الأربعاء 27 نوفمبر 2024

د. أمير عاصم عبد المنعم: قبل إعطاء أبنك حقنة البنسلين!

.

20-6-2022 | 18:00

د.أمير عاصم أخصائي جراحة العظام والعمود الفقري

نتحدث اليوم عن أحد الموضوعات الهامة جداً المتعلقة بمشاكل العظام لدى أطفالنا، حيث أرغب دائماً فى مشاركة قراء المجلة فى عرض الأمور الشائكة التي تصادفنا.
حضر إلينا فى العيادة طفل فى سن الثالثة عشرة  مع والده الذي أوضح لنا أن ابنه يشكو من آلام فى المفاصل، وقد قال له أحد الأقارب أو المعارف إنه يجب أخذ حقنة بنسلين، ولكنه شعر بالقلق فجاء ليتأكد من صحة هذا الكلام، وهنا تكمن المشكلة حيث إن الذي نصحه بحقنة البنسلين قال له ذلك على فرض أنه مصاب بحمى روماتيزمية دون أي علم أو دراية بالأمر، لذلك يجب التوضيح بأنه ليس كل طفل يشكو من آلام بالعظام مصابا بالحمى الروماتيزمية، لأن لها بعض المؤشرات المعروفة التي يعتمد عليها الطبيب بالإضافة للتحاليل والفحص الإكلينيكي لتشخيص الحالة وإعطاء العلاج المناسب.
وهنا يأتي السؤال المُلح: طالما الطفل يشكو من آلام المفاصل ولا يعاني من الحمى الروماتيزمية، فما السبب إذاً فى تلك الآلام..؟!!
هناك عدة أسباب لتلك الآلام، ومنها كالتالي:-
-أحد العوامل الوراثية الجينية التي تؤدي إلى عيوب خلقية فى العظام وشكل المفصل وتكوين الهيكل العظمي وجودته.
-الإصابة بفقر الدم (الأنيميا) 
- نقص الكالسيوم أو فيتامين (د) 
- وجود أملاح أو صديد فى البول 
- الإصابة بأنواع من الالتهابات 
- مع نوع النشاط الذي يمارسه الطفل يظهر تقوس أو اختلاف فى شكل الغضروف أو تركيب الحوض أو تسطح فى القدمين أو غير ذلك 
وبناءً عليه لا يصح عند شعور الطفل بألم فى المفاصل أن يأخذ حقنة بنسلين طويلة المفعول اعتمادا على نصائح من غير المتخصصين، حيث إن آلام عظام الأطفال تكون تحت تشخيص مشترك بين كلٍ من أخصائي الأطفال وجراح العظام.
وعندما يزور الطفل العيادة يطرح الطبيب عليه وعلى والديه مجموعة من الأسئلة مثل:
- منذ متى يشعر بهذا الألم ؟
- هل يشعر بالألم ليلاً أم نهاراً ؟
-  هل الألم مرتبط بالقيام بمجهود أم لا ؟
- هل هناك أي تورم بالجسم ؟
- هل درجة حرارة الجسم ترتفع أم لا ؟
- هل هناك تغير فى شكل الأطراف ؟
- هل الألم يتسبب فى الاستيقاظ مساءً أم لا ؟
وبالتالي نكوّن صورة عامة من الطفل ووالديه عن تاريخه المرضى، ثم تبدأ بعد ذلك مرحلة الفحص الإكلينيكي لرؤية شكل المفصل ومعرفة أماكن الشكوى وإن كان هناك تورم أو احمرار، بالإضافة لاختبارات بسيطة لمشاهدة إن كان هناك خلل فى المشي أو صعوبة التحميل على أحد القدمين أو إن كان هناك صعوبة فى الجلوس أو الوقوف، ثم تأتي المرحلة الأخيرة بطلب بعض الأشعة لرؤية تكوين العظام من الداخل لتحديد الحالة بشكل أكثر دقة وأيضاً بعض التحاليل مثل صورة دم كاملة أو كالسيوم أو فيتامين (د) حسب رؤية الطبيب للحالة، وأرجو من الوالد ألا يتضرر من عمل الأشعة والتحاليل لأن لهما دوراً رئيسياً فى إرشادنا للحالة، وبالتالي سرعة الوصول للعلاج السليم.
وتأتي بعد ذلك مرحلة العلاج على حسب كل حالة، حيث إنه يمكن أن يكون الطفل فى حاجة لطبيب أطفال أو تغذية أو مناعة وليس شرطاً أن يكون فى حاجة لطبيب عظام.
وبالتالي الهدف من هذا الحديث هو التوضيح بأن ليس كل ألم بالعظام عند الأطفال يفسر بأنه حمى روماتيزمية بل يمكن أن تكون الأسباب أقل أو أكثر خطورة، والتأكيد بعدم إعطاء علاج لابنك دون استشارة طبيب بأي حال من الأحوال، حتى أنه بفرض حدوث خطأ منك وتوجهت لطبيب فى غير التخصص المطلوب تأكد أنه لن يخجل من توجيهك للطبيب المناسب والأكثر إفادة لطفلك، خاصة أن جرعات العلاج لدى الأطفال تقاس على حسب وزن الطفل وعمره، وبالتالي تختلف على حسب كل طفل، لذا نرجو من أعزائنا القراء الاهتمام بالأمر.