الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

مصر وصناعة التأثير الدولي: إعادة صياغة العلامة الوطنية لتحقيق المكسب للجميع

  • 25-6-2021 | 17:01
طباعة

حرصت دولة 3 يوليو علي استعادة الاستقرار لعلاقاتها مع الفاعلين الدوليين من منظمات إقليمية ودولية، والعديد من القوي الكبري والعظمي المؤثرة في صياغة العلاقات الدولية، وصناعة القرار السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي علي مستوي العالم.

 

وشهدت سبع سنوات من حكم الرئيس السيسي العديد من الجولات الخارجية، بلغ عددها 120 زيارة خارجية شملت 48 دولة في أنحاء العالم، كما عقد نحو 1000 اجتماع مع العديد من الضيوف من الرؤساء والملوك وكبار رجال الدولة من مختلف أنحاء العالم، كذلك تم التأسيس لدبلوماسية "المكسب للجميع" من خلال تبني سياسة خارجية ذات مقومات تراعي تحقيق الأمن الإنساني، طرحت من خلالها رؤيتها بشأن التسوية السياسية للأزمات، بغية التوصل لحلول واقعية تساهم في استعادة الدولة الوطنية التي شهدت محاولات الهدم في المحيط الاستراتيجي المصري، وتعمل في نطاق آخر من أجل التنمية الشاملة العادلة لجميع شعوب الإقليم والعالم، عبر صنع شبكة علاقات تتبني دعم عمليات بناء السلام وتحقيق الاستقرار والأمن، باعتبارها من الأهداف السامية للإنسانية والتي ينُص عليها ميثاق الأمم المتحدة.

 

وقد عُدَّ ما سبق اتجاهًا ثابتًا نفذته السياسة الخارجية المصرية، بأدواتها الدبلوماسية المختلفة، وهو أمر ينبغي  أن يتفهم الجميع أنه لا يأتي من منطلق ضعف أو تردد، ولكنه إعلاء لقيم راسخة وثابتة عبر عنها الرئيس السيسي بأنها سياسات شريفة تمارسها مصر في وقت عز فيه الشرف، غير أنه متي فرضت الظروف، والأوضاع، وتطورات الأحداث، سياقات مختلفة، فإن الدولة المصرية قادرة، عبر قواتها المسلحة الشريفة، علي صون الأمن القومي المصري والعربي، وأن أي تهديد لأي دولة عربية، يمس أيا من الاتجاهات الرشيدة والعقلانية التي تنتهجها السياسة الخارجية المصرية، ويهدد أيا من الاتجاهات الحيوية الاستراتيجية لأمنها القومي، لم يعد أمرا مقبولا به، وهو ما طبقه الرئيس السيسي من خلال مبدأين حاكمين لهذا التهديد "مسافة السكة" و"الخط الأحمر".

 

وعلي الجميع تفهم أن التغير في لهجة الخطاب المصري إزاء أي أزمة إقليمية أو دولية، إنما يعني أن الكيل قد فاض من انتهاكات والتفافات وتراجعات عن التزامات أو تهديد للأمن القومي المصري في أي من مجالاته، وهو أمر لن تقبل به الدولة المصرية مجددًا.

 

ولعل هذه الرسائل المصرية القوية قد وصلت إلي جميع دول العالم عبر المجهودات التي بذلها الرئيس، وذلك منذ التأسيس الأول لهذه الدبلوماسية في خطابه الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر 2014، هذا الخطاب الذي أسس لسياسة مصر الخارجية في جمهوريتها الجديدة، والتي نفذتها بكل جد وإخلاص وزارة الخارجية المصرية العريقة ومؤسسات وأجهزة الدولة المعنية، والمسئولة معها عن إدارة ملفات بعينها، ووضعت جميع الفاعلين الدوليين من الدول الكبري، والدولة العظمي، والمنظمات الإقليمية والدولية، والأحلاف العسكرية، أمام مسئولياتها بكل جلاء ووضوح، بغية بذل جهود حقيقية للوصول إلي التسوية السياسية الكفيلة بعودة الأمن والاستقرار للشعوب، التي كثيرا ما عانت خلال السنوات السابقة.

 

وقد أرسي الرئيس السيسي، منذ توليه منصب رئيس الجمهورية عام 2014، مجموعة من المبادئ المركزية والثوابت الراسخة، عبرت عن قناعاته واستراتيجيته ومنظوره في الاقتراب من القضايا الشائكة في إقليم ملتهب، باتت هي القاعدة الرئيسية في تحديد ملامح السياسة الخارجية، وفي تحديد مساراتها، فضلا عن دوره المهم في الإفصاح والإعلان عن المصالح المصرية في مختلف القضايا. وذلك بحكم خبراته العملية، والمهارات العلمية والإدارية التي اكتسبها طوال فترة خدمته في القوات المسلحة، مما مكنه من إدراك التحديات والمخاطر والتهديدات الموجهة صوب الأمن القومي المصري.

 

ولعل سعي الرئيس السيسي لتحقيق أقصي معدلات الحماية للأمن القومي المصري، يمكن لباحث أن يرصدها، قد ارتبط بإدراكه أن الأمن والأمان والاستقرار من أهم القيم لدي المصريين، وأن هذه القيم قد تعرضت لخلخلة شديدة نتيجة تداعيات أحداث 2011 وما بعدها، الأمر الذي انعكس علي أزمات مجتمعية، واقتصادية، وسياسية، وثقافية كادت أن تعصف بهوية المجتمع المصري لولا الوعي الكامن للمصريين، والذي استنفر في ثورتهم الشعبية في 30 يونيو 2013. لذا، كان سعي الرئيس من أجل تسخير كل قدرات الدولة لحماية أمنها الداخلي والخارجي، مع تحقيق أعلي معدلات للتنمية الشاملة، وتطوير قواها الشاملة، مع تأمين تقدمها وازدهارها، والقدرة علي مواجهة الأزمات والتحديات والتهديدات والعدائيات المختلفة، بما يحقق نموها وتقدمها، ويحقق أهدافها ومصلحتها القومية.

 

كل ذلك مكن الدولة المصرية أن تتحول بعد سبع سنوات من اتباع هذه الدبلوماسية، التي سبقها تراجع واختفاء الدور المصري الإقليمي والدولي، ليس فقط من لاعب إقليمي مؤثر، ولكن إلى شريك دولي فاعل، لديه من الأدوات والسياسات والقدرات ما يمكنه أن يصنع التأثير الدولي في الوقت المناسب وفي قضايا شائكة تعجز اقترابات الدول والمنظمات الكبري عن حلها دون الاعتماد عليه.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة