الجمعة 28 يونيو 2024

حال قطر والعرب.. بقلم عزمي بشارة

أخرى19-12-2020 | 11:36

أصدر من يطلق على نفسه المركز العربي لأبحاث ودراسة السياسات والذي يترأسه عزمي بشارة ما أسماه المؤشر العربي 2019/2020 ويقول فيه إنه استخدم أسلوب المعاينة الطبقية العنقودية المنتظمة متعددة المراحل والموزونة ذاتيا والمتناسبة مع الحجم!

 

نتناول في السطور القادمة بعض الأسئلة التي دارت في ذهني بعد قراءة النسخة الملخصة لنتائج هذا المؤشر والمنشورة على موقع المركز العربي. من خلال تلك الأسئلة ومن خلال نتائج البحث المنتقاة من المؤشر والواردة في هذا المقال والتي دفعتنا لطرح تلك الأسئلة، نستطيع أن نستشف حال قطر ومصر والعالم العربي وبقلم عزمي بشارة نفسه أو مؤشره.

 

السؤال الأول: أخلاقيات البحث

سؤال يطرح نفسه ويتعلق بمدى مطابقة هذا المؤشر مع أخلاقيات البحث المتعارف عليها، حيث أكد القائمون على العمل أن عينة البحث قوامها 28000 من 13 بلدًا عَرَبِيًّا، من بينها مصر والسعودية فهل كشف الباحث عن هوية المؤسسة القائمة على المؤشر لمواطني البلدين المقاطعين لقطر؟

 

السؤال الثاني: مدى الرضا عن الوضع السياسي

أظهر المؤشر أن 65 % من المصريين و 90% من السعوديين و 93% من القطريين راضون عن الوضع السياسي في بلدانهم. ولكن من حيث درجة الرضي يري 74 % من السعوديين أن الوضع السياسي جيد جدا في حين يراه كذلك 66 % فقط من القطريين. في حين عبر فقط 25 % من التونسيين عن رضاهم عن الوضع السياسي في بلدهم (الاستثناء العربي). ألا يتنافى أن 65 % من المصريين راضون عن الوضع السياسي مع كل ما تبثه الجزيرة وأخواتها بخصوص مصر؟ ألا تثبت المقارنة بين تونس وقطر أن رضا المواطنين غير مرتبط بمستوي الديمقراطية؟ ألا تثبت المقارنة بين قطر والسعودية أن النظام السياسي في السعودية أكثر رسوخا من النظام القطري؟

 

السؤال الثالث: من العدو؟

 

أظهر المؤشر أن 55% من القطريين يعتبرون أن الدول العربية تمثل التهديد الأول لقطر في مقابل 3% فقط يعتبرون أن إسرائيل تهديدا لهم. لم تعد إسرائيل هي العدو الأول للمواطن القطري أليس هذا ما تتهم به قطر الدول المقاطعة لها؟

 

السؤال الرابع: مدى الديمقراطية

أظهر المؤشر ما يلي:

65 % من القطريين يقيمون إيجابيا أداء مجالس بلدانهم التشريعية (التمثيلية) في واجبها بالرقابة على الحكومات في مقابل 62% من المصريين و 38% من المغاربة و 29% من الأردنيين.

-على فرض وجود مقياس رقمي من 1 إلى 10، قيم القطريون مدى قدرتهم على انتقاد الحكومة 5. 8 نقطة والمصريون ب 5 نقاط.

-قيم القطريون مستوى الديمقراطية في قطر ب 7. 5 نقطة بينما قيمه التونسيون ب 6. 9 نقطة والمصريون ب 6 نقاط.

 

ألا يتنافى أن 62% من المصريين يقيمون إيجابيا أداء مجالس مصر التشريعية (التمثيلية) في واجبها بالرقابة على الحكومة مع كل ما تبثه الجزيرة وأخواتها بخصوص مصر؟ عندما يقيم القطريون مستوى الديمقراطية في قطر ب 7. 5 نقطة بينما يقيمه التونسيون ب 6. 9 ألا يدعو ذلك إلي التشكك في مصداقية المؤشر أوفي مدى فهم عينة البحث القطرية لمعنى الديمقراطية؟

 

السؤال الخامس: العلاقة بين الديني والسياسي:

31 % من العرب فقط يرون ملائمة الأحزاب الإسلامية كنظام حكم في بلدانهم.

 %88 من المصريين مقابل 16% فقط من الجزائريين يروا أنه ليس من حق أي جهة تكفير الذين ينتمون إلى أديان أخرى أو الذين لديهم وجهات نَظَر مختلفة في تفسير الدين.

90 % من المصريين في مقابل 57% من التونسيين يرون أنه لا يحق للحكومة استخدام الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها. تم حذف نتائج قطر بهذا الخصوص.

53 % من المصريين مقابل 31% من التونسين يروا أن تنظيم الدولةالإسلامية (داعش) هو نتاج وجود التطرف والتعصب الديني في مجتمعات المنطقة. بينما يرى 24 % من المصريين مقابل 44% من تونس أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هو نتاج سياسات الأنظمة العربية. تم حذف نتائج قطر بهذا الخصوص.

 

ألا يثبت حذف قطر من نتائج المؤشر (المختصرة في نقاط) الخاصة بالعلاقة بين الديني والسياسي من ناحية مدى سطوة المال القطري على بعض نتائج هذا البحث ومدى أخونه المجتمع القطري من ناحية أخرى؟ ألا تثبت نتائج البحث المدى الذي وصلت إليه مصر من تجديد الفكر الديني ومدى تبني المجتمع لهذا الفكر، فمصر بحسب هذا المؤشر أكثر الدول العربية علمانية (باسم الدين). ألا تدق نتائج هذا المؤشر ناقوس خطر على المدى الخطير الذي وصل إليه تأسلم المجتمع الجزائري والمجتمع التونسي؟ أخيرا ألا تعبر النتيجة التي تقول بأن 31 % من العرب فقط يرون ملائمة الأحزاب الإسلامية كنظام حكم في بلدانهم (رغم أن لدي شك في مصداقية تلك النسبة فهي في ظني مبالغ فيها) في أن الإسلاموية أقلية وفي أنها في أسوأ مراحلها وفي بديات أفولها؟

 

يقول القائمون علي المؤشر إنه أضخم مشروع بحثي في المنطقة العربية وأن تنفيذه استغرق أكثر من 69 ألف ساعة، وشارك فيه تنفيذه 900 باحث وأن الباحثون الميدانيون قطعوا ما مجموعه أكثر من 820 ألف كيلومتر. ذكرني ذلك بالمشهد السينمائي حول الخروف والفساد الذي جمع بين نجيب الريحاني وعباس فارس. ويا لخسارة المال والمجهود والوقت حيث إن أسلوب المعاينة الطبقية العنقودية المنتظمة متعددة المراحل والموزونة ذاتِيا والمتناسبة مع حجم الأيدلوجيا والمال القطري واضح للعيان