الجمعة 17 مايو 2024

أمراض تهدد صحة شبابنا النفسية

.

20-6-2022 | 18:01

كتبت : نفيسة سعيد

أمراض عديدة تهدد صحة شبابنا النفسية، قد يعود بعضها إلى البيئة المحيطة بينما يعود البعض الأخر إلى أسلوب التربية، وفى كل الحالات فإن مثل هذه الأمراض تعوقهم عن تحقيق أحلامهم، بل والمشاركة فى بناء مستقبلهم ومستقبل وطنهم، فكيف نجنب شبابنا الإصابة بمثل هذه الأمراض، هذا هو ما نتعرف عليه تفصيلياً من خلال نخبة من الخبراء والمتخصصين.
الأستاذ الدكتور عادل المدني أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر يقول إن هناك أسبابا عديدة تؤدي إلى تهديد شبابنا بأمراض نفسية، ولكنها تبدأ من التربية واحتواء الأسرة للطفل من الصغر، والشعور بالأمان من عدمه، وانشغالهم بجمع المال أو السفر كل هذا يؤدي إلى التعرض لبعض الأمراض  النفسية مثل (القلق والاكتئاب والخوف والهلع). 
ويوضح أن هناك أمراضا نفسية مثل: الفصام واضطراب ثنائي القطب هذه الأمراض لها علاقة بالتغيرات الكيميائية بالمخ والمرتبط به الجهاز العصبي،  وأسباب الإصابة تكون من خلال نقص أو زيادة فى إفراز المادة التي تحدث خللا فى الجهاز العصبي. 
أما الأمراض الأخرى مثل (القلق والخوف والهلع والاضطرابات الشخصية) فكلها أمراض مكتسبة من البيئة المحيطة للطفل وأسلوب التربية، ومن أسبابها أيضا عدم المثول أمام القواعد السليمة للتربية فى محاولة الضغط على الطفل أو الشاب فى تنفيذ الأوامر لتحقيق كل المتطلبات الحياتية أو الحرمان، وكل هذا يؤدي إلى ضغوط نفسية.
زيادة نسبة حالات الانتحار فى مصر والعالم
 يشير الدكتور عادل إلى أن هناك دراسات توضح أن نسبة الأمراض النفسية فى مصر والعالم متقاربة، وهذا لأن المرض فى الماضي لم يشخص جيدا وكانت هذه الأمراض غير معروفة، وعند اكتشافها وجدنا البعض يعتبرها وصمة عار لذا تخفى بعض الأسر أن لديها مريضا نفسيا. ولكن بعد التقدم الطبي والطفرة التي حدثت فى هذا التخصص والوعي ظهرت هذه الأمراض وكأنها جديدة على المجتمع.
أما بالنسبة لحالات الانتحار والنسبة بين مصر والعالم، فى الحقيقة مازالت النسبة فى مصر أقل من العالم لأننا مجتمع تحكمه التقاليد والوعي الديني، وبالتالي فإن النسبة أقل من البلاد الأخرى، ولكن اليأس فى كثير من الأمور الحياتية يدفع الشباب للانتحار وهذا أكبر عدو يواجه الشباب، لذا فقبل الانتحار يمر الشاب بمراحل كثيرة مثل: القلق وهذا درجة من درجات الهلع ثم الاكتئاب ثم الانتحار. 
سبل المواجهة
 يوضح الدكتور عادل سبل مواجهة كل هذه الأمراض بالآتي: 
- الوعى ولاسيما الإعلام 
- انشغال الشباب بالرياضة.
- وعى الأسرة بالتربية الصحيحة  فليس من الضروري الجلوس مع الأولاد عدد ساعات كثيرة، ولكن انظر إلى كيفية استغلال الوقت القليل مع الأولاد فى أن يكون مثمرا.
- عدم توجيه  الانتقادات والأوامر باستمرار.
- إعطاء الطفل أو الشاب الثقة لبناء شخصية سليمة.
هل التكنولوجيا متهمة؟
 يضيف الدكتور عادل أن التكنولوجيا لها دور كبير فى التأثير على نفسية الشباب لأنها سلاح ذو حدين، فهي أحيانا تستخدم فى مشاهد ضارة أو تأخذ وقتا كبيرا من الشباب مما يجعلهم فى عزلة عن الأسرة والمجتمع .
كما أن هناك بحثا  تم عمله عن ما هو الشيء الذي يؤثر فى سن المراهقة؟ فى الحقيقة ظهر أولا: الإعلام بكل أشكاله، ثانيا: الأصحاب، ثالثا: المدرسة، ورابعا: الأسرة، هنا أصبحت الأسرة الترتيب الرابع فى تأثيرها على الشباب أما بالنسبة للإعلام والسوشيال ميديا ليس كل ما هو معروض على النت صحيحا، هناك الكثير من المعلومات المغلوطة والتجارب الشخصية غير الصحيحة ومن أخطر التأثيرات على الشباب فى الميديا هو التواصل مع البعض فى الدول الأخرى مثل: أمريكا وأستراليا وأوروبا وللأسف شبابنا لم يأخذ من الغرب إلا  بعض الأمور السلبية التي لا تتناسب أحياناً مع مجتمعنا، وبالتالي فإن التكنولوجيا أثرت على شبابنا بالسلب وجعلتهم فى عزلة عن التواصل مع الأسرة والمجتمع.
النصائح
ينصح الدكتور عادل الأسرة بالاهتمام بالأطفال وعدم الإهانة والضرب والانتقادات المستمرة والتنمر، وعدم توجيه الأوامر لأن هذا  يؤثر على الحالة النفسية لهم ولأن هؤلاء هم شباب المستقبل فلابد أن يتربى الطفل على الأمان والأسلوب السليم للحياة،  ليكون إنسانا سليما نفسيا يفيد نفسه والمجتمع.
فى نفس السياق تطرقت الدكتورة يسر كاظم أستاذ التغذية الطبية بالمركز القومي للبحوث إلى علاقة التغذية بأمراض العصر وعلى رأسها الأمراض التي تصيب الحالة النفسية والحالة المزاجية على مستوى  العالم، وتوضح أن التغيير السريع فى نمط الحياة خلال الثلاثين عاما السابقة من أهم أسباب زيادة معدلات الإصابة بالأمراض النفسية على مستوى العالم، حيث فقد الإنسان علاقته القوية بالطبيعة الذي هو جزء لا يتجزأ منها وهذا الانفصال الحاد والسريع والذي أبعده عن المنظومة المتكاملة التي عاشها خلال عقود كثيرة مع الطبيعة، ومن ثم أشعره هذا بالغربة والخوف والوحدة، ولذا بناء على العلم الحديث أصبحت هناك علاقة وثيقة بين الجهاز الهضمي والمخ وصحته ووظائفه النفسية والمزاجية والاكتئاب والهلع وأمراض المناعة والسرطان إلى آخره. ومجرد أن يعاني المخ يؤثر ذلك على الجهاز الهضمي من حيث نوعية الأمراض مثل: القولون العصبي، أمراض المناعة، المستعمرات الجرثومية التي تعيش وتتكاثر داخل الجهاز الهضمي حيث من المعروف أن داخله القولون وتوجد به ملايين من المستعمرات البكتيرية التي تحدد  كثيرا من الأمراض، هذه المستعمرات البكتيرية لها نوعان، نوع له فائدة للإنسان من خلال إفراز بعض الفيتامينات مثل (ك- و -ب ) وإفراز  بعض المواد العصبية مثل السيروتونين الذي يساعد على تحسين الحالة المزاجية ورفع المناعة ورفع الحالة الإدراكية للمخ والتي تتحدد نوعيتها بنوعية الغذاء الذي يتناوله الإنسان مثل: (الخضراوات والفاكهة بالإضافة للكركم وبذر الكتان للطعام أيضا تناول الشاي الأخضر والشوكولاتة الداكنة والاعتماد على تناول البروتينات النباتية مثل: البقوليات وتناول المكسرات مثل: الفول السوداني والسمسم، هذه النوعيات تغطى الاحتياجات الغذائية الجيدة والمفيدة بدون أضرار، وتزيد من تكاثر البكتيريا النافعة على العكس من زيادة تناول السكريات والدهون سواء المهدرجة التي هي على رأس قائمة الممنوعات أو الدهون غير المهدرجة الموجودة فى اللحوم وجلود الطيور، ويفضل إزالة جلود الطيور قبل الطهى والإقلال من اللحوم الحمراء، حيث ثبت أن كثرة تناولها يزيد من حالة الالتهابات العامة فى الجسم وأيضا البكتيريا الضارة التي تؤثر بالسلب على الحالة المزاجية والمناعية للإنسان، كما تؤثر البكتيريا الضارة على الجهاز الهضمي والمناعة والمخ من خلال إفراز مواد تقلل من إفراز بعض المؤثرات العصبية التي تؤدي فى النهاية إلى خلل فى الحالة المزاجية والنوم أيضا والتركيز وحتى فى القدرة على الاستيعاب مما يؤثر ذلك على احتمالية إصابة  الإنسان بالزهايمر.
 كما تشير الدكتورة يسر إلى أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أوصت أن تكون الحقبة القادمة هي المساعدة  فى حل المشاكل النفسية وتقليلها على مستوى العالم، وقد صنف الاكتئاب بأنه الرابع على مستوى الأمراض النفسية المنتشرة، حيث إنه له عواقب وخيمة اجتماعيا وماديا على مستوى العالم وليس على مستوى مصر فقط، ومن هنا كان اجتهادنا فى شتى الطرق لتقليل هذه المشاكل، ومن هنا ظهر تخصص جديد يسمى Òالتغذية النفسيةÓ وهو فرع من فروع علم التغذية الخاص بالحالات النفسية الخاصة بالمخ، ومن ثم تم نشر الكثير من الأبحاث خاصة بهذا السياق وعلى رأسها أنواع معينة من البكتيريا النافعة لعلاج الكثير من أنواع الاكتئاب وعلاج بعض أمراض الضغوط النفسية مثل (MS) فهو مرض من الأمراض المناعية الذى يصيب الجسم، وقد ثبت أنه يتأثر بنوعية البكتيريا التي تعيش داخل الجهاز الهضمي والتي تتحدد بناء على أنواع الغذاء الذى يتم تناوله .
كما توضح  الدكتورة يسر كاظم أن الأبحاث أثبتت أهمية عنصر الزنك فهو من العناصر الصغرى التي لها أهمية قصوى فى الحفاظ على المخ ووظائفه فى أحسن أحواله، ولكننا للأسف فى مصر نكثر من تناول الشاي بعد الطعام مباشرة، لذا فإن الوسيلة لتعزيز مستوى الزنك فى الجسم تناول السمسم والفول السوداني وعدم تناول الشاي بعد الوجبات مباشرة لأن الزنك مثل الحديد لا يتم امتصاصه بصورة جيدة.
وتشير أيضا إلى أنه من الأبحاث المهمة فى الفترة الماضية هو بحث ناقش التفاعلات التي تحدث بين الفيتامينات التي يتم تناولها بطريقة عشوائية مع بعض الأدوية، فقد ثبت أن بعضها يتفاعل بطريقة سلبية مع الأدوية التي يتم تناولها ولاسيما أدوية الاكتئاب والضغط والسكر، وكان الهدف من هذا البحث توعية الإنسان بتناول الفيتامين من الأطعمة الطبيعية، وذلك على مستوى الأطفال والكبار وهذا جعلنا نضع أسسا لمحاولة الرجوع إلى الطبيعة بقدر الإمكان بما فى ذلك أهمية التعرض لشمس الصباح بالنسبة للأطفال والكبار، حيث ثبت أن التعرض للشمس بصورة مباشرة تحسن الحالة المناعية للجسم، وهذا جزء لا يتجزأ من تغيير نمط الحياة، فقد أصبحت الحياة كلها داخل المنازل مغلقة مع عدم التعرض للهواء النقي والشمس، وتناول الأطعمة المصنعة البعيدة عن الطبيعة، وأيضا النوم فى مواعيد متأخرة وعدم أخذ قدر كاف من الراحة يؤثر بالسلب على الحالة العصبية والمزاجية للإنسان، وبالتالي يؤثر بالسلب على كفاءة المخ بصفة عامة، ولذا نؤكد على أهمية النوم حيث إنه مرتبط بالساعة البيولوجية الموجودة بالمخ، والتي تبدأ بالتنبيه لأشعة الشمس الطبيعية  عند الاستيقاظ صباحا.
النصائح 
تنصح الدكتورة يسر كاظم الجميع وخصوصا من يعانون من الأمراض النفسية والعصبية ولاسيما الضغوط النفسية مثل: الأمراض المناعية والقولون العصبي وسرطان وأمراض القلب بالعودة إلى الطبيعة واتباع الآتى:
-تناول الطعام غير المصنع.
-الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه والبقوليات بالإضافة إلى الكركم والتوابل حيث ثبت إنها تحتوي على العناصر الغذائية الجيدة على رأسها مضادات الأكسدة والتي تساعد على إبقاء  المخ فى حالته المزاجية الجيدة كما إنها تعمل على تأخر الشيخوخة. 
- الإقلال قدر المستطاع من السكريات لأنه ثبت أن زيادة السكر يساعد على الإصابة ببعض الأمراض مثل: الزهايمر والاكتئاب بنسبة 30%، أيضا التقليل من بدائل السكر.
- النوم لما له من تأثيرات نفسية وعصبية، حيث الارتباط الوثيق بالنمط  الغذائي، فمن المهم جدا عدم تناول مواد عالية السكريات والدهنيات والسعرات الحرارية قبل النوم مباشرة ..
- عدم تناول  الأطعمة قبل النوم على الأقل بأربع ساعات حتى لا يكون النوم مضطربا، كما نوصى بتناول الوجبات قبل غروب الشمس حتى يكون الإنسان لديه القدرة على الاستفادة منه، وأيضا يساعد الإنسان أن يكون فى حالة استرخاء ونوم مستقر فى المساء،  أيضا تجنب تناول كميات كبيرة من المياه والشاي والقهوة قبل النوم مباشرة.