كتبت: زينب عيسى
لم تكن تتخيل أمينة "سي السيد" أنها قد تدخل الي تاريخ الأدب من أوسع أبوابه بفضل ارتباطها بدرة القاهرة الفاطمية " الغورية " فارتباط الاديب الكبيرالراحل نجيب محفوط بالأماكن داخل رواياته صنع له تفردا أوصله إلى نوبل ،وثلاثية محفوظ"قصر الشوق والسكرية وبين القصرين" قد جرت أحداثها داخل أحياء مصر القديمة وانتقلت شخوصها بين الأحياء الثلاثة، وهكذا الحال مع روايات "زقاق المدق" و"خان الخليلي" و"قشتمر"، وغيرها من الأعمال الإبداعية، التي أعلى محفوظ فيها من شأن المكان ومنحه قيمة كبرى على الصعيد الدرامي ، فالحارة بعشقه لها جعل
منها مدخلاً إلى أي تعبير.
المكان لدى الأدباء هو كائن حي، ينمو، يتحرك، يتأثر، يؤثر، يحب، يكره ،هكذا فعل الكاتب الكبير ابراهيم عبد المجيد في "ثلاثية الإسكندرية" التي بدأها برواية "لا أحد ينام فى الإسكندرية" والتى وصلت ضمن قائمة أفضل مائة رواية فى التاريخ، ليصل بالجزء الثالث إلى القائمة الطويلة لجائزة الرواية العالمية "البوكر" فى دورتها السادسة، كما تناولت رواية عبد المجيد «أداجيو» الصادرة عن الدار المصرية عن خراب الروح، فإنه يعني الكتابة عن خراب الأمكنة، تلك التي تحكي قصة رجل الأعمال المعروف بحبه لزوحته العازفة المميزة في الفرقة السيمفونية، التي تصاب بمرض خطير وتموت، فيحاول الزوج الانطواء بعيدا في بيتهما الذي تحول من جنة لعاشقين على الأرض الى خراب مكاني ونفسي ،والمكان الروائي له قصدية معينة، فهو يتناغم مع رغبة البطل في العزلة والخلوة بحبيبته الغائبة، مثلما هو الأقرب إلى المكان الحلمي الذي يحاول من خلاله استعادة الخلوة بتلك الحبيبة الغائبة عن حضورها الجسدي.
ولم يقتصر الحضور المكاني في الأدب على الروايات فقط، فأليس مونرو حصلت جائزة نوبل عن منجزها في مجال كتابة القصة "وفي وأعمال مثل “أقمار المشتري" و"صديقة شبابي" شكلت فيها الأمكنة المعلومة أو المجهولة أبطالا حقيقيين، فليس جديدا على الأدب أن يتحدث عن الأمكنة، فالعديد من الكتاب كتبوا المدن، والقرى، والمنازل، لكن ما يتركه المكان من أثر هو أهم من الزمان نفسه .