الأحد 19 مايو 2024

برد الصيف أحدّ من السيف

صوررة تعبيرية

16-6-2022 | 09:56

كتبت : هند عطاالله

 

برد الصيف من الأمراض التى يعانى منها الكثير من الأشخاص، ويعتقد معظم الناس أنه لا يمكنك الإصابة بنزلة برد إلا خلال فصل الشتاء، ولكن هذا ليس صحيحًا لأن الكثير من الأشخاص يعانون من البرد خلال فصل الصيف، وتحدث نزلات البرد الصيفية بشكل رئيسى بسبب الفيروسات المعوية التى تسبب التهاب الحلق وسيلان الأنف والأمراض المعوية.

تُرى هل البرد والأنفلونزا مرضان منفصلان أم أنهما وجهان لعملة واحدة؟ ولماذا يشعر البعض باختلاف فى طبيعة المرض و تأثيره على الجسم باختلاف فصول السنة؟ إلى محتوى التحقيق.

يوضح الأستاذ الدكتور حاتم بدران أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بكلية طب قصر العينى إن البرد أو الأنفلونزا من الأمراض الشائعة التى يمكن أن يصاب بها الشخص فى أى وقت خلال العام وغير مقتصر على فصل الشتاء فقط ، بل على العكس فى كثير من الأحيان نستقبل مرضى البرد فى فصل الصيف موضحًا أنه توجد عوامل تحفز الإصابة فى فصل الصيف بالتحديد ، مما تجعل الشخص عرضة للإصابة بالبرد فى الصيف أكثر من الشتاء ، مثل التخفيف من الملابس بشكل كبير والخروج بها من المنزل دون مراعاة انخفاض درجات الحرارة ليلاً خاصة فى الأماكن المفتوحة ، مما يجعله عرضة لمواجهة تيارات الهواء الباردة فيصاب بالبرد ، كما أن النوم بملابس خفيفة مع فتح النوافذ ليلاً يجعل الشخص عرضة للإصابة بنزلات البرد .

ويوضح أن الجلوس فى الهواء الطلق والسهر ليلاً فى الأماكن المفتوحة قد يعرض الشخص لنزلات البرد نتيجة التعرض لتيارات الهواء البارد مشيرا إلى أنه عندما يخرج شخص من مكان حار إلى مكان بارد مباشرة أو العكس مثل الرجوع من الخارج فى الجو الحار والدخول إلى مكان مكيف فإن ذلك يعرض الفرد لنزلات البرد .

 ويضيف د. بدران من أحد أسباب الإصابة بنزلات البرد عدم التهوية الجيدة للمنازل وإبقاء النوافذ والشرفات مغلقة والاعتماد على هواء التكييفات فقط ، مما يؤدى إلى عدم تجديد الهواء فتتكاثر البكتيريا، مما يتسبب فى انتشار العدوى..

كما يوضح أننا فى فصل الصيف نعتمد على تناول المشروبات الباردة والمثلجة التى تجعلنا عرضة لالتهابات الحلق علاوة على أن بعض الأشخاص فى الصيف ومع ارتفاع درجة الحرارة يقوم جسمهم بإفراز العرق بشكل كثيف لدرجة تبلل ملابسهم ، وعندما يتعرضون لهواء بسيط يصابون بالبرد.

ويذكر د. بدران أن برد الصيف قد يكون أقوى من برد الشتاء، وذلك لأننا فى الشتاء نستطيع توجيه المريض لضرورة ارتداء ملابس ثقيلة وتدفئة الجسم جيداً مع شرب السوائل الساخنة ، وتلك التعليمات صعب جداً اتباعها فى الصيف. 

أما عن طرق الوقاية من الإصابة ببرد الصيف تكون عن طريق شرب الكثير من السوائل بعيداً عن  المشروبات التى تحتوى على الكافيين مثل الشاى والقهوة ، وذلك لأنها تعتبر مدرة للبول وتسبب جفاف الجسم، مما يزيد من فرصة الإصابة ..

ويؤكد  على ضرورة شرب المياه باستمرار وشرب العصائر الطبيعية والأعشاب الدافئة مع تناول أكل صحى غنى بالمواد الغذائية المفيدة من المعادن والفيتامينات ، وتجنب الوجبات السريعة مع التقليل من السكريات والحلوى لأنها تزيد من فرصة الإصابة.

كما يوصى د. بدران بضرورة تناول القسط الكافى من النوم يومياً فى الليل وليس فى النهار لمدة ٨ ساعات كاملة ، وعدم الإجهاد لأنه يضعف من مناعة الجسم، مما يجعله فريسة سهلة لأية عدوى.

ويتفق معه د. مصطفى الديب اخصائى جراحة الأنف والأذن و الحنجرة  حيث يحذر كلا الطبيبين  من إهمال المريض لحالته الصحية فى حالة إصابته بنزلات البرد ، فإذا لم يتم العلاج بالشكل الصحيح قد يؤثر ذلك على صحة الجسم ويتطور إلى التهابات أشد.

فمثلاً احتقان الحلق البسيط يمكن أن يتطور إلى التهابات صديدية فى اللوزتين ، التى قد تحتاج إلى علاج مكثف بشكل أكبر ، وقد تتسبب فى مشاكل مزمنة فى اللوزتين، وفى حالة التهاب الجيوب الأنفية بدوره يسبب فقدانا مؤقتا فى حاسة الشم. وقد ينتقل الميكروب من الحلق أو الجهاز التنفسى بشكل عام إلى الأذن فيتسبب فى التهابات فى الأذن الوسطى ، كما يمكن أن يؤثر على الجهاز التنفسى السفلى مثل التهابات الحنجرة ، أو التهابات القصبة الهوائية والرئتين، كما أنه قد يسبب آلاما فى المفاصل وارتفاع درجة حرارة الجسم مع الشعور بالكسل والخمول.

ويوصى -الديب- بضرورة التوقف عن العادات الخاطئة التى تزيد من احتمالية الإصابة بالمرض ، مثل من يعانون من الحساسية يجب عليهم تجنب الدخان، والعطور، و البخور و الروائح النفاذة ، كما ينصح بتجنب الخروج من مكان دافئ إلى مكان بارد مباشرة و العكس.

أيضا  ينصح بعدم تناول الأطعمة شديدة الملوحة و الحريفة ، أيضا الأطعمة المسبكة،  و ذلك لما فيها من تأثير سلبى خطير على صحة المريض فى هذا الوقت، وعدم الاختلاط بالمرضى أو المشتبه فيهم أنهم يحملون المرض حتى لا تنتقل العدوى، و أخذ كافة الاحتياطات اللازمة إذا تطلب الأمر، وتجنب الجلوس أو النوم فى اتجاه تيارات الهواء المنبعثة من المكيفات و المراوح.

وفى حالة التعرق الشديد يجب خلع الملابس تدريجياً حتى لا يصطدم الجسم بالهواء و يصاب بالمرض، وعدم فتح الثلاجة فى حالة تبلل الجسم سواء من العرق أو بعد الاستحمام، وتناول فيتامين سى و يفضل الأقراص لأن الليمون قد يسبب احتقانا شديدا فى الحلق مع تناول الفاكهة وخاصة الجوافة و البرتقال لاحتوائهما على فيتامين سى .

ويدعو إلى ضرورة التوجه للطبيب فوراً فى حالات ارتفاع درجات الحرارة،  الصداع الشديد، إفرازات ملونة و فى حالة عدم امتثال الجسم للعلاج على أن يتم الامتثال للعلاج المحدد الذى وصفه الطبيب و ضرورة الانتظام فى الجرعات حتى يشفى الجسم من الفيروس بشكل كامل ولا تحدث انتكاسة.

فى ذات السياق، يقول الدكتور أمجد الحداد مدير مركز الحساسية و المناعة بهيئة المصل و اللقاح: إنه يجب الفصل بين أدوار البرد و أدوار الأنفلونزا لأن الفيروس المتسبب فى البرد مختلف عن الفيروس المتسبب فى  الأنفلونزا مؤكدًا أن أدوار البرد تكون أكثر شيوعاً فى الشتاء و تظهر فى صورة احتقان بسيط فى الحلق، ومشاكل فى الجهاز التنفسى العلوى مثل الزكام، والرشح، والاحتقان البسيط فى الحلق و يكون المريض قادراً على ممارسة نشاطه الطبيعى بدون ارتفاع حرارة الجسم بشكل شديد.

أما الأنفلونزا فهى مرض سريرى ينتشر فى فصلى الشتاء و الصيف، و فيه ترتفع درجة حرارة المريض إلى ٤٠درجة يصاحبها آلام شديدة فى العظام ، مما يجعل الشخص عاجزا عن القيام بمهامه اليومية و يشكو فيه من الشعور بتكسير فى العظام و يقول باللغة الدارجة إنه مصاب بدور برد شديد، و لكن فى الحقيقة هو مصاب بالأنفلونزا.

وهذا النوع هو الأكثر شيوعاً فى الصيف،  و لذلك ينتشر بين العامة الانطباع بأن برد الصيف أشد من برد الشتاء،  و لهذا نصحح المفهوم الخاطئ هنا و نقول:  إن تلك هى عدوى الأنفلونزا و ليس البرد، لأن ڤيروس البرد هو فصيل مختلف تماماً عن ڤيروس الأنفلونزا و هو أبسط بكثير منها، لأن الأنفلونزا تتسبب فى ارتفاع شديد فى درجة حرارة الجسم  و الخمول و آلام شديدة فى العظام،  كما أنها يمكن أن تؤدى إلى مشاكل تنفسية و مضاعفاتها أخطر بكثير من البرد قد تصل إلى التهاب رئوي.

ويؤكد -الحدّاد- أن انتشار نزلات الأنفلونزا فى الصيف على الأغلب بسبب الانتقال السريع من مكان دافئ إلى مكان بارد بسبب التكييف أو المراوح، أو أن يخرج الشخص بعد الاستحمام أو الوضوء فى مواجهة تيار هواء بارد سواء بسبب أجهزة التبريد كالتكييفات و المراوح أو بسبب خروجه إلى مكان مفتوح ذات تهوية شديدة، أما فى الشتاء فيصاب البعض بأدوار البرد البسيط نتيجة الهواء البارد .

ولهذا ننصح بضرورة التطعيم بمصل الأنفلونزا فى الشتاء الذى بدوره  يقلل فرصة الإصابة بالمرض فى الشتاء و يقوى المناعة فى الصيف.ولكن يجب التوضيح أن مصل الأنفلونزا يمنع الإصابة بالأنفلونزا، و لكن لا يمنع برد الشتاء.

ويحذر من مضاعفات نزلات البرد العادية بشكل عام التى تظهر فى صورة التهاب الجيوب الأنفية لأنه يصيب الجهاز التنفسى العلوى أكثر،  كما يؤثر على الأذن الوسطى فى بعض الأحيان ولا يؤثر على باقى الجسم، حيث إن مضاعفات الأنفلونزا والمتمثلة بشكل خاص فى ارتفاع درجة حرارة الجسم قد تسبب تشنجات، والتهابا رئويا، و قد يصل الأمر إلى الوفاة فى أشد الحالات.