الأحد 16 يونيو 2024

المخالفات المالية تقود "الجسر العربي" للانهيار برعاية "وزارة النقل"

1-6-2017 | 13:18

كتب ـ صديق العيسوي

تعد شركة الجسر العربي، واحدة من المؤسسات المساهمة، التي تأسست بموجب اتفاقية التعاون الملاحي، بين مصر، والأردن، والعراق، في أواخر نوفمبر 1985، برأس مال 6 ملايين دولار. وفي منتصف أبريل 2014، وتم زيادته إلى 100 مليون و500 ألف دولار.

وشهدت الفترة الأخيرة، حالة من التردي في أعمال الشركة؛ تكبدت على أثرها خسائر فادحة، بسبب انتشار المخالفات المالية، والمحسوبية والواسطة، وإهدار المال العام، وهو ما دفع وزير النقل، الدكتور هشام عرفات، إلى مطالبة مجلس إدارة الشركة بخفض نفقات، ورواتب مسؤولي الشركة إلا أنهم أعلنوا رفضهم لقرار الوزير؛ على اعتبار أن خفض الرواتب لن يوقف الخسائر، أو يحد من العجر في المصروفات.

وتمتلك الشركة أسطولا ضخما من السفن، يعمل في مجال نقل البضائع، والمسافرين عبر خط بحري منتظم، بين ميناء العقبة الأردني ومرسى نويبع المصري، وبدأت العمل ببواخر مستأجرة، قبل أن تمتلك أسطولها الخاص المكون من سبع وحدات بحرية، تقدر قيمتها بأكثر من 140 مليون دولار، وسط خطط من الشركة لتعزيز قوة أسطولها في المستقبل القريب.

 أصل الحكاية

لم يكن أحدا في دولة الأردن الشقيقة، "مقر الشركة"، يتحدث عن المخالفات الجسيمة التى يرتكبها مجلس إدارتها، بينما اكتفى البعض بنشر تقرير هنا، أو هناك؛ عن المجاملات، والواسطة، والمحسوبية، التي تنخر في عظامها، إلا أن عام 2011 شهد إطلالة كبرى لهذه المخالفات، وبدأ الإعلام الأردني التنقيب عن مساوئ الإدارة التي أخذت الشركة إلى نفق مظلم.

حريق العبارة بيلا
وفي 2011 شب حريق هائل على متن العبارة :،بيلا" على بعد 10 أميال من ميناء العقبة الأردني، الذي ابحرت منه متوجهة إلى ميناء نويبع المصري، لـ4 أيام متتالية.

وانتهت الرحلة المنكوبة بحادث غرق مثير للجدل، لتستقر على عمق 750م، تحت سطح البحر في المياه الدولية، وحينها حملت وسائل الإعلام شركة الجسر العربي، المالكة للعبارة، المسؤولية كاملة؛ على أساس أن أسطولها البحري غير صالح لاحتوائه على الكثير من العيوب الفنية، والتقنية،

واتهم عدد من خبراء النقل البحري، الشركة بالوقوف وراء حادث غرق بيلا؛ لطمس أدلة إشتعال فيها آنذاك، لكونه متعمدا للحصول على قيمة التأمين بالكامل، والمضمون ببند في اتفاقية إنشاء الشركة. 

ملف التعيينات

خلال فترة تولي حسين الصعوب، مسؤولية الشركة، قرر تعيين العشرات من المقربين له، وخصوصا أبناء المسؤولين الكبار بالدولة، وبلغ إجمالي المعينيين في عهده أكثر من 100 موظف، أغلبهم من الفتيات، اللاتي عملن مع عدد من الوزراء برواتب خيالية، بالإضافة الى تعيين عدد من أقاربه وأقارب المسؤولين الكبار .

وبعد رحيل "الصعوب"، ألغى كاظم طاهر هاشم، المكلف بإدارة الشركة، ممثلا عن الجانب العراقي، بإلغاء قرار تعيين 133 فتاة من محاسيب المدير السابق.  

وعقب القرار تم صرف راتب سنة للمقالين، ومكافأة نهاية الخدمة لجميع العاملين، مما كبد خزينة الشركة نحو 1.5 مليون دينار أردني.

وبعد هذه الواقعة بدأت تتكشف المخالفاتت، والتجاوزات المالية، والإدارية في شركة الجسر العربي للملاحة، خاصة خلال فترة حسين الصعوب، الممتدة ما بين 2003، و2016.

 مخالفات الموازنة

ولم تكشف إدارة الشركة عن صفقات شراء البواخر، وتكلفة التشغيل والإيرادات، وما يقابلها من حجم الإنفاق وما يرافقها من حجم الخسائر وجعلت تلك المعلومات سرية للغاية، لا يعلمها غير واحد، أو اثنيين فقط من المسؤولين.

وبقيت موازنة الشركة السنوية محط اختلاف وإثارة للجدل، واتبع المسؤولين سياسة إقصاء الرافضين لقرارات الإدارة غير المدروسة، وتقريب ما يعرفون بأصحاب الحظوة، وترقيتهم بصورة مخالفة للقانون ولنظام الشركة الداخلي.

إضرابات عمالية  

شهدت الشركة إضرابات عمالية غير مسبوقة، احتجاجا على سياسية الإدارة، واتهم الموظفون إدارة الشركة بالعمل على تدميرها، مطالبين بإقالة هؤلاء المسؤولين.

وذكر العاملون أن الإدارة تمارس سياسة منفردة في إدارة شؤون الشركة، وترفض النظر في مطالب العاملين لتحسين ظروفهم الوظيفية، وهدد الموظفون بالاعتصام حال لم تستجب إدارة الشركة للمطالب.

 شكاوى لتأخر الرحلات

وتصاعدت شكاوى المسافرين عبر بواخر الشركة؛ من تأخر الرحلات عن موعدها لأكثر من ساعتين، في ظل عدم وجود استراحات تليق بالركاب، كما شكوا من أن الباخرة في بعض الأحيان تحمل ركابا فوق طاقتها الاستيعابية، دون وجود أي رقابة من الجهات البحرية المعنية، سواء في الأردن أو مصر. 

فضائح المحاسبات

ورغم مرور 31 عاما على تأسيس الشركة، فإنها لم ترد على مطالبات الجهاز المركزي للمحاسبات، ولم تقدم أي قوائم مالية تكشف الأرباح الحقيقية، والمساهمات، ولم تقدم أيضا محاضر الجمعيات العمومية من سنة 1985 وحتى 2015. 
وكشف مستندات صادرة من ديوان عام وزارة النقل، عن وجود خطاب لرئيس قطاع التشغيل والموازنات، لموافاة ديوان عام وزارة النقل بالقوائم المالية والأرباح والخسائر والميزانية والمساهمات، ومحاضر الجمعية العمومية، لكن رئيس القطاع لم يستجب.
وتوجد تقارير من الجهاز المركزي للمحاسبات، مرسلة إلى ديوان عام وزارة النقل، تفيد بوجود إهدار للمال العام في شركة الجسر العربي، وأوصت التقارير بضرورة توضيح تفاصيل المبالغ المالية التي توردها الشركة لوزارة النقل بالعملة الأجنبية، مع تقديم محاضر الجمعيات العمومية للشركة منذ عام 1985 وحتى 2015 .