الخميس 23 مايو 2024

رؤية قائد وإرادة شعب

24-5-2017 | 14:38

بقلم: لواء / نصر سالم

 

بعد سنوات ثلاث مرت على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى قيادة مصر وإدارة شئونها.. من حق الشعب أن يسأل أين نحن الآن؟

ماذا تحقق وما الذى لم يتحقق؟

والسؤال الأخير هو إلى أين نحن ذاهبون؟

والإجابة عن السؤال الأول.. ماذا تحقق؟ يلزمه سؤال آخر يسبقه هو أين كنا؟ وكيف أصبحنا؟

وبأمانة علمية لا ينكرها عقل أجدنى مشدوداً إلى وحدة قياس ترضى المتخصصين وتجعل الرؤية أكثر وضوحا أمام العامة من غير المتخصصين.

ووحدة القياس التى أقصدها هى قياس ما تم وما لم يتم نسبة إلى قوى الدولة الشاملة التى تحسب بها قدرات الدولة وتحدد مكانها بين الدول.

وطبقاً للعلوم الاستراتيجية، فإن عناصر قوة الدولة فى الفكر الاستراتيجى تشمل الآتى:

١- القدرة أو الكتلة الحيوية للدولة.

٢- القدرة الاقتصادية.

٣- القدرة السياسية.

٤- القدرة الدبلوماسية.

٥- القدرة العسكرية.

٦- القدرة التقنية.

٧- القدرة المعنوية.

وبتوضيح مبسط لهذه القدرات نرى الآتى:

أولا: القدرة (الكتلة) الحيوية.

وتشمل عنصرين أولهما:

١- السكان أو القوة البشرية التى تعتبر الأداة الرئيسية فى الإنتاج فى جميع عناصر القوة الشاملة للدولة، فهى التى تحول بفاعلياتها الفكرية والمادية، محتوى القوى الجغرافية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية والتقنية والمعنوية، للدولة إلى قدرات تتناسب مع النشاط الفكرى والمادى للسكان، وبالتالى تخلق للدولة قوة تحدد وزنها الإقليمى والعالمى، فكلما كان هذا النشاط على درجة عالية من الإبداع، كانت القدرات المذكورة كبيرة والعكس بالعكس، وبالتالى يكون عنصر السكان هو العامل الرئيسى فى نمو الدولة أو تخلفها.

* فماذا كانت قدرتنا البشرية قبل ثلاث سنوات؟

- نسبة الفقر (٢٧.٨٪ من السكان تحت خط الفقر).

- الأمية (٢٠.٩٪ من إجمالى السكان).

- البطالة (١٢.٨٪ من جملة السكان).

- تعداد السكان يتضاعف خلال الـ٣٥ عاما القادمة (معدل النمو ٢.٠٤٪ سنويا).

- التفاوت الاجتماعى بين الأقاليم، وبين الحضر والريف فى الدخل ومستوى المعيشة والخدمات.

- أعداد كبيرة من السكان تعيش فى مناطق عشوائية وكثيرون بلا مأوى.

- أطفال الشوارع ظاهرة تهدد المجتمع والأمن.

- الحالة الصحية للسكان وخاصة انتشار مرض فيرس (سى) بين أعداد كبيرة من المواطنين.

* ما الذى تحقق للسكان فى هذه السنوات القليلة؟

- إن أول حائط صد وضع فى وجه هذه النسبة العالية من الفقر وما صاحبها من نسبة عالية من البطالة، هى تلك المشاريع العملاقة من البنية التحتية (من إنشاء مدن جديدة، وطرق وكبارى وأنفاق ومحطات كهرباء و .... إلخ).

هذه المشاريع تستوعب الآن خمسة ملايين من الأيدى العاملة، التى ما كانت لتجد هذه الفرص من العمل فى أى مشاريع أخرى، نظراً لكثافة العمالة فيها وأيضا سرعة الشروع فى تنفيذها.

- انتقال أعداد كبيرة من سكان العشوائيات والمناطق الخطرة إلى مساكن جديدة مجهزة ومجتمعات متطورة فى المحافظات المختلفة القاهرة - الإسكندرية.

- القضاء على نسبة لا تقل عن ٩٠٪ من مرضى فيرس (سى).

- وضع خطة طموحة لخفض معدل النمو السكانى ليصل إلى (١.٣٪) كأحد أهم البرامج القادمة ليصل عدد السكان إلى ١٥٢.٣ مليون نسمة عام ٢٠٥٢، وقبلها إلى نحو ١١٥ مليون نسمة عام ٢٠٣٠.

المصدر (الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء).

٢- القوة الجغرافية (الإقليم):

تنقسم القوة الجغرافية للدولة إلى قسمين الأول هو ما حباها الله به من موقع جغرافى يمثل أهمية استراتيجية بين دول العالم، وما أنعم عليها به من مناخ وتضاريس وموارد طبيعية فوق الأرض وفى باطنها.

أما القسم الثانى فهو مقدار ما أضافه سكان هذا الإقليم من مرافق تضيف إلى قيمته مثل القنوات والطرق والأنفاق والإصلاح.. إليه ومحصلة القسمين السابقين للموقع وما أضيف إليه من سكانه تؤدى إلى زيادة أهمية الدولة ونفوذها ودورها فى العلاقات الدولية، كما يؤدى لزيادة ثقلها الإقليمى والعالمى.

وبنظرة سريعة لما تمت إضافته لقيمة الإقليم المصرى خلال تلك الفترة من الزمن نجد هناك سبعة آلاف كيلو متر من الطرق على أعلى مستوى من الكفاءة تمت إضافتها إلى شبكة الطرق القديمة تمثل شرايين للحياة تتدفق فيها حركة الاقتصاد، منها المحاور الطولية والعرضية التى تربط شمال البلاد بجنوبها وشرقها بغربها.

بالإضافة إلى الأنفاق الستة العابرة أسفل قناة السويس لربط سيناء بالوادى وإنهاء حالة الفصل القسرى بينهما، منها أربعة سيتم الانتهاء منها قبل نهاية هذا العام.

- إضافة مليون ونصف المليون فدان إلى الرقعة الزراعية تم استزراع ٢٠٠ ألف فدان منها ويستكمل نصف مليون أخرى هذا العام تم الانتهاء من تجهيز بنيتها التحتية والباقى قبل نهاية فترة الولاية الأولى للرئيس.

- مشروع قناة السويس الجديدة:

تم إنشاء قناة جديدة موازية لقناة السويس بطول ٣٥كم، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات المرة والبلاح بطول ٧٣كم بتمويل وطنى خالص حققت النتائج التالية:

- زمن عبور السفن ١١ ساعة بدلا من ١٨ ساعة.

- إمكانية عبور ٤٥ سفينة من كلا الاتجاهين دون توقف.

- توقع عبور ٩٧ سفينة فى اليوم عام ٢٠٢٣ بدلا من ٤٩ عام ٢٠١٤ .

وجار استكمال تنمية محور قناة السويس كمركز لوجستى وصناعى عالمى كنموذج للتنمية الإقليمية على المستوى الوطنى ويشمل تنمية بورسعيد مع منطقة شرق بورسعيد كثانى أكبر ميناء حاويات فى العالم، وتنمية الإسماعيلية وضاحية الأمل مع وادى التكنولوجيا والإسماعيلية الجديدة شرق قناة السويس مع تنمية منطقة شمال غرب خليج السويس.

إن تحديات الحيز المكانى المتمثلة فى تركيز السكان فى نحو ٪٧ من مساحة مصر والزحف العمرانى على الأراضى الزراعية التى بلغ معدل تآكلها (١٣ ألف فدان سنويا بين عام ١٩٨٤ – ٢٠٠٧).

جار مواجهته بالمدن المليونية الثلاث الجديدة على أرض سيناء الغالية والمتمثلة فى بورسعيد شرق والإسماعيلية شرق والسويس شرقًا، بالإضافة لمجموعة أخرى من المدن العالمية مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ومدينة الجلالة السياحية، ونوع آخر من المدن الصناعية مثل مدينة الجلود فى الربيكى ومدينة الأثاث فى دمياط.

ثانيا: القدرة الاقتصادية:

الاقتصاد هو العمود الفقرى لباقى قدرات الدولة، إذ يوفر لها الإمكانات والموارد لبناء هياكلها وتطويرها بما يلائم المهام المطلوبة، فهو القدرة الأساسية للدولة وحسب قوتها تجد الدولة مكانا لائقا لها بين دول العالم.

- لقد تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم ليواجه التحديات الاقتصادية التالية:

١- السياسات المالية:

أ- جمود هيكل النفقات العامة.

ب- انخفاض الإيرادات العامة.

جـ - ارتفاع العجز الكلى للدولة.

د- تضخم حجم الدين المحلى للدولة.

٢- السياسات النقدية:

أ- ارتفاع معدل التضخم.

ب- ضعف موقف الاحتياطى النقدى.

٣- التشغيل:

أ- ارتفاع البطالة بين الشباب.

ب- ارتفاع معد البطالة بين الإناث.

جـ -ضعف الكفاءة فى سوق العمل.

د - ارتفاع حجم القطاع غير الرسمى.

٤- الاستثمار:

أ- ضعف معدلات الادخار المحلى.

ب- تراجع الاستثمار الأجنبى.

جـ - عدم ملاءمة بيئة الأعمال.

٥- المؤسسة:

أ- تعدد القوانين وتشابكها.

ب- الحوكمة والشفافية والمساءلة.

جـ- مركزية اتخاذ القرار.

٦- الاقتصاد غير الرسمى:

أ- تعميق مشكلة التفاوت فى الدخول (الأجور).

ب- تفاقم قضية الفقر فى مصر.

جـ- التأثير السلبى على الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى.

د- انخفاض الإيرادات الضريبية.

إن هذه التحديات ما كانت لتواجه إلا من خلال رؤية مستقبلية محددة الأهداف واضحة المعالم وهذا ما تم من خلال الآتى:

الأهداف الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية حتى عام ٢٠٣٠:

١- استقرار أوضاع الاقتصاد الكلى.

٢- تحقيق النمو المستدام لكافة طبقات الشعب.

٣- زيادة التنافسية والتنوع والاعتماد على المعرفة.

٤- تعظيم القيمة المضافة.

٥- دور فعال فى الاقتصاد العالمى قادر على التكيف مع المتغيرات العالمية.

٦- توفير فرص عمل لائقة ومنتجة.

٧- وصول نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع.

٨- دمج القطاع غير الرسمى فى الاقتصاد.

إن تحقيق هذه الأهداف سوف يكتمل بدخول العام ٢٠٣٠ ولكن ما تحقق منها فى خلال السنوات الثلاث الماضية يصل إلى حد الإعجاز مثل ما تمت فى مجال إنتاج الطاقة الكهربائية التى تم إضافة ١٤.٤ جيجا وات ساعة إلى إجمالى الطاقة الموجودة فى مصر ومقدارها ٢٧ جيجا وات ساعة استغرق توفيرها سبعين عاما مضت من عمر البلاد - والانقطاع المستمر للكهرباء كل ساعة قبل العام ٢٠١٤ مازال ماثلا فى أذهان الشعب.

وبخلاف استصلاح ١.٥ مليون فدان وبدء إنتاج عشرين ألف فدان منها ثم دخول ٢/١ مليون أخرى فى حساب الإنتاج خلال العام الحالى سوف يتبعه زراعة باقى المساحة خلال ٢:١ عام، هناك أيضا إضافة ١٠٠ ألف صوبة زراعية بمقدار ١٠٠ ألف فدان ويعادل إنتاجها مليون فدان. هذه الصوب تم إنشاء ٦٠٠ صوبة منها والباقى جار إنشاؤه على قدم وساق.

- هناك حقول الغاز التى ستوفر لمصر ٣.٦ مليار دولار سنويا اعتبارا من العام القادم من (فاتورة الاستيراد البالغة ٣٠ مليار دولار سنويا) وسوف يضاف إلى الدخل القومى من الغاز ٣.٦ مليار دولار أخرى سنويا من تصدير الغاز بعد أن يتم الاكتفاء الذاتى. وهناك دراسات وتعاقدات تتم لإنشاء مجمع جديد للبتروكيماوت بخلاف ما تم افتتاحه العام الماضى فى الإسكندرية.

- أما مثلث الذهب الذى أثبتت الدراسات أنه يحتوى على احتياطى من الذهب يقدر بـ٢٠ مليار دولار فإنه يشكل رصيداً احتياطياً لدعم كل مشاريع التنمية المقبلة.

- فى مجال الإنتاج الحيوانى فهناك مشروع المليون رأس ماشية للتسمين والتكاثر، والذى أنجز منه أول مرحلة وهى تجهيز الحظائر، ووصلت أولى الشحنات وقوامها ٢٤ ألف رأس من أمريكا اللاتينية وسيكتمل المشروع خلال عامين بجميع عناصره.

- المشروع القومى للاستزراع السمكى الذى يهدف إلى وصول الإنتاج السمكى فى مصر إلى ٢ مليون طن سمك سنويا، تم الانتهاء من زراعة أحواض الترسيب شرق قناة السويس وبدأت فى الإنتاج الذى يقدر بـ٥٥ ألف طن سمك سنوياً وجار تنفيذ مشروع بركة غليوم فى كفر الشيخ، الذى سيمثل إضافة كبيرة تزيد على ٦٠ ألف طن سمك سنويا، ثم مشروعات حماية البحيرات الذى يتم تنفيذه على أعلى مستوى وفقا لمعايير الاتحاد الأوربى، ويشمل معملاً للتفريخ لإنتاج الزريعة السمكية ومصنعا لتجميد وتغليف وتعبئة الأسماك والجمبرى ووضع قاعدة بيانات صناعية للاستفادة منها مستقبلا فى مشروعات مماثلة.

- مشروعات استراتيجية تنموية على مستوى الجمهورية مثل مدينة توشكى الجديدة ومشروع محور تنموى متكامل (زراعى صناعى لوجستى) - بنى مزار الذى يدعم اتصال التنمية المتكاملة بين شرق وغرب الجمهورية.

ثالثا القدرة السياسية:

والتى تتمثل فى وجود مؤسسات ديمقراطية قادرة على حشد وإدارة قدرات وإمكانات الدولة لتحقيق أهدافها من خلال آليات ثابتة وراسخة، فإن مصر لم تشهد فى تاريخها المعاصر على أقل تقدير مثل ما تمثله هذه المؤسسات الآن، رغم بعض السحب الخفيفة التى قد تمر دون آثار ضارة، فهذه السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية تعمل فى ظل دستور ارتضاه الشعب بكامل حريته كما تم انتخاب رئيسه ونوابه بكل الحرية، ولولا ذلك ما تمكنت مصر من حشد وإدارة قدراتها فى تحقيق ما تم من إنجازات خلال هذه السنوات القليلة.

رابعا: القدرة الدبلوماسية:

وأبلغ دليل على نجاحها هى تلك العلاقات المتوازنة والراسخة مع القوى الكبرى ومع سائر دول العالم - بخلاف دولة أو دولتين لهما شأن آخر فى التآمر ضدنا.

خامساً القدرة العسكرية:

- بشهادة المؤسسات العالمية المتخصصة فإن جيش مصر الآن فى مصاف الجيوش العشرة الأولى على العالم.

- جيش مصر هو رمز عزتها الذى حمى ثورتها وإرادتها وحافظ على وحدتها وهو الداعم لكل مشاريعها القومية.

- هو الحامى لشعبها وأرضها من خطر الإرهاب والمتصدى الصلب له.

- هو الرادع لكل من يفكر فى تهديد أرضنا أو مصالحنا فى الداخل والخارج.

سادساً: القدرة التقنية والعلمية

مازال أمامنا الكثير لننهض بركب الدول المتقدمة رغم امتلاكنا للإرادة، ولكن ذلك يحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد.. وهو ما ننتظر انطلاقه بمعدلات غير مسبوقة فى الفترة الرئاسية الثانية بإذن الله.

سابعاً: القدرة المعنوية:

فقد تفوق الشعب المصرى على نفسه طيلة السنوات الماضية، لأن القدرة المعنوية للشعب تتمثل فى قدرته على الصبر والصمود فى مواجهة الشدائد والمحن - وفى ثقة الشعب فى قيادته والاتفاق حولها والإصرار على تحقيق الأهداف، وليس أدل على ذلك من مواجهة الشعب لهذه الحالة من غلاء الأسعار بعد تحرير سعر الصرف- لقد أيقنوا أن المعاناة من ازدياد الأسعار هى أشبه بمعاناة المريض من طعم الدواء المر الذى يتجرعه، رغم مرارته لأنه يعلم أن النتيجة هى الشفاء من المرض، وعندما يشفى لن يبقى شىء فى فمه من طعم الدواء.

وأخيرا لقد بدأ الضوء يظهر فى آخر النفق، ولكن هل سيتوقف أهل الشر عن محاولة إحباط هذا الشعب؟

إن أخطر ما يمكن أن تواجهه مصر هو توقف عجل التنمية التى بدأت منذ ثلاث سنوات بعد انتهاء العام الرابع أى الولاية الأولى للرئيس السيسى حين لا يجدد له لفترة ثانية سواء بإرادته أو بإرادة شعبه، لأن خبرتنا من الرؤساء السابقين أن أى رئيس جديد لا يكمل ما بدأه من سبقه، وإنما يبدأ هو مرحلة أخرى جديدة منفصلة عما قبلها، وسوف تكون مصر هى الخاسر الأول.