الخميس 20 يونيو 2024

سر مقولة «الذوق مخرجش من مصر»

ضريح الشيخ حسن الذوق

تحقيقات29-4-2021 | 22:10

محمد عاشور

الذوق.. وصف لكل ما هو جميل، والمقولة الشهيرة "الذوق مخرجش من مصر "، دلالة على كرم أهلها وطيبتهم وجمع من الصفات الحميدة، فما سر هذا المقولة؟

الذوق ليست صفة كما يعتقد البعض، بل اسم أحد التجار والفتوات ويدعى "حسن الذوق"، كان يعيش بحي الجمالية بعصر المماليك، وكان معروفا بين الناس بأخلاقه وحكمته لذلك كان يرجع إليه الناس لأخذ رأيه، وكان للفتوات في ذلك الوقت دور تاريخي بالغ الخطورة على المستويين الاجتماعي والسياسي في أواخر الدولة العثمانية في مصر.

ونتيجة لما شاهدته البلد وقتذاك من انهيار سياسي وصراع على الحكم، أدى إلى فوضى عارمة، ولم يجد الشعب بدا معها من اللجوء إلى الفتوات طلبا للحماية وإسهاما في تحقيق العدل ومن ثم التوازن الاجتماعي.

والشيخ حسن الذوق، هو أحد تجار الحسين، مغربي الأصل، كما كان أحد فتوات المحروسة بالمعنى الشعبي، وكان رجل ذو بأس وقوة، وحكمة ورجاحة عقل، وكانت له خشية وهيبة في نفوس الناس، فأتخذه أهل المحروسة حكما بينهم، يفصل في المشادات والمشاحنات بين الأهالي ويصلح بينهم ويحكم فيهم بالعدل.

وذات يوم نشبت مشاجرة كبيرة بين فتوات المنطقة، وحاول "الذوق" أن يتدخل لفضها والصلح بين المتشاجرين، ولكنها كانت المرة الأولى التي يفشل فيها في الصلح بين المتخاصمين، ووصل الأمر للحاكم العسكري الذي أمر بحبسهم في السجون العسكرية، بعدها قرر أن يخرج من مصر لاستشعاره الحرج، ولكنه لم يتحمل ألم الفراق، فسقط ميتَا فور مروره عند باب الفتوح، وهنا تجمهر الناس حوله، فكان الخبر المفجع "لقد مات الذوق"، فقرروا دفنه مكان سقوطه، يمين باب الفتوح من الداخل، ووضعوا على قبره الصغير تعريفا "ضريح العارف بالله سيدى الذوق".

ومن بعد وفاة الذوق كلما احتدم الصراع بين الفتوات ليصل لصراع دموي، يخرج أحدهم صارخا: "يا جماعة عيب .. ده الذوق مخرجش من مصر" أي أن الذوق مدفون بيننا، ومن وقتها وإلى الآن، كلما مر الناس على مقامه، قرأوا الفاتحة لـ"الذوق" الذي لم يخرج من مصر ومات فيها.