبات لا يتناسب مع عدد السكان، وزيادة عدد المكتبات بالتأكيد سيؤدي إلى ازدهار الصناعة.

6- إقامة ندوات وورش عمل مدعومة من الاتحادات المهنية والحكومات، تضم أهم المتخصصين في صناعة النشر بالعالم، لتطوير مستوى الناشر العربي.


نشر المقال بالتعاون مع مجلة عالم الكتاب - عدد 45 يونيه ويوليو 2020

    الاكثر قراءة