استطاع المخرج
المسرحي عصام السيد أن يُحقق المعادلة الأصعب في الوسط الفني، حيث جمع بين النجاح
الجماهيري والنقدي، وبدأ مشواره الفني عام 1981، وأخرج ما يقرب من 50 عرضا مسرحيا
على خشبات مسرحي القطاع العام والخاص، جميعها كانت عروضا لها ثقلا فنيا، وحققت
الكثير من النجاح على أكثر من مستوى.
وشاركت عروضه في الكثير من المهرجانات العربية
والعالمية، ونظم أكثر من ورشة تدريبية للإخراج المسرحي، وتخرّج منها الكثير من
الشباب الذين حلقوا في سماء الفن وأصبحوا اليوم أصحاب أسماء لامعة في الوسط
المسرحي.
وشغل عصام السيد
مناصب إدارية عدة في الوسط المسرحي من بينها إدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية،
وتولى رئاسة البيت الفني للفنون الشعبية وغيرها، كما تم اختياره في استفتاءات
صحفية كأفضل مخرج مسرحى، وحصل على جوائز عدة منها جائزة الدولة للتفوق في الفنون
وغيرها، ويبقى حتى الآن في الصدارة يمارس نشاطه الفني في الإخراج والتدريب المسرحي.
بوابة «الهلال
اليوم» التقت المخرج عصام السيد وكان لها هذا الحوار:
ما هو الجديد
بشأن العرض المسرحي المأخوذ عن "هاملت"؟
كان من المفترض
أن أقدم عرضاً مسرحياً عن نصّ هاملت على المسرح القومي، نهاية ديسمبر، لكن للأسف تم
تأجيله إلى الموسم المقبل، وحالياً أقوم بإعداد بروفات لإعادة تقديم العرض المسرحي
"أهلا يا بكوات"، ضمن مجموعة من العروض المتميزة التي قدمها المسرح
القومي احتفالا بمرور 100 عام على تأسيسه.
هل سيتم تقديم
المسرحية بفريق عمل جديد؟
نعم ستقدم بفريق
مسرحي جديد تماما ولكن سيبقى البطلين الأساسين الفنان حسين فهمي والفنان عزت العلايلي،
وتم اختيار "أهلا يا بكوات" لأنها واحدة من أنجح العروض التي قدمها
المسرح القومي، كما أنها ستكون أيضاً تكريماً لاسم الفنان الراحل محمود ياسين، حيث
يرجع إنتاجها الأول إلى وقت إدارته للمسرح .
كيف ترى تجربتك
الثرية مع مسرح القطاع العام؟
كانت تجربة ممتعة
فقد قدمت في القطاع العام أكثر من عرض مسرحي، وكنت أعمل بأريحيه شديدة وأنفذ كل ما
أتمناه على خشبة المسرح، والحقيقة أن المشاركة بيني وبين لينين الرملي كانت من
عوامل النجاح التي لا يمكن إنكارها، حيث أن معظم ما قدمته في القطاع العام كان
بصحبه الكاتب المسرحي الراحل، فقد قدمت معه 9 عروض مسرحية .
هل لديك فرقة
مسرحية أم تستعين بالمواهب من شباب الورش؟
هناك من يساعدني
في الإخراج وهذه المجموعة ثابتة لا تتغير، وذلك يرجع إلى حالة التفاهم والانسجام
والثقة في العمل التي أصبحت موجودة بيننا والتي نتجت عن العشرة والممارسة وتعدد
التجارب وما إلى ذلك، ولهذا تتيسر المهمة فلست بحاجة إلى شرح الكثير، وهو ما يصعب
تحقيقه مع شباب ليس لديهم الخبرة الكافية، ولكن بالطبع هذا لا يمنع أن أضم إليهم بعض
الشباب للتدريب والتعلم.
وفيما يخص
التعاون مع الشباب فـأنا دائما ما أقوم بعمل ورش إخراج لتدريب الشباب، واخترت
الإخراج تحديداً بسبب رؤيتي أن الجميع يصنع ورشا للتمثيل ولهذا أسعى دائماً إلى
إقامة ورش للإخراج سواء في مركز الإبداع أو في المسرح القومي أو أي مكان يتاح لي أن
أقدم فيه ورشة، وأفتخر أن ورشة مركز الإبداع تخرج منها مبدعين أصبحوا الآن مخرجين
مهمين لهم ثقلهم في الوسط المسرحي كالمخرج هاني عفيفي ومروة إمام وأيضاً عبير علي،
وجميعهم يعملون حاليا في السوق ويحققون نجاحا فنيا.
كيف ترى تواجد التكنولوجيا
الحديثة في مسرحنا المصري المعاصر؟
مسارحنا في مصر
من وجهة نظري مسارح –متخلفة- تكنولوجيا؛ فالمسارح في أوروبا تفوقت علينا تقنيا
بمراحل ولكن هذا لا يعني ان تستخدم كافة العروض التكنولوجيا فهناك عروضا من الممكن
ألا تتطلب هذا، وأنا لا أسعى إلى استخدام التكنولوجيا في المسرح لمجرد تواجد
التقنية أو إقحامها على العرض ولكن يأتي استخدامها بما يخدم دراما العرض المسرحي،
فقد قدمت الكثير من العروض في قاعات دون استخدام أي تقنيات حديثة كان اعتمادها على
الممثل وحسب، والمسألة ترجع أصلا إلى نوعية العرض التي تفرض طبيعتها واحتياجاتها
على المخرج
.
وأضاف، مسارحنا
يجب أن تكون مجهزة تكنولوجيا لتُتيح للمخرج حرية استخدام التقنيات التى يحتاجها بما
يتلاءم مع رؤيته، ولكن للأسف الشديد مسارحنا مازالت قديمة ومتخلفة بسبب عدم بناء
مسارح جديدة وحتى حين يتم تصليحها أو يقومون بإضافات عليها يكون في أضيق الحدود
المتاحة ولا يمكنهم أن يضيفوا إليها كافة التقنيات المسرحية الحديثة التي أصبحت
موجودة في الغرب، بسبب طبيعة المبنى وتركيبته على الطراز القديم .
وتابع، على سبيل
المثال المسرح القومي في تجديده الأخير تم إضافة ثلاثة مصاعد تكفي فردا واحداً
فقط، ولكن المصاعد في المسارح الأوربية تُصنع بتجهيزات لحمل قطع ديكور كاملة، وهذا
ما لا يمكن تحقيقه فى التكوين المعمارى للمسرح القومي، ولهذا كان المفروض أن يبقى
المسرح القومي مسرحا كلاسيكيا ولا ينفق على تجديده هذه المبالغ الطائلة، وكان
علينا أن نبني مسرحا حديثا "مودرن" في مكان آخر.
هل لدينا
الأماكن التي يمكن أن تصلح لبناء مسارح جديدة بتقنيات حديثة؟
بالطبع لدينا
أماكن كثيرة، فوزارة الثقافة تملك الكثير من الأراضي الواسعة يمكن أن يُقام عليها
مسارح كبيرة، كالموجودة في الهرم على سبيل المثال، وليس من الضروري أن يُصنع على
غرار المسارح القديمة المملؤة بالزخارف والرخام والخامات باهظة الثمن فالمسارح لم
تعد تُبنى بهذا الشكل، بل أصبحت تُبنى بطرق مبسطة وخامات جاهزة تأتي على التركيب
فقط، وبهذا يصبح لدينا مسارح جديدة بطراز وتقنيات حديثة.
كيف ترى المسرح
في ظل وجود أزمة كورونا؟
أرى أنها أزمة
عالمية، وكان من الطبيعي أن تتوقف كافة الأنشطة الفنية على كل الأصعدة، مثلما
توقفت الممارسات الحياتية بشكل عام في كافة المجالات، وقد حدث هذا في العالم كله
ولسنا الوحيدين الذين فعلنا هذا، فنحن نواجه مرضا غريبا لا نعرف له علاجا ولا نعرف
مداه، فما المشكلة أن تتوقف المسارح لفترة حتى نعبر هذه الأزمة، فليس من المهم أن
نكون أول من فتحوا المسرح وأعادوا الفعاليات الفنية والثقافية، ولكن الأهم أن نكون
أقل نسبة إصابات وأقل نسبة وفيات، وأعلى نسبة علاج.
وأضاف، أتمنى
ألا تصيبنا الموجة الثانية من كوفيد 19 وإذا جاءت أتمنى أن نكون حريصين أكثر.
ماذا عن كواليس جائزة
مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي؟
هذه الجائزة أنا مبتكرها وقد جاءتني فكرتها
عندما ذهبت إلى جامعة عين شمس للتحكيم بإحدى مسابقات المسرح، وهناك شاهدت العديد
من المواهب المبدعة، بعضهم لم يدخل معهد فنون مسرحية أو حتى أقسام المسرح بالكليات
المتخصصة، لكنهم موهوبين بشدة، ورأيت أن هؤلاء الشباب بتخرجهم من الجامعة ستضيع
موهبتهم وقد لا يمارسون الفن أصلا بعد ذلك، ولهذا قمت بعمل هذه الجائزة للشباب غير
محترفين حتى يجدوا في بداية حياتهم تشجيعاً، يدفعهم للاستمرار في الفن.
في البداية قررت أن أقدم جائزة للمخرجين خريجي
جامعة عين شمس، ولكن وجدت أنها ستكون فكرة ضيقة، ففكرت في توسيع نطاقها وبالفعل
تحدثت مع مازن الغرباوي رئيس مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي، بصفة أنه مسرح
للشباب واتفقنا على أن إقامة جائزة إخراج للعمل الأول باسمي ولا يشترط أن تختص به
جهة بعينها بل يتم توجيهها لكل الشباب الذين يملكون مواهبا مسرحية، وبدأنا فى
الدورة الأولى بمنح جائزة واحدة أما الدورة الحالية فسيرتفع العدد إلى ثلاث جوائز،
وهذه الجوائز كلها مالية أنا من أقوم بدفعها ضمن إطار مهرجان شرم الشيخ، وهناك
لجنة تحكيم من قبل المهرجان، هي من تختار العروض التي تحصل على الجائزة.
حدثنا عن تجربة «والت
ديزني»
هذه التجربة كان
لها ظروفها الخاصة وأبعادها كما أن لها الكثير من الأسباب، وقد نُشرت تفاصيلها في
مقالات قمت بكتابتها موضحا هذه الأسباب، وسوف تُنشر قريبا في كتاب.