خلقت ماري شيلي، الكاتبة الإنجليزية، شخصية فرانكنشتاين من العدم، وهي مازالت
بعد في عمر الثامنة عشر، جلست ذات يوم على
ضفاف بحيرة ليمان السويسرية، أسفل أشجار حدائق منزلها، أو على الجوانب
القاتمة للجبال حيث ولدت، لتكتب أولى رواياتها، "بروميثيوس هذا العصر"
أو "فرانكنشتاين" بعد أن تحداها زوجها، وصديقهما في كتابة قصة طويلة
تنتمي إلى ال"القوطية" او ما وراء الطبيعة، في البداية تخيلت أنها لن
تستطيع إنتاج نص مكتوب من عالم الخيال، لكنها استطاعت أن تبهرهم جميعا، وكتبت
"فرانكنشتاين: بروميثيوش هذا العصر" في نسخته الأولى عام 1818، والتي
تحولت فيما بعد للعديد من النسخ المستوحاه منها، خاصة في الإنتاج السينمائي.
ماري شيلي، كتبت ببراعة عن الإنسان في وحشيته، حين يتعامل مع مخلوق غريب
عنه، يتحول الإنسان هنا إلى كائن قاس، لا يعرف الرحمة، وهي تحكي عن العالم
السويسري، الذي صنع شخصا من أشلاء آخرين، فكان الناتج النهائي في منتهى البشاعة،
تمتع فيها هذا المسخ بصفات الإنسان، وبسبب ما تعرض له من وحشية الآخرين، وخوفهم منه
وعدم رغبتهم في الاقتراب منه، حتى أنه ظل وحيدا، وبقدر رغبته في إيجاد الونيس،
وبقدر عدم حصوله إلا على الوحدة الموحشة، بقدر ما كره صانعه، فهلك الإثنين في
نهاية الأمر.
"بروميثيوس هذا العصر" أو"فرانكنشتاين" ليست قصة رعب،
بل صنفها البعض بأنه أسست للحركة الإبداعية الرومانسية، لأنها احتوت على مدلولات
رمزية، تخطت فكرة ما وراء الطبيعة، حيث بحثت ماري شيلي، عن أصل الشر في الإنسان،
وتناولت مضمون الإرادة الحرة، كما أنها أيضا تناولت الأزمة الحقيقية، والتي نتجت
من علاقة المسخ بصانعه، وتناولتها بمنتهى السلاسة دون ابتذال.
تميزت "فرانكنشتاين" بخصائص أدب الخيال العلمي، وتعتبر أكثر الروايات
رواجا على مستوى العالم، حتى أن ماري شيلي، كاتبة الرواية، كان يتم النظر لها على
مدار القرن التاسع عشر، على أنها نجحت بسبب هذه الرواية فقط، رغم أنها قامت بتأليف
الكثير من الكتب، التي تميزت بخصائص كثيرة ومختلفة، إلا أن اعمالها تلك لم تنتشر
إلا منذ عدة عقود قليلة، وتحولت رواية "فرانكنشتاين" لأكثر من فيلما
سينمائيا، بداية من العام 1910 حتى العام 2015، برؤى ومعالجات مختلفة.