الخميس 23 مايو 2024

الحضارة المصرية لا تزال تبوح بأسرارها.. افتتاح هرمي "سنفرو المنحني" و"الكا العقائدي" واكتشافات جديدة بدهشور.. وخبراء: مصدر فخر للمصريين ورسالة للعالم بعظمة مصر.. وتروج للسياحة والآثار عالميا

تحقيقات14-7-2019 | 15:14

لا تزال الحضارة المصرية تبوح بأسرارها وتشهد ميلادا جديدا يوميا بافتتاحات واكتشافات تثير اهتمام العالم، حيث أكد خبراء أثريون أن هذه الاكتشافات والافتتاحات التي شهدتها منطقة آثار دهشور أمس مصدر فخر للمصريين ورسالة للعالم بعظمة الحضارة المصرية، وأنها تعمل على الترويج للآثار والسياحة المصرية عالميا.

فللمرة الأولى منذ 54 يتم افتتاح الهرم المنحني للملك سنفرو بمنطقة آثار دهشور، وهو الأمر الذي جرى أمس بعد الانتهاء من أعمال تطويره وترميمه، بمشاركة نحو 40 سفيرا  من دول أجنبية وأفريقية في مصر، وهو الهرم المسجل على قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو كجزء من جبانة منف الأثرية.

كما كانت منطقة آثار دهشور أمس على موعد مع افتتاح هرم "الكا" العقائدي للمرة الأولى والذي يعود اكتشافه إلى عام 1956 على يد الدكتور أحمد فخري، حيث يبعد حوالي 55 مترا من منتصف الضلع الجنوبي للهرم المنحني.

وفي الوقت نفسه أعلن الدكتور خالد العناني وزير الآثار أمس عن كشف أثري جديد قامت به بعثة أثرية مصرية ظلت تعمل ما يقرب من عام في المنطقة الواقعة على بعد حوالي 300م جنوب شرق هرم أمنمحات الثاني، حيث استطاعت البعثة العثور على جدار أثري متعرج يمتد بطول 60 متر تقريبا إلى الناحية الشرقية ويعتبر هذا الجدار أحد العناصر المعمارية الهامة في عصر الدولة الوسطى.

كما تم العثور أيضا على عدد من التوابيت الحجرية والفخارية والخشبية والتي يوجد بداخل بعضها مومياوات في حالة جيدة من الحفظ، بالإضافة إلي عدد من الأقنعة الخشبية بعضها غير مكتمل، ومجموعة من أدوات الظران التي كانت تستعمل كأدوات تقطيع والصقل من الدولة المتأخرة، مما يشير إلى أن الموقع قد أعيد استخدامه في فترات لاحقة للدولة الوسطى.

وتمت أعمال ترميم وتطوير كل من الهرم المنحني وهرم "الكا" بواسطة قطاع المشروعات بوزارة الآثار، وتضمنت عمل سلالم داخلية وخارجية ومشايات لتسهيل حركة الزوار داخلهما، كما تم عمل شبكة للإضاءة داخل وخارج الهرمين، بالإضافة إلى الانتهاء من كافة أعمال الترميم الدقيق من  تقوية وتدعيم لبعض أحجار الممرات وترميم غرفة الدفن بالهرم المنحني.

 

 

ترويج للسياحة والآثار عالميا

علي أبو دشيش، الخبير الأثري والباحث في الآثار المصرية، قال إن افتتاح هرمي سنفرو المنحني والكا العقائدي والاكتشاف الأثري أمس بمنطقة دهشور هو حدث هام ويعمل على الترويج للسياحة المصرية من خلال مشاركة نحو 40 سفير من مختلف دول العالم، ما يؤدي للترويج للآثار المصرية عالميا ورسالة بالأمن والأمان في مصر.

وأوضح أبو دشيش، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الآثار هي القوى الناعمة لمصر فنحن نمتلك ما لا يملكه أحد في العالم وهي الآثار الفرعونية والتي تسحر قلوب الملايين في العالم بدرجة تجعل مواطني دول العالم يحلمون باقتناء قطعة أثرية لديها، مضيفا إن الاكتشافات والافتتاحات الأثرية رسالة هامة وستحقق طفرة في مجال السياحة وخاصة الثقافية لأن شعوب العالم لديها شغف بالحضارة الفرعونية القديمة.

وأكد أن الافتتاح أمس كان مغامرة شيقة للغاية حيث النزول تحت الأرض لمسافة 90 مترا والصعود مرة أخرى وكان رسالة هامة للعالم، مشيرا إلى أن مصر تنتظر في المرحلة القادمة افتتاح متحف الحضارة ونقل المومياوات إليه وافتتاح المتحف الكبير وهي كلها مشروعات ثقافية عالمية ترجح قوة مصر الثقافية للعالم أجمع.

وأشار إلى أن الملك سنفرو بني أربعة أهرامات، الأول في ميدوم، وقد بناه كهرم مدرج ثم تركه دون أن يكتمل ثم بني هرمه الثاني، الذي يطلق عليه اسم «الهرم المنحني»، وذلك بسبب تغيير زاوية البناء، وبعد ذلك بنى الهرم الكامل المعروف باسم «الهرم الأحمر»، أو «الهرم الشمالي»، الذي يقع بجوار الهرم المنحني، ثم ذهب إلى منطقة سيلا بالفيوم ليبني شكلاً هرمياً، ولكن من دون حجرة دفن.

وأضاف إن العلماء يرجحون أن هذا الشكل هو تمثيل للتل الأزلي الذي ظهر عليه الإله الخالق لكي يخلق هذا العالم في عين شمس أول عاصمة دينية لمصر، وبنوا بجوار هذا التل قصراً لكي ينزل فيه الملك عندما كان يتولى موظفوه جمع الضرائب، مضيفا "نعتقد أن سنفرو عاد إلى ميدوم لكي يحول الهرم المدرج إلى هرم كامل، أي أن هرم ميدوم يشير إلى بداية ونهاية حكم الملك سنفرو".

وأشار إلى أن العديد يعتقدون أن سنفرو قد دفن بالهرم المنحني لأن عناصر الهرم المعمارية متكاملة، بل وتم الكشف بجواره عن مقابر العمال الذين بنوا هذا الهرم، مشيرا إلى أنه من عجائب هذا الهرم أن عبد السلام حسين وأحمد فخري، اللذين عملا داخل هذا الهرم، ذكرا وجود تيار هواء بارد يأتي من الداخل.

ولفت إلى أن عالم الآثار للدكتور زاهي حواس  إلى أعلى مكان داخل الهرم المنحني، وجلس لمدة ساعة تقريباً، ولاحظ الهواء البارد نفسه يخرج من داخل الهرم، مما يؤكد وجود حجرة سرية داخل الهرم.

 

مصدر فخر للمصريين

ومن جانبه، قال عماد مهدي، عضو اتحاد الأثريين المصريين، إن الاكتشاف الأثري أمس بمنطقة آثار دهشور وافتتاح هرمي سنفرو المنحني والكا العقائدي هو حدث تاريخي حيث أن منطقة دهشور تمثل عصر الدولة القديمة وهي فترة غنية وبدأت فيها نهضة الحضارة المصرية في شتى مجالات العلوم.

وأوضح مهدي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن اكتشاف مقبرة للنبلاء والأفراد تكون لها أهمية أكبر من اكتشاف مقبرة ملك من الملوك، وتمثل ثروة قومية لأن تلك المقابر وما تحتويه من توابيت تسجل الحياة اليومية للمصري القديم أكثر من المقابر الملكية التي تسجل حروب الملك وانتصاراته وإنجازاته.

وأكد أن الاكتشاف الأثري أمس ينتمي لفئة مقابر النبلاء والأشخاص والتي تكشف معلومات جديدة عن المجتمع المصري حينها واحتفالاتهم اليومية وطقوسهم وهي كنز من المعلومات عن الحياة اليومية حينها، مضيفا إن الافتتاحات الأثرية أمس أيضا تحمل أهمية خاصة لزيادة وعي الشباب ممن لم يدرسوا علم المصريات وتعميق الهوية المصرية.

وأشار إلى أن هرم سنفرو المنحني يكشف مراحل تطور بناء الأهرام بدءا من عصر الملك زوسر بناة الأهرامات وهو الأسرة الثالثة ثم الأسرة الرابعة ثم المرحلة الأخيرة ببناء هرم خوفو الذي يعد من عجائب الدنيا السبعة، مضيفا إن بناء الأهرامات هو صناعة المستحيل فمرت بعدة تجارب منها هرم سنفرو المنحني الذي شهدت اختلاف في زوايا البناء بما أدى لهذا الانحناء.

وأكد أن هذا الهرم دلالة على عملية تطور بناء الهرم من مقبرة زوسر "المصطبة" ثم الهرم المدرج ثم الهرم المائل ثم بقية الأهرامات الأخرى كالهرم الجنوبي إلى أن جاء عصر الملك خوفو والوصول إلى الكمال الهندسي في مرحلة بناء الأهرامات، مضيفا إن تلك الاكتشافات لها بعدا ثقافيا وتنمويا وزيادة الوعي الأثري عند المصريين ليفتخروا بحضارتهم وأن بناء الأهرامات ليست وليدة الصدفة وإنما سبقها مراحل أدت لهذا البناء الهندسي الذي يفخر به العالم كله.

ولفت إلى أن الافتتاح مناسبة هامة ويبعث برسالة لجميع دول العالم عن طريق سفراؤهم أن الحضارة المصرية لا تزال تبوح بأسرارها وأن مصر تشهد يوميا ميلادا جديدا واكتشافات جديدة، مضيفا إن هذه دعوة للعالم لزيارة مصر وأنها تمتلك أكثر آثار العالم لكونها أقدم الحضارات.