مداخل الجماعات الإرهابية فى تجنيد الشباب
إن التطرف الديني والاجتماعي لا يبدأ عند انضمام شاب لداعش أو القاعدة أو أي جماعة إرهابية مسلحة أو عنيفة!!، بل يبدأ التطرف عندما ينضم الشاب إلى جماعة من الجماعات التي تطلق علي نفسها (إسلامية)، حتى وإن كانت تتخذ من السلمية منهجاً والتعبد سبيلاً والبعد عن السياسة تقرباً لله!!.
لماذا؟، لأن مجرد تكوين جماعة داخل مجتمع مسلم يوحي لأفرادها بمفاهيم معينة هي مقدمة للتطرف والإرهاب، ومنها:
1- الإيحاء بأن أفراد الجماعة علي درجة من الإيمان والقرب من الله وعلى وعي بالقرآن والسنة أكثر وأكبر من جموع الناس، وهذا واضح جداً في أسماء بعض الجماعات (الجماعة الإسلامية - جماعة أنصار الله - حزب الله - إلخ)، وبالتالي لابد من دعوتهم إلى الالتزام الديني (على حد تعبيرهم)، وكلمة (التزام) مشهورة جدًا بين مفردات أعضاء الجماعات المتنوعة، وكثيراً ما يقصد بها التزام الجماعة وليس الاستقامة على أمر الله ورسوله، كما أمرنا الله: "قل آمنت بالله ثم استقم"، واستخدام لفظ الالتزام كبديل للفظ الاستقامة، خداع كبير من كهنة هذه الجماعات لإحداث تلبيس كتلبيس إبليس على الشباب المتحمس نحو الاستقامة الدينية، ثم يجرونهم إلى الالتزام بتعاليم وأفكار الجماعة على أنها وحي الله المعصوم!!.
2- انتقال ولاء الشباب من ولائهم لله وللدين إلى ولائهم للجماعة وأميرها أو مرشدها، ومن اعتبار كل المسلمين إخوة على مستوي الحقوق والواجبات كما قال رب العالمين: "إنما المؤمنون إخوة"، إلى اعتبار الأخوّة مقصورة على أفراد الجماعة فقط دون المسلمين الذين يعتبرون في منظور هذه الجماعات فسقة أو كفاراً أو على الأقل غير ملتزمين!!، وهذه الكلمة أيضاً أطلقها كهنة الجماعات تعبيراً عن أن الأخوة هم أعضاء جماعة وليس بقية المجتمع، ومن هذا المفهوم سميت جماعة الإخوان نفسها باسم (الإخوان المسلمون)، إيحاءً أن غير المنضمين إلى الجماعة ناقصين في دينهم وأخوتهم!!، واستكمال الدين ليس بالاستقامة، إنما بالسمع والطاعة للمرشد أو الأمير!!.
3- اعتبار أيات القرآن في وصف المؤمنين والمتقين لا تنطبق إلا على أفراد الجماعة، وبالتالي أيات الكافرين والفاسقين تنطبق على غير أفراد الجماعة، حتي وإن كانو على تقوي من الله ورضوان، وأيضاً تفسير الصراع بين الحق والباطل وإسقاطه على الصراع بين الجماعة والمجتمع وليس بين الأمة وأعدائها!!.
4- توظيف القرآن والسنة بالاستدلال الانتقائي لصالح مصالح الجماعة الضيقة سياسياً أو صراعياً.
ولهذا حرّم القرآن الكريم تكوين جماعة بطانة من دون المؤمنين، ففكرة تكوين الجماعة داخل المجتمع المسلم هي بداية التطرف والإرهاب ومحاربة الإسلام من داخله.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 118].
بل إن تكوين الجماعة في المجتمع يكون بديلاً عن الوطن!، فينتقل ولاء الشباب من الولاء الوطنى إلى الولاء للجماعة باعتبارها نواة للخلافة!!، وسبق الحديث عن وهم إقامة الخلافة من منظور الإسلام، وهذا بالطبع معارض لمفهوم سورة البلد، فسورة البلد تعلمنا أن وعاء المسلم ووعاء المجتمع هو البلد وليس الجماعة!!.
فإذا كان الدين هو ماء المطر الطاهر المطهر، فإن الوطن هو الأرض الطيبة التى تنبت الثمار الطيبة (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) - الأعراف 58.
فإذا ضاع الوطن ضاع الدين كما يضيع الماء بضياع الأرض الصالحة، قال تعالى: "لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)". سورة البلد.
ويلاحظ أن هناك عدة منطلقات فكرية لكل هذه الجماعات لتجنيد الشباب إليها، بداية من السلفية وانتهاءً إلي جماعات التكفير وداعش والقاعدة، يتفقون في مساحة كبيرة منها ويختلفون في مساحة ضيقة!.
ومن هذه المنطلقات:
1- الحاكمية وفرضية إقامة الخلافة.
2-مفهوم الولاء والبراء.
3- قضية الكفر والإيمان .
4-حتمية المواجهة المسلحة لاقامة الخلافة ونشر الاسلام.
وللحديث بقية بإذن الله