أظهرت دراسة أثرية جديدة للباحث الأثري محمد أحمد ناصر بوزارة السياحة والآثار، أن فانوس رمضان نشأ في مصر القديمة من (عيد المصابيح).
وقال ناصر، في تصريح له اليوم الثلاثاء، إن (عيد المصابيح) في مصر القديمة كان في شهر (ﻛﻴﻬﻚ) بالتقويم القبطي ﻭﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ( ﻛﺎ – ﻫﺎ – ﻛﺎ) بالتقويم المصري القديمم ﻣﻦ 10 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺇﻟﻰ 8 ﻳﻨﺎﻳﺮ ،وأطلق عليه هذا الاسم حيث كانت توقد (المصابيح – المسارج – الفوانيس ..وجميعها بذات المعنى) ليلا أمام المنازل ومعبد الإله أوزيريس في "صالحجر" عاصمة مصر في العصر الصاوي وموقعها حاليًا بمركز بسيون محافظة الغربية وتقدم له القرابين، موضحا أن هذا العيد هو أصل الفوانيس المضاءة ليلًا في رمضان.
من جانبه، ألقى الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، الضوء على هذه الدراسة، مبينا الأدلة الأثرية على ذلك من اكتشاف مصابيح في صالحجر صغيره الحجم كنماذج للأطفال ومصابيح بسيطة مسطحة تشبه الطبق بها الزيت الممزوج بالملح ويخرج منه فتيل للإضاءة يطفو تلقائيا، موضحا أنه في أحد المصادر تم وصف المصباح أنه يشبه الكوب (وهو ما يفسر كمية الأواني على شكل كوب العديدة المكتشفة بالحفائر) ويظل مشتعلًا طوال الليل.
وقال إنه في العصر البطلمي، انتقل عيد المصابيح الي مدينة إسنا ونقش بمعبد إسنا "أشعلوا المصابيح بكثرة داخل المعبد ودع الرجال والنساء يحتفلون ودع هذه المدينة كلها ترفع صرخات الفرح ولا ينام أحد حتى شروق الشمس" ثم امتد إلى كل المدن المصرية، ثم لاحقا بمعبد جوبيتر كابيتولينوس في ١٢ من أغسطس من كل عام.
وأضاف ريحان أن هذا الشكل انتقل في الممارسات الطقسية اليهودية في صورة الشمعدان السباعي والخماسي، وفي المسيحية أوصى الأب ترتليان المسيحيين عدم إضاءة المصابيح
في أيام الاحتفال الرسمي بهذا العيد حتى اعتماد مصابيح الإضاءة والشموع كممارسات مسيحية بالقرن الخامس الميلادي ، ثم انتقل هذا إلى العالم حيث يحتفل به الصينيون حتى الآن وكذلك مدينة بورتلاند في شهر فبراير ويسمونه (مهرجان الأضواء) .
وتابع الدكتور ريحان أن احتفال الأطفال في رمضان بحمل الفوانيس مرددين عبارة "وحوى يا وحوى اياحه" وهم يحملون مصابيح مضاءة ليلا من الأصل المصرى القديم، فكلمة (إياحة) هي دمج لكلمتين وهم (إعح – حا ) والأولى بمعنى قمر مثل كلمة أحمس وتنطق (إعح – مس) بمعنى وليد القمر ويعد أحد الأسماء المنتشرة بصالحجر قديما، والكلمة الثانية "حا" وتعني يمشي أو يتحرك وتطلق علي الحمار قديما، ولا تزال تلك الكلمة تستخدم في الأرياف لحث الحمار على المشي.
وأوضح أن تداخل الحرف الأول للكلمة الثانية مع الحرف الأخير للكلمة الأولي وقلبت العين ياء مع تواتر النطق ومعناها في المجمل "القمر يمشي"، وجاء ذلك تفسيرا للجملة الأولي وحوى يا وحوي و أصلها ( واح اي – واح اي) وكلمة واح معناها يهنيء أو يطمئن و(اي) ضمير مقطع مضاف ليكون المعني كاملًا ( اطمئن اطمئن القمر يمشي) لأنهم كانوا ينظرون إلى القمر وهو المصباح الأكبر ليلًا حاملين المصابيح الصغيرة فيلاحظون مسيره في السماء، وتعد تلك الملاحظة الأولى لأطفالنا عند متابعة القمر ليلًا والقمر له قداسة عند القدماء من أهل سايس.
وأشار ريحان إلى أن صالحجر (سايس) كمركز ديني كبير تعددت فيها الأعياد، حيث تم رصد ١٤ عيدا حتى الآن، منها الأعياد الأوزيرية في شهر كيهك ،وعلى ضفاف البحيرة المقدسة بصالحجر شاهد المؤرخ الاغريقي هيرودوت الاحتفالات المسرحية التي تمثل قصة أوزوريس ومعاناته والتي يسميها المصريون ( اسرار سرس ) وتدوم لثلاثة أيام.
ولفت إلى العيد الكبير، واسمه بالمصرية القديمة (دنجت عات) في 12 كهيك حيث كان القدماء المصريون يصنعون تماثيل من الشعير ويضعون عليها الماء فتنبت في العيد كأنها إعاده بعث من جديد، ومازالت تلك العادة موجودة إلى اليوم إلا أنهم استبدلوا الشعير بالحلبة الحصى، ويقول هيرودوت عن مدينة صالحجر "سايس" كانوا يجتمعون في مدينة سايس في ليلة معينة يشعلون عددا كبيرًا من المصابيح ( الفوانيس) في الهواء الطلق حول البيوت فتتحول صالحجر إلى كتلة من النور وامتد الاحتفال إلى مصر كلها.